سياسة عربية

"المقاومة الشعبية" بدرعا.. هل تتجه المعارضة لحرب الاستنزاف؟

العمليات في مناطق النظام تركزت على أهداف نوعية- جيتي

توالت عمليات استهداف النظام السوري، في المناطق التي أعاد السيطرة عليها، وهجر منها فصائل المعارضة المسلحة، تحت شعار "المقاومة الشعبية" وخاصة في محافظة درعا جنوبي البلاد، ما يشير إلى تحول في طبيعة العمل العسكري، ضد النظام من السيطرة على الأرض إلى حرب الاستنزاف والعصابات.

ووقعت خلال الفترة القليلة الماضية، العديد من عمليات الاغتيال والتفجير التي قامت بها مجموعات تطلق على نفسها "المقاومة الشعبية"، كان آخرها تفجير حاجز للأمن العسكري، التابع للنظام في بلدة نمر بمحافظة درعا.

وكانت محافظة درعا المحافظة الأخيرة (باستثناء إدلب) التي أجرت ما يعرف بالتسويات مع النظام، وسلمت الفصائل هناك سلاحها مقابل الخروج الآمن، لمناطق الشمال السوري.

وكانت ما يعرف بـ"المقاومة الشعبية" نشرت بيانا على موقع "فيسبوك"، أعلنت فيه انطلاق عملياتها ردا على "غدر نظام الأسد بالعهود وقيامه باعتقالات وعمليات سوق للشبان إلى الخدمة الإلزامية والاحتياطية، وفرض عودة المنشقين للخدمة في صفوف قواته، مستغلا قسوة العيش".

 

إقرأ أيضا: "المقاومة الشعبية" بدرعا تفجر حاجزا للنظام السوري (فيديو)


ودعت "المقاومة الشعبية" في بيانها "شباب مناطق حوران للانضمام إليها" مؤكدة أنها ستكون "الدرع الحصين، المدافع عن أبناء سوريا بكافة أطيافهم".

ووفقا لنشطاء سوريين فإن تأسيس "المقاومة الشعبية" تم في أواسط كانون ثاني/ يناير الماضي واعتمد على الكمائن، والهجمات المباغتة على الحواجز الثابتة للنظام، فضلا عن الاغتيالات الفردية.

عمل منظم

الخبير العسكري العميد الركن أحمد الرحال، قال: إن ما يجري في درعا حاليا "مقاومة معدة ومجهزة، ولها خطط للعمل ضمن الأصول العسكرية".

وأوضح الرحال لـ"عربي21" أن بداية عمل المقاومة الشعبية تم في محافظة درعا، و"ستنتقل قريبا إلى المدن، والمحافظات الأخرى لإرهاق النظام واستنزافه".

وأضاف: "كان البعض يسألنا في السابق عن البديل، في حال خسارة الثورة لمناطق جغرافية، وكان الجواب أن البديل هو المقاومة الشعبية حتى لو فقدنا كافة المناطق، التي جرى انتزاعها في السابق من يد النظام".

وأشار الرحال إلى أن نجاح المقاومة الشعبية يعتمد على 3 عناصر هامة، الأول: "السرية، فهي مجهولة المكان والزمان والمواقع، وتتحرك بدرجة عالية من الكتمان وعدد المشرفين على العمل قلة، لضمان سرية العمل، وتصعيب مهمة اكتشافه من قبل النظام".

وتابع الرحال: "العنصر الثاني الاستطلاع، وهو من الأهمية بمكان لجمع المعلومات الخاصة ببنك الأهداف، والمواقع المستهدفة سواء عمليات اغتيال أو كمائن ثابتة أو تفجير حواجز".

وبشأن العنصر الثالث قال الرحال إن: "الأفراد المدربين والخبراء بهذا النوع من المعارك، هم سر نجاحه لأنهم بحاجة لأن يكونوا قادرين اختراق صفوف النظام، وتنفيذ العمليات والانسحاب بكل هدوء لتحقيق الهدف".

وأكد الرحال أن هذا النوع من المقاومة يعتمد على "النفس الطويل والصبر وهو معركة استراتيجية مع النظام، الذي من جانب سيدفع ثمنا وكلفة ربما أكبر مما دفعه خلال السنوات الماضية لكن بطريقة النزف البطيء، بالإضافة إلى أنه من جانب آخر لن يكون قادرا على استهداف المدن كما كان يفعل في السابق".

 

قيادة موحدة

المحلل السياسي نزار خراط رأى من جانبه أن المقاومة الشعبية "هي المرحلة الثانية من الثورة السورية" لكنه شدد على ضرورة عملها "تحت قيادة واحدة واحدة، وخطة محكمة بعيدا عن العشوائية".

وقال خراط لـ"عربي21": "كان من المطالبات المبكرة في الثورة السورية، الاتجاه لحرب الاستنزاف وتشكيل الخلايا الشعبية، لإدخال النظام في دوامة استنزاف، وإرهاق عبر عمليات نوعية موجعة".

وأضاف: "لكن كان القرار لدى النظام السوري بإلقاء السلاح للناس، وتسهيل وصوله إليهم عبر بيعه لبعض الأشخاص، من أجل عسكرة الثورة وتسهيل القضاء عليها ورغم ذلك دفع كلفة كبيرة".

ورأى خراط: "أن حرب الاستنزاف أكثر إرهاقا للنظام على المستوى الاستراتيجي، لأنه يتعامل مع أشباح وسبق أن تسببت لدول عظمى بدفع كلف بشرية واقتصادية كبيرة، كما حصل مع الاتحاد السوفيتي، ولاحقا أمريكا في أفغانستان والعراق وغيرها".

لكنه في المقابل قال: إنه لضمان نجاح هذا التحول في العمل العسكري، ضد النظام بسوريا "لابد من التنسيق بين الشقين السياسي والعسكري، لإعطائه قوة وتحقيق مكاسب".

وألقى خراط باللوم على المعارضة السياسية السورية وقال إنها "لم تصل للمستوى المطلوب لتحقيق مكاسب، وفقا لما يجري على الأرض من الجانب العسكري، والذي كان من المفترض أن يدفع الملفات السياسية للأمام".

وشدد على أهمية "تواصل الخارج مع الموجودين على الأرض، لتنسيق العمل بالإضافة لتشكيل جهاز مخابراتي قوي، وانتقاء الأفراد المشاركين في المقاومة الشعبية، لتجنب اختراق الثورة مرة أخرى".