سياسة عربية

درنة تنتفض ضد "إشاعات" حفتر بمعرض للكتاب.. ما الرسالة؟

مراقبون اعتبروا افتتاح معرض للكتاب في مدينة محاصرة من قبل حفتر يحمل عدة رسائل - عربي21

شهدت مدينة "درنة" (شرق ليبيا) تظاهرة ثقافية تحت شعار "القراءة طريقك للمعرفة"، عبر افتتاح معرض للكتاب في المدينة التي تشهد حصارا منذ عدة أشهر من قبل القوات التي يقودها اللواء خليفة حفتر.


وشهد المعرض الذي فتح أبوابه أمس الأحد، حضورا كبيرا من قبل الكتاب والأدباء والطلبة بالمدينة وخارجها، بمشاركة عدد كبير من دور النشر والمكتبات في محاولة لنشر الثقافة والوعي عبر المعرض الذي يستمر أربعة أيام.


رسائل

 

ورأى مراقبون أن "افتتاح معرض للكتب في مدينة محاصرة ومتهمة بالتطرف من قبل حفتر يحمل عدة رسائل، منها: أن المدينة منفتحة على الثقافة ولا تتبنى أي أفكار مما يروج لها، وأنها آمنة ولا تزال، في حين رأى آخرون أن هذه طبيعة المدينة كونها منارة للعلم والثقافة منذ زمن".

 

وأثار الأمر عدة تساؤلات، من قبيل: ما الهدف من المعرض في وقت تهدد المدينة بالقصف يوميا؟ وهل فعلا يحمل رسائل سياسية أم مجرد حدث ثقافي؟

 

مقاومة للعزلة

 

من جهته، أكد الإعلامي وأحد المشاركين في المعرض، جوهر علي، أن "معرضا كهذا في درنة بظروفها الحالية يدل على ثقافة القراءة المتأصّلة في كينونة أهل المدينة، والجميل أن المعرض يحوي كتبا في كل اتجاه وفي كل الآراء المتضادّة، فالمدينة تؤمن بدفع الأفكار بالأفكار".


وأشار في تصريحات من درنة لـ"عربي21"، إلى أن "المدينة لا توجد بها سياسة الإقصاء، وزخم هذه الأنشطة المدنية المماثلة يؤنس عُزلة المدينة، ويزيل عن كثير من العقول الغبش الحاصل عن الصورة التي تروّجها عديد القنوات عن المدينة، فـ "درنة" حية وتتنفس القراءة"، كما قال. 


طبيعة المدينة


من جهته، قال المدون الليبي من درنة، فرج كريكش، أن "المدينة تتنفس فكرا وأدبا وشعرا ومسرحا وموسيقى منذ الأزل، وقد يعتقد البعض أن هذه الأنشطة وسيلة لإرسال رسائل سياسية في حين أنها طبيعة المدينة التي جبلت عليها، ولو أن التطرّف رجلا لرفض أن يمر بدرنة"، حسب وصفه.


وأوضح في تصريحاته لـ"عربي21"، أن "درنة لا تملك آبار بترول أو غاز ولا مخزنا لمياه النهر الصناعي لتساوم به على حرية التنفس، لكن تملك الذوق والثقافة وتلك بضاعة "مزجاة" لا تأبه بها لا أحذية العسكر ولا سياط الاستبداد"، كما قال.


جمود وتطرف


لكن الخبير الليبي في التنمية، صلاح بوغرارة، رأى أن "حصار درنة لن يكسره معرض كتاب أو أي فاعليات ثقافية، لأن القبضة عسكرية وأمنية وشعار الحصار هو محاربة "الإرهاب" عسكريا وليس فكريا".


وأضاف لـ"عربي21": "لذلك قد تكون هذه محاولة من بعض المثقفين في درنة للخروج من سيطرة الفكر المتطرف والإشارة إلى أن درنة مدينة العلم والثقافة وليست مرتعا للإرهاب، وهي محاولة جيدة لكسر الجمود الذي تعيشه المدينة بغض النظر عن الهدف من ورائها"، وفق كلامه.


"ماراثون" ثقافي


وأشار الناشط والكاتب الليبي مختار كعبار، إلى أن "هذا المعرض ليس الأول من نوعه، فقد شهدت المدينة عدة أنشطة مماثلة ومنها: حفل تخرج لطلبة وطالبات الجامعة هناك ومسابقات "ماراثون" وحفلات شعبية في أعياد شباط/ فبراير ومخيم للكشافة وغيرها".


وأكد في حديثه لـ"عربي21"، أن "هذه الأنشطة تفيد أن الحياة في درنة طبيعية رغم الحصار ورغم الضربات الجوية، ولا أعتقد أن المعرض هدفه كسر الحصار لأن حفتر لن يرضى إلا بتسليم المدينة وأهلها رغم محاولاته الفاشلة لاقتحامها"، حسب رأيه.


رفض حكم العسكر


وقال الناشط والمدون الليبي، يوسف الأحمدي، إن "درنة رغم الحصار استطاعت هزيمة "داعش" الذي كان متواجدا هناك لفترة، ومعرض الكتاب وغيره من الأنشطة السابقة وحملات الصيانة والنظافة التي حدثت في الفترة السابقة رغم شح الإمكانيات، كلها أدلة على اعتدال المدينة وأهلها".


وأشار إلى أن "رفض المدينة لقوات حفتر ما هو إلا رفض لعودة مشاريع "العسكر" وأطماعهم السياسية والسلطوية، أما بخصوص الأفكار المتطرفة فهي موجودة في كل مكان بغض النظر عن الفكر أو المنهج والدين الذي تنتمي له وتتبناه"، وفق حديثه لـ"عربي21".