قضايا وآراء

هل تريد قيادات الإخوان الاصطفاف الوطني؟!!

1300x600

في هذا الأسبوع صدر بيان أو مبادرة من الأستاذ إبراهيم منير بعزم الإخوان ممثلة فيما يعرف بالقيادات التاريخية، بإنشاء هيئة تصطف فيها كل القوى الوطنية التي تعمل ضد الانقلاب العسكري، بتفاصيل مذكورة في المبادرة، ثم أعقب ذلك حوار له على قناة الجزيرة مباشر، أكد فيه نفس الكلام، بل ذهب أبعد من ذلك، أن الإخوان مستعدة للعودة للوراء ولتتقدم القوى، وتكون الإخوان آخر من يتصدر، وقال: "لو أصدر البرادعي تويتة يستنكر فيها الانقلاب العسكري، لكنت أول من يذهب إليه لأبايعه".

ثم بعده في حوار على موقع الجزيرة مباشر، مع الدكتور محمود حسين، يقترب من نفس الكلام، وأن الجماعة قامت بمراجعات، ولكن لن نعلنها، وأنه تم مراجعة مواقف وأفعال وإدارة الجماعة بعد الثورة.

ويبدو أن القيادات التاريخية تغازل الصف الإخواني، الذي ضج بالخلافات والتشرذم، وذلك من خلال الإعلام فقط، أما على أرض الواقع فلا يوجد أي أثر فعلي تلمسه القوى الإسلامية أو غير الإسلامية.

 

إقرأ أيضا: مبادرة من الإخوان لـ"رفقاء الثورة" في الذكرى الثامنة لثورة يناير

لو كانت النية أو الفعل صادق عند قيادات الجماعة في اصطفاف حقيقي، وأن مراجعة تمت لتجنب أخطاء الماضي، فلنراجع معهم التجارب السابقة للاصطفاف، وماذا فعلوا فيها، وكيف أفشلوها وأنهوها تماما، سواء داخل الجماعة أو خارجها مع حلفائهم. وسأضرب بعض نماذج للكيانات الشهيرة، وما هو معلوم لأكثر الناس، حتى لا يكون حديثي عن كيانات خاصة لا يعلم بها إلا من عايشوها فقط. 

قبل الانقلاب على الرئيس الدكتور محمد مرسي تأسس كيان كبير باسم: "تحالف دعم الشرعية"، تكون من كل القوى التي ترفض الانقلاب العسكري، وظل يعمل وله زخم كبير، ولكننا فجأة رأينا التحالف يضعف بفعل فاعل، وواضح أنه تم التخطيط لذلك، ثم تم إنشاء "المجلس الثوري" وشعرت القوى الإسلامية أن المجلس تأسس لينهي على ما تبقى من التحالف، وظل الكيانان يعملان، وأشهد أن القيادات الإسلامية من غير الإخوان صبرت وتحملت كل محاولة لإنهاء التحالف.

 

لو كانت النية أو الفعل صادقا عند قيادات الجماعة في اصطفاف حقيقي، وأن مراجعة تمت لتجنب أخطاء الماضي، فلنراجع معهم التجارب السابقة للاصطفاف

 
وذهبوا يشكون لكل من يمكن أن ينصح قيادات الإخوان بعدم إزاحة الإسلاميين، وتقديم غيرهم. وقد كانت أولى هذه المحاولات في شهر آب (أغسطس) سنة 2014م، عندما التقى عدد منهم بالشيخ القرضاوي، يشكون له مر الشكوى من هذه المعاملة، واستدعى الشيخ بعدها قيادة الإخوان لينصحها عدة نصائح، منها ما يخص أخطاء هذه القيادات مع الإسلاميين، ومنها ما يخص أخطاء القيادات مع دولة حليفة يقيمون فيها وقتها، ولكن كان ذلك بعد فوات الأوان، وبعدها بأيام خرجت القيادات من هذه الدولة الحليفة.

ثم بعد ذلك رأينا معظم القوى تخرج من تحالف دعم الشرعية، خرج حزب الوسط، وقبله الوطن، وبعده الجماعة الإسلامية، وكلما خرج فصيل انطلقت صفحات ووسائل التواصل الاجتماعي وغيرها، تنال ممن خرجوا، وصبر الجميع على عدم الحديث عما تفعله هذه القيادات مما اضطرهم للخروج، وهو أمر مشكور لهم، لكن التاريخ والتعلم منه يقتضي كتابة ذلك، ولو كتابة شخصية، تظل يوما ما للعظة والفائدة.

 

الحديث عن الاصطفاف الوطني والمراجعات، لا يكون بالنوايا، ولا بالكلام المجرد في الإعلام،

ونفس ما تم التعامل به مع التحالف، تم التعامل به مع (المجلس الثوري)، فأحس عدد من قياداته من الإخوان المعارضين للقيادة التاريخية، وغيرهم من كيانات أخرى، بأن المجلس لم يعد هو المجلس الذي شاركوا في تأسيسه، فقد تغيرت سياسته، وبدأت تسرب معلومات غير صحيحة عن أشخاص على خلاف مع القيادات بغرض تشويههم سياسيا، ولأسباب أخرى ليس هنا مجال الحديث عنها، فاضطروا مع خمسة عشر شخصا للاستقالة منه، وتوالت استقالات أخرى بعد ذلك لأسباب أخرى، وفرِّغ المجلس من عدد مهم من مؤسسيه وقياداته.

أما البرلمان المصري بالخارج فليس أسعد حالا، نفس ما تم في هذه الكيانات تم معه. ولا يختلف الحديث عنه في الحديث عن تجربة الجالية المصرية في تركيا، وغيرها من الكيانات والشخصيات الكبرى التي هي سند كبير للجماعة، الذين أحسوا بمرارة من المعاملة في وساطتهم لحل خلاف الإخوان، بداية بالشيخ القرضاوي وخالد مشعل وغيرهم قائمة تطول، وتنتهي بالدكتور عطية عدلان الذي كتب شهادته على موقع (عربي 21) فكل هذه المحاولات قوبلت بتعنت من طرف واحد عرفه الجميع، يرفض أي حل، وأي تسوية تحافظ على كيان الجماعة أو اصطفاف أفرادها.

وآخر تجارب الاصطفاف المريرة: منذ أيام توافقت القنوات المناهضة للانقلاب العسكري، على عمل بث مشترك ثلاث ساعات في يوم 25 يناير، وكانت المفاجأة اشتراط هذه القيادات ألا يشارك في هذا البث المشترك أي شخص يعارضها (أتحفظ عن ذكر أسماء الأشخاص)، وهم أشخاص إخوان وغير إخوان، شاركوا في ثورة يناير، بينما من يعترض على مشاركتهم لم يشارك فيها، بل يقول عنها: فورة وليست ثورة!!

 

إقرأ أيضا: هكذا رد "رفقاء الثورة" على الإخوان حول مبادرة الكيان الواحد

عزيزي الأستاذ إبراهيم منير والدكتور محمود حسين، الحديث عن الاصطفاف الوطني والمراجعات، لا يكون بالنوايا، ولا بالكلام المجرد في الإعلام، فالأفعال السابقة جعلت الجميع ينظر لكل مبادرة من هذا النوع نظرة سلبية، إذ كيف لمن لم يستطع الاصطفاف مع مخالفيه في جماعته، ومع إسلاميين مثله، ومدنيين وثقوا فيه، أن يمد يده مرة أخرى بعد مرات كثيرة.
 
عليكم أن تعطوا الناس فعلا واحدا جادا يثبت جدية كلامكم حول الاصطفاف الوطني، أما إن كان من باب: الشو الإعلامي فيرعاكم الله، فتجربتكم في الإعلام والحمد لله يعلمها القاصي والداني.

 

Essamt74@hotmail.com