قضايا وآراء

ما بين الحسين وسلمان.. ما بين القائد والغائب!!

1300x600
لم يتردد الملك الأردني الحسين بن طلال في أخذ زمام المبادرة حين تعرض أحد مواطنيه لمحاولة اغتيال في 25 أيلول/ سبتمبر 1997.. تلكأ وزير إعلامه ومن خلفه حكومته، وتردد الإعلام الأردني بين رواية رسمية هشة وواقع يؤكد أن مواطنه خالد مشعل بين الحياة والموت إثر محاولة اغتيال اسرائيلية فاشلة.. لم يتردد الملك الأردني بأخذ زمام المبادرة، ولم يلجأ الى راعية السلام (الولايات المتحدة) حينهاـ في محاولة الضغط على إسرائيل أو استجداء اعتراف منها.. أخذ زمام المبادرة ولم يسمح لوزير أو رئيس حكومة أو جهاز أمني أن يتحايل أو يتملص أو يميع الموضوع، أو يستمر تقديم روايات لا تحترم عقل ولا كرامة ولا حياة مواطنيه.. أخذ زمام المبادرة من أول لحظة تأكد له أن هناك من دبّر ونفذ محاولة اغتيال لأحد مواطنيه.. أخذ زمام المبادرة ولم يصمت أو ينتظر - مثلا - استقبال وزير خارجية الولايات المتحدة حينها (الذي وصل واستقبله ولي العهد حينها الأمير الحسن) ليأخذ ضوءا أخضر في توجيه الاتهام لإسرائيل، أو أن ينقل ذلك الوزير لوما شديدا لا يسمن أو يغني من جوع، أو أن يأخذ التعليمات من ذلك الوزير الأمريكي.. أخذ زمام المبادرة دون النظر لحسابات السياسة التي تقتضي استمرار اتفاقية وادي عربة التي كان الأردن بحاجة سياسية لها، وفق رؤية الملك نفسه، والتي وبما يعددها التصعيد مع إسرائيل في المتابعة والإصرار على اتهام وإدانة إسرائيل بمحاولة اغتيال أحد مواطنيه.. أخذ زمام المبادرة ولم ينتظر نتائج التحقيقات، وهو يعلم أن كل دقيقة تمر هي بمثابة مزيد من الخطر الذي يتهدد حياة مواطنه الأردني أن لم يُعط ترياق الحياة.. أخذ زمام المبادرة دون كل الاعتبارات السابقة، وأبلغ إسرائيل رسالة واحدة: حياة مسيرة السلام معلقة بحياة هذا الأردني!.. وكان للملك الأردني ما كان، ورضخ نتنياهو وحكومته وتبعته الولايات المتحدة وكل الغرب في إدانة الحماقة التي اقترفتها إسرائيل.

في ذلك التاريخ من أيلول/ سبتمبر 1997، أظهر الملك حسين ما تقتضيه روح القيادة عليه من الوقوف إلى جانب مواطنه الأردني الذي كان، ولا يزال يتناقض مع توجهات الملك نفسه السياسية.. أما اليوم، وفِي تشرين الأول/ أكتوبر 2018، فنحن أمام نموذج آخر من "القيادة". فعلى مسمع وبصر منه، يخطط ويدبر اغتيال واحد من نخبة مواطنيه الكثر على أرض غريبة، ويلجأ هو وولي عهده وحاشيته إلى كل أشكال التملص والروايات الهشة التي لا تحترم لا عقل ولا كرامة المواطن السعودي، بل والاستعانة بالوزير والرئيس الأمريكي لإيجاد تخريجة مما اقترفوه بحق مواطنهم.. ودون أن يفكر أن يخرج الملك السعودي سلمان لا هو ولا ممن يفترض أن يتولى الأمر من بعده ويقول لمواطنيه قبل العالم.. حياة هذا المواطن السعودي دونها الرقاب!.. ما بين مثال أيلول/ سبتمبر 1997 ومثال تشرين الأول/ أكتوبر 2018.. هناك فرق بل لا مجال للتشبيه.. ما بين القائد والغائب!!