صحافة إسرائيلية

مستشرق: سفير بغداد بواشنطن يمهد لإقامة علاقات مع إسرائيل

وصفت وزارة الخارجية العراقية تصريحات سفيرها لدى واشنطن بأنها "غير مناسبة"- جيتي

قال كاتب إسرائيلي إن "الضجة الأخيرة التي حدثت عقب تصريحات السفير العراقي في واشنطن حول العلاقات مع إسرائيل يمكن اعتبارها بالون اختبار عراقي، لكن العلاقات الرسمية بينهما ما زالت بعيدة".


وأضاف جاكي خوجي في مقاله بصحيفة معاريف، وترجمته "عربي21" أن "فريد ياسين السفير العراقي في الولايات المتحدة الذي أبدى تفهما للتقارب مع إسرائيل، بقي على قيد الحياة، رغم أنه تحدث عن أسباب واقعية ومنطقية لإقامة علاقات عراقية إسرائيلية، فهناك جالية يهودية من أصل عراقي تعيش في إسرائيل، وما زالت تفتخر بعراقيتها، أفراحها تتسم بالبصمة العراقية، ويسمعون أغاني عراقية".


وأشار خوجي، الخبير الإسرائيلي في الشئون العربية، إلى أن "السفير تحدث عن أسباب إضافية تتعلق بالتفوق التكنولوجي الذي تمتاز به إسرائيل، وهو مطلوب لتطور المنطقة مثل الزراعة في المناطق الصحراوية، الإسرائيليون ممتازون في هذا المجال". 


وأوضح أن "كلام السفير العراقي ورد في حديث مع صبحي غندور، الأمريكي من أصل لبناني، ورئيس معهد أبحاث بولاية فرجينيا، ويبدو أن كلماته اختارها بعناية فائقة، فقد تحدث أن اليهود العراقيين سيكون لهم دور أساسي بإقامة هذه العلاقات بين تل أبيب وبغداد، كما ان التكنولوجيا لها دور مركزي بتنمية هذه الاتصالات".

 

اقرأ أيضا: العراق حول تصريحات سفيرها بواشنطن عن إسرائيل: غير مناسبة

وأكد خوجي، محرر الشؤون العربية في إذاعة الجيش الإسرائيلي، أن "العراق اليوم يواجه مشكلة جدية تتمثل في نقص فادح في الموارد المائية، خاصة للأغراض الزراعية، أما اليهود الذين هاجروا منه ووصلوا إلى إسرائيل، فيشتاقون كثيرا للعراق الذي أقاموا فيه 2600 عاما".


وأضاف أن "ياسين ليس دبلوماسيا نموذجيا، فقد ترعرع في سويسرا، وتأهيله الأكاديمي من بوسطون، وفي 2003 بعد الاحتلال الامريكي لبلاده، وإسقاط الرئيس الراحل صدام حسين، عاد لبغداد، وانضم للسلك الدبلوماسي، وقبل وصوله الولايات المتحدة، عمل سفيرا عراقيا في فرنسا، ويعتبر من الصفوة المقربة لرئيس الحكومة الحالي عادل عبد المهدي، وعمل في السابق مستشاره الخاص، وهذه وظيفة لها وزن كبير في العراق".


وأوضح أن "عبارات السفير عن العلاقات مع إسرائيل وردت في شريط لم تتجاوز 80 ثانية، لكنها تحمل دلالات كبيرة، فربما خطط للبوح بها منذ فترة، لكن عددا من الساسة العراقيين المقربين من ايران طالبوا بإعادته لبغداد احتجاجا على تصريحاته، فيما نددت الخارجية العراقية بها، دون اتخاذ أي إجراء عقابي ضده، واكتفت بالقول أن سياستها الرسمية لم تتغير، وستواصل دعم الفلسطينيين ضد الاحتلال الإسرائيلي، ومقاطعته".


وأشار إلى أن "الواقع أكثر تعقيدا من هذه العبارات الدبلوماسية المنتقاة بعناية، فالعراق عالق بمشاكل عديدة، كالبطالة، والنقص في المياه، والتدخل الإيراني، الذي يعيق عمليات إعادة اعماره، ويشكل مصدر قلق للمواطنين العراقيين أكثر من أي مشكلة أخرى".


وزعم أن "وزارة الخارجية العراقية فيها عدد من الدبلوماسيين الذين ينظرون بعين الرضا لإقامة علاقات مع إسرائيل واليهود، ويعتقدون أن مثل هذه العلاقات قد تنشئ صداقة ما في مرحلة بناء الدولة العراقية من جديد، في ظل أن القضية الفلسطينية، رغم بيان الخارجية العراقية، لم تعد تحتل حيزا كبيرا بنظر الرأي العام العراقي".


ونبه الكاتب إلى أن "السفير العراقي التزم الصمت بعد كل هذه الضجة، بالتأكيد لم يعتذر، ولم يصدر توضيحا لكلامه، ولم يقل أنه أخرج عن سياقه، كما جرت العادة لدى العديد من السفراء، ربما لأن اقترابه من رئيس الحكومة منحه حصانة أمنية، وربما أن هذا القرب جعله يقول ما قاله دون خوف".

 

اقرأ أيضا: بعد حديثه عن إسرائيل.. غضب برلماني من سفير بغداد بواشنطن

وأشار إلى أن "الدولتين، العراق وإسرائيل، لديهما فرص قوية لإنشاء علاقات مشتركة، لكن النفوذ الايراني داخل بغداد، والعداء لإسرائيل يجعل هذه التصريحات تتراجع، فإيران لا تتحكم بالعراق عن بعد، لأن رجالها يجلسون على أقدامهم بعمق في السياسة العراقية الداخلية".


وأكد أنه "كان لافتا، وعلى غير العادة، أن إسرائيل الرسمية التزمت الصمت إزاء تصريحات السفير العراقي، ولكن ما إن أعلنت منظمة اليونسكو للثقافة والتربية التابعة للأمم المتحدة عن حدائق بابل المعلقة بأنها من التراث العالمي، حتى سارعت إسرائيل لتهنئة العراق بذلك، ووجهت التهنئة للشعب العراقي، وليس حكومته، واستخدمت مفردة "الأخوة"، حيث نشرت الخارجية الإسرائيلية تهنئتها على فيسبوك وتويتر باللغة العربية".


وأوضح أن "التهنئة الإسرائيلية تجاهلت الحكومة العراقية، لكنها لم تهاجمها، وهناك فرق كبير، صحيح أن الناطق باسم الخارجية العراقية دعا لاستمرار مقاطعة إسرائيل، لكن الأخيرة فضلت الصمت رغبة منها بإنشاء مزيد من الجسور بين بغداد وتل أبيب".


وختم بالقول أن "إسرائيل تعلم أن العراق تعمل والمسدس الإيراني موجه إليها، وهي ليست حرة كلياً في سياستها الخارجية، مما يوجد فرصا لتسخين علاقات البلدين، هذه سياسة تنظر إلى المدى البعيد، الأمر الذي يجعل من تصريحات السفير العراقي أرضية يمكن البناء عليها مستقبلا".