وبعد ساعات من اتفاق وقف إطلاق النار، ألمح وزير الداخلية الليبي فتحي باشاغا، الجمعة، إلى دور مصر في الاتفاق الأخير، وتمنى التعاون معها مستقبلا.
وقال الوزير الليبي: اتفاق وقف إطلاق النار برعاية ودعم الدول الشقيقة والصديقة مكسب وطني، ونتطلع لتطوير التعاون مع أمريكا وأوروبا وتركيا ومصر وقطر والأمم المتحدة بعد هذا الاتفاق.
التصريحات الآتية من طرابلس وصفها مراقبون بأنها تحول كبير في المواقف مع الجانب المصري الذي ثمن من جانبه قرار وقف إطلاق النار، بينما اعتبر مؤيدون للنظام الحاكم في مصر تلك التصريحات انتصارا مصريا واعترافا ليبيا بدور مصر ومكانتها وقوة ردعها العسكري.
اقرأ أيضا: "الدولة الليبي" يشيد بتركيا وقطر بصد حفتر ويوجه دعوة لمصر
"توافق محتمل"
وحول دلالات التصريحات الودودة من الوفاق تجاه مصر، وما قد تقود إليه من تفاهمات مستقبلية، قال الأكاديمي المصري وأستاذ العلوم السياسية بجامعة "سكاريا" التركية، خيري عمر: "في الغالب سوف يحدث توافق بين القاهرة وحكومة الوفاق في طرابلس".
وأشار في حديثه لـ"عربي21"، إلى أن "جميع أطراف الصراع في ليبيا وصلت إلى حالة من الإعياء، وما حدث خلال سنوات لم يترك لهم طاقة للاستمرار في الصراع".
وأكد أن "الجميع مدفوعون هذه المرة بتفاهمات نحو السلام ومراعاة المصالح المشتركة وفق اتفاق الصخيرات مع حكومة الوفاق".
وأضاف: "كما أن دخول مصر في الأزمة لم يكن مجديا لحد ما، إلى جانب أن مصر لم تقطع علاقاتها الاقتصادية مع حكومة السراج، بل إن علاقاتهما كانت مستمرة وتعترف بها القاهرة ولديها سفارة في مصر".
وحول أيهما أكثر احتياجا للآخر مصر أم حكومة الوفاق؟ أكد الخبير المصري في الشأن الأفريقي، أن "المصالح المشتركة أقرب للبلدين"، مشيرا إلى أن "مصر قد يكون لديها مكاسب من إعمار ليبيا وبعودة العمالة المصرية إليها".
ولفت الأكاديمي المصري إلى "أهمية التفاهمات الأمنية بين القاهرة وطرابلس، والاستجابة لها، ووضعها في الاعتبار، والحصول على تطمينات مشتركة من كلا الجانبين للآخر".
"تبييض وجه السيسي"
وقال السياسي المصري سمير عليش: "لا شك أن التوازن العسكري الذي أدى إلى هزيمة قوات خليفة حفتر دفع إلى التحول في موقف مصر، بالإضافة إلى أن الموقف الأمريكي الداعم لحكومة الوفاق كان مخرجا للجميع وللذين لا يودون صداما عسكريا بين تركيا ومصر".
وأكد في حديثه لـ"عربي21" أن هذا التوافق الذي يحدث لأول مرة بين مصر وحكومة الوفاق قد يكون مقدمة لتوافق مستقبلي، قد يتبعه دور مصري في إعمار ما هدمته الحرب في ليبيا، وبالتالي عودة العمالة المصرية للجارة ليبيا".
وعزز عليش رؤيته، موضحا أن "الوضع الاقتصادي في مصر صعب للغاية، والنظام بالقاهرة يريد أن يقدم عملا يبيض وجهه في الملف الليبي، وبالأخص إذا ما انتهى دور حفتر، الذي كان يراهن عليه".
وعلى الجانب الآخر، يعتقد السياسي المصري أنه "وفي الوقت ذاته فإن حكومة الوفاق الليبية تحتاج مصر لعلاقتها مع القبائل الليبية في الغرب".
اقرأ أيضا: ماذا وراء صمت حفتر على التوافق بين السراج وعقيلة صالح؟
"اختبار نوايا السيسي"
وفي رؤيته، قال المحلل السياسي الليبي الدكتور فرج دردور: "بالتأكيد دور مصر مهم جدا في إحلال السلام في ليبيا، وخصوصا أننا في ليبيا نعيش حالة اندماج مع الشعب المصري من خلال تواجد ملايين المصريين الذين يعملون في ليبيا".
وأضاف الأكاديمي الليبي بحديثه لـ"عربي21": "أما بالنسبة للسيسي، فإننا نحتاج بعض الوقت حتى نختبر نواياه، خاصة أنه مدفوع للتدخل في ليبيا بالمال الإماراتي والسعودي، ويخوض دورا نيابة عن فرنسا".
وتابع: "هنا في ليبيا نعتقد جازمين بأن الحل فرضته روسيا على حفتر، وعقيلة صالح، من خلال سيطرة (الفاغنر) الروسي، وأن المفاوضات تمت بين روسيا وتركيا وأمريكا".
وقال دردور: "وبناء عليه، يجب أن ننتظر بعض الوقت حتى نكتشف أي دور لمصر؛ فنحن لن ننسى بسهولة الخط الأحمر الذي هدد به السيسي على بعد 1000 كم من حدوده الغربية"، مؤكدا أن "هذا لا يمنع أننا ملتزمون بعلاقة أخوية مع مصر".
ولفت إلى أنهم يدركون تماما أن الشعب المصري قلبا وقالبا مع إخوانهم الليبيين، ويحلمون لهم كما يحلمون لنفسهم بالحرية والرقي والازدهار.
وختم حديثه بالقول: "هذا أمر لا نشك فيه إطلاقا، كما يوجد بالمنطقة الغربية مئات الآلاف من المصريين يعملون بمختلف المجالات، ورغم الحرب والدماء لم تسجل أي جريمة ضدهم انتقاما مما كان يحصل".
خبراء: اتفاق وقف إطلاق النار في ليبيا يضع السيسي بمأزق
ماذا وراء صمت حفتر على التوافق بين السراج وعقيلة صالح؟
هل تنفرج العلاقة بين مصر وتركيا بعد تصريح أردوغان؟