كتاب عربي 21

الجهاديون الإسلاميون بين الدفاع عن الوجود وتحقيق مطالب الأعداء

قاسم قصير
1300x600
1300x600

يواجه الجهاديون الإسلاميون السنة والشيعة (بغض النظر لأي تنظيم أو حزب أو حركة انتموا) إشكالية كبيرة؛ بين سعيهم لتحقيق الأهداف السامية التي يعلنون عن سعيهم لتحقيقها، وبين غرقهم في الصراعات الداخلية، مما يجعلهم أدوات لخدمة الأعداء الذين يقولون إنهم يقاتلونهم أو يقاتلون حلفاءهم؟.

ولكي لا نبقى في التعميم نعطي نماذج مباشرة، فحزب الله يعلن أنه يواجه الكيان الصهيوني والمشروع الأميركي، وأن قتاله في سوريا يهدف للدفاع عن المقاومة، وأن من يواجههم من تنظيمات إسلامية يخدمون المشروع الأميركي والصهيوني.

لكننا بدأنا نلاحظ أن الأميركيين والغربيين وبعض الدول العربية التي يعلن حزب الله أنه يواجه مشروعها، بدأت تواجه هذه المجموعات الإسلامية، وتعتبر أنها تشكل خطرا على أمنها القومي.

وبالمقابل تعلن المجموعات الإسلامية الجهادية التي تقاتل في سوريا والعراق ودول أخرى، أنها تواجه الأنظمة المدعومة من أميركا، وأن جهادها يهدف لإقامة حكم الإسلام وأن قتالها لحزب الله؛ لأنه يدعم النظام السوري ويتحالف مع إيران الفارسية، لكن هذه المجموعات بدل أن تقاتل حزب الله وحلفاءه بدأت تتقاتل فيما بينها، وهي تقتل مجاهدين كانوا يقاتلون الأميركيين والإسرائيليين.

 وأميركا وإسرائيل تعبران عن سرورهما لقتال الجهاديين الإسلاميين فيما بينهم، وهما تعتبران أن ما يجري في سوريا يساعد في التخلص من كل الجهاديين الإسلاميين، سواء كانوا سنة أو شيعة، إذن فبدل أن يخدم الجهاديون الإسلاميون أهدافهم فإنهم يحققون ما يريده الأميركيون والغربيون والإسرائيليون.

ومع أن كل فريق جهادي إسلامي لديه تبريرات مقنعة لما يقوم به، فإن النتيجة أن الصراع الدائر سواء في سوريا أو العراق أو ليبيا أو مصر أو اليمن أو أية دولة عربية أو إسلامية يستفيد منه الأعداء، وهذا ما حصل خلال الحرب العراقية-الإيرانية والتي استفاد منها الأعداء، واستمرت طيلة سبع سنوات، وكانت أميركا والغرب تعمل لإبقاء الاستنزاف بين ايران والعراق، وتمد الطرفين بالسلاح ليقاتلوا بعضهم بعضا، إلى أن اقتنع الطرفان -وخصوصا الإمام الخميني- بضرورة وقف الحرب والقبول بالقرار 589.

ومع أن حزب الله كان يحرص تاريخيا على عدم الدخول في صراع مع تنظيم القاعدة والتنظيمات الإسلامية الجهادية رغم الخلاف بالأولويات، بل جرت محاولات عديدة لفتح قنوات التواصل بين القاعدة وحزب الله، كما أن إيران احتضنت بعض قيادات القاعدة التي هربت من أفغانستان، وتعاطفت مع الجهاديين الإسلاميين في أكثر من بلد عربي وإسلامي، وأما اليوم فنجد أن الحزب وإيران يخوضان حربا قاسية مع هذه التنظيمات بسبب الوضع السوري، كما أن العراق يشهد قتالا شرسا بين داعش والحكومة العراقية، ويسقط آلاف الضحايا بسبب هذه الصراعات.

والملاحظ أن أميركا وإسرائيل والغرب يشجعون الجهاديين الإسلاميين للقتال فيما بينهم، وهم مسرورون لما يجري من قتال؛ لأنه يبعد عنهم الخطر المستقبلي.

إذن لماذا يستمر هذا القتال؟ فإذا كان دفاعا عن المقاومة، فالمقاومة المتضرر الأكبر، وإذا كان من أجل تطبيق الحكم الإسلامي وإقامة حكم الله، فما يجري لا يحقق ذلك؛ بل يضر بالإسلام والمسلمين، والضحايا بعشرات الآلاف، والأمور تتجه نحو الأسوأ في كل الدول التي يجري فيها القتال والصراع.

وإذا أردنا أن نحسن الظن بالجميع ونقول إنهم لا يقومون بهذه الصراعات بقرار أميركي أو غربي، وهذا هو الاحتمال الأقوى، لكن ما يجري يخدم أميركا والغرب وإسرائيل، وكل ذلك بتطلب وقفة جريئة من الجميع لإعادة دراسة الأمور والتوقف عن هذا القتال العبثي، ومع أننا لا نتوقع استجابة سريعة لهذا النداء، فعلى الأقل لنبدأ حوارا داخليا داخل كل فريق لنعرف إلى أين يتجه؟ ومن يخدم؟ وليسأل كل منا نفسه: لماذا تقف أميركا وإسرائيل والغرب مسرورين لما يجري وهم يساعدون بشكل أو بآخر لاستمرار هذا الصراع العبثي؟

أليس هناك رجل رشيد يقول للجميع: كفوا عن هذه الصراعات العبثية، وعودوا إلى رشدكم وليكن العدو الصهيوني والمشاريع الغربية والأميركية هي من نستهدف؛ بدل أن نقتل أنفسنا بأيدينا.
التعليقات (2)
عبد الرحمن الحاج علي
الخميس، 12-06-2014 11:28 ص
أتمنى على الأستاذ قاسم قصير أن يتوجه لقيادة الحزب في بيروت بهذا النداء لأنهم هم من زادوا الأزمة في سوريا، وجروا بتدخلهم الغير أخلاقي السيارات المتفجرة إلى لبنان علماً أن وجود الحزب من الثمانينات وكذا وجود القاعدة قديم من التسعينات ورغم أن القاعدة نفذت عمليات بكثير من البلاد المعقدة أمنياً واستطاعوا خرقها أمنياً لكنهم لم ينفذوا شيئاً في لبنان وفي مدة حرجة وهي استعار الفتنة السنية الشيعية في العراق بقيت لبنان ساحة هادئة حتى دخول الحزب بحجة الدفاع عن المراقد والمقامات في سورية ليصبح عنوان تدخله حماية لبنان من التفجيرات ليجاهر بعد ذلك بالحقيقة الدفاع عن نظام بشار الأسد الممانع، فيا صيدقي قاسم أنصح أولاً أصدقاءك في قيادة الحزب ليعود عن غيهم ولا يصدقوا كذبتهم وليعترفوا بأنهم أداة بيد الحاكم في إيران يحركهم لتحقيق مصالحه وعلى رأسها البرنامج النووي كما ستخدم المليشيات العراقية في العراق وسوريا، والحوثيين في اليمن، ونحالف الشمال في أفغانستان، وداعش لقلب المشهد السوري وإجهاض الثورة من الداخل،. فالحل بالتخلي عن الظالم (يزيد) وفق الأدبيات الشيعية والوقوف مع المظلومين أنصار الحسين في كل زمان ومكان، يكونوا بذلك منسجمين مع أنفسهم وحركتهم وشعارهم وهي محاربة المستكبرين في الأرض ونصرة المستصعفين.
أبو ذر العاملي
الأربعاء، 11-06-2014 11:58 م
جزاك الله خيراً أستاذ قاسم على المقال.. وضعت اليد على الجرح المؤلم.. أخاطب الجميع معك: أليس فيكم رجل رشيد؟
برج الحوت
الخميس، 12-06-2014 09:04 ص
حضرتك مش واخد بالك ان ليست هند هى الغازية وحدها بل كل غازية هند يعنى ليست اسرائيل المغتصبة وحدها بل كل مغتصب اسرائيل وهؤلاء اسماء مغتصبين شعوبهم حكام السعودية والامارات والاردن وبشار والسيسى ولا تستطيع ان نعلوا بدون الحكام الخونة وبصمت الشعوب الجبانة وبالاعلام المضلل الخوف ان يكون ما نحن فيه هو قول الله عز وجل فى سورة البقرة ( اقتلوا أنفسكم ذلك خير لكم )...صدق الله العظيم