أثار الحراك الدائر في غرب
ليبيا بعد
إصدار الحكومة عدة قرارات وتعيينات عسكرية جديدة بعد أزمة إيقاف وزير الداخلية
هناك، عدة تساؤلات حول مستقبل الأوضاع هناك، ومدى توقف التظاهرات بعد تعهدات بحل
المشكلات ومحاسبة الفاسدين.
وكان قرار إيقاف وزير الداخلية، فتحي
باشاغا والتحقيق معه هو الحدث الأبرز هناك، خاصة بعد خروج مؤيدين وعسكريين من مدينة
مصراتة يرفضون القرار ويهتفون لـباشاغا، الذي خضع بالفعل للتحقيق في جلسة مغلقة،
وكذلك تعيين وزير دفاع جديد وتغيير رئيس الأركان.
احتواء ومغازلة
وفي خطوة لاحتواء الغضب والتظاهرات
الشعبية ضد الحكومة، أصدر رئيس الوفاق، فائز
السراج عدة قرارات لحل بعض المشكلات
مثل السيولة والبطالة والكهرباء، وكذلك تشكيل لجان تحقيق في
الفساد في أغلب
القطاعات.
وشهدت مدينة مصراتة تظاهرات مؤيدة
لـباشاغا وحالة احتقان ضد القرار وتهديدات من قبل عسكريين بالانسحاب من قوات
الحكومة، ما جعل السراج يصدر قرارا بتعيين أحد قيادات المدينة العسكريين اللواء
محمد الحداد رئيس لأركان الجيش، في خطوة وصفها مراقبون بأنها مغازلة للمدينة.
وبعد جملة القرارات والتعيينات وإيقاف باشاغا..
كيف يبدو المشهد في الغرب الليبي سياسيا وعسكريا؟ وهل يصبح باشاغا رجل ليبيا
المستقبلي؟
خطوات متوازية
من جهته، أكد المتحدث باسم رئيس حكومة الوفاق
الليبية، غالب الزقلعي أن القرارات الأخيرة السبعة خلال يومين جاءت بموافقة المجلس
الرئاسي بالإجماع، وكانت خطوة من الحكومة للاستجابة لبعض المطالب من المواطن
الليبي، وكلها اهتمت بحل المشاكل ومحاسبة الفاسدين.
وفي تصريحات خاصة لـ"عربي21"، كشف أن الحكومة ستتخذ مجموعة قرارات جديدة في الأيام القليلة القادمة، تخص ملف
الفساد ومحاسبة المتورطين فيه من أصغر موظف حتى أكبر منصب، فالحكومة تسير الآن في
عدة خطوط متوازية، أهمها محاسبة الفاسدين وحل المشاكل التي ترهق المواطن، وعلى رأسها
ملف السيولة والكهرباء، والقرارات ترجمة عملية لخطاب الرئيس السراج الأخير، وفق
تصريحه.
خوف السراج وشعبية باشاغا
الباحث والأكاديمي الليبي، محمود منصور، رأى أن جزءا كبيرا من إجراءات السراج هدفه امتصاص غضب الشارع، وآخر لامتصاص غضب بعض
المدن خاصة مصراتة والزاوية، وجزء للمواطن وهي منحة أرباب الأسر، ولعل هناك تغيرات
أيضا قادمة لأن السراج بدأ يشعر بالخطر على نفسه ويحاول أن يرضي الأطراف المؤثرة، حسب
رأيه.
وأضاف في تصريحات لـ"عربي21"
أنه بالنسبة لموضوع إيقاف باشاغا، فإنه جاء بآثار عكسية وزادت من شعبيته وهو نجح في
إدارة المعركة، لكن التخوف الآن من المبالغة في تأييده كون وزارته عليها تهم فساد،
وهو قطعا شخص يسعى لتوسيع شعبيته والبحث عن منصب في المستقبل، كما قال.
شراء الولاءات
وأشار الناشط السياسي من مدينة مصراتة،
مروان الدرقاش إلى أن وقوف باشاغا مع مطالب المتظاهرين وتعهده بحمايتهم هو ما أغاظ
السراج وجعله يقرر إيقافه والتحقيق معه، لكن ترحيب الوزير ومطالبته أن تكون
مساءلته علنية، هو ما قلب الطاولة على رأس رئيس الحكومة وجعله يصدر قرارات ويتجاهل
التحقيق.
وتابع: "أعتقد أن الغرض من إصدار
مجموعة من القرارات هو شراء الولاءات لمواجهة باشاغا ومحاولة التغطية على فضائح
وكيل وزارة الصحة، لكن ظهور باشاغا الإعلامي والتأييد الشعبي الذي حظي به زاد من
أزمة السراج وصعوبة موقفه، وبات محاصرا ومجبرا على الخضوع للوزير ليطلق يده في
محاربة الفاسدين، أو يكون عليه مواجهة موجة جديدة من الاحتجاجات قد تطيح به
وبحكومته"، حسب قوله.
جوانب اقتصادية
في حين أوضح الخبير الاقتصادي الليبي،
علي الصلح أن قرارات السراج تعكس جانبين: الجانب السياسي والتشريعي غير المستقر
بسبب فساد السلطات والعبث في مقدرات الدولة، والجانب الاقتصادي الذي يمر بمنعطف
خطير جدا بسبب إقفال النفط وأثر بشكل واضح على المجتمع.
وقال لـ"عربي21": "
يحاول رئيس الحكومة الضغط على مصرف ليبيا المركزي، من أجل إعادة النظر في السياسات
النقدية وإعادة توزيع مخصصات الأسر وتعديل سعر الصرف، الذي يُعد مصدرا لتمويل
الموازنة العامة، أما بخصوص باشاغا فهو فعليا يمتلك الأدوات الأساسية التي يمكن من
خلالها محاربة الفساد وفرض سلطة الدولة عبر تطبيق القانون"، كما صرح.