صحافة دولية

ماذا يعني انسحاب مالي والنيجر وبوركينا فاسو من مجموعة "إيكواس"؟

لا تتمتع هذه الدول الثلاث بإمكانية الوصول إلى البحر- جيتي
لا تتمتع هذه الدول الثلاث بإمكانية الوصول إلى البحر- جيتي
نشرت صحيفة "لوموند" الفرنسية تقريرا، تحدثت فيه عن الآثار الاقتصادية لانسحاب مالي والنيجر وبوركينا فاسو من المجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا "إيكواس".

وقالت الصحيفة، في تقريرها الذي ترجمته "عربي21"؛ إنه يوم الخميس الفاتح من شباط/ فبراير، خرج مئات الأشخاص في شوارع باماكو للتظاهر؛ تأييدا لإعلان انسحاب مالي وبوركينا فاسو والنيجر من المجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا.

تأسست هذه الكتلة، المكونة من 15 دولة، في سنة 1975 لتعزيز التعاون والتكامل الإقليمي، وكانت تحاول منذ أشهر دفع الحكومات المدنية للعودة لقيادة البلدان (المنسحبة) التي تديرها الحكومات العسكرية، بل وتهدد في بعض الأحيان بتدخل عسكري غير مسبوق في النيجر.

ونقلت الصحيفة ما قاله ماهامان نياري، المتحدث باسم منظمة شبابية، في مقابلة مع وكالة "فرانس برس" في العاصمة المالية: "هذه بداية مرحلة جديدة في حياة دولنا. سنواجه أوقاتا صعبة، ولكن من خلال العمل المشترك وتقديم الدعم في الدول الثلاث، سنتمكن من التغلب على كل هذه الصعوبات".  وفي بوركينا فاسو، تحدّث رئيس الوزراء، أبولينير يواكيم كيليم دي تامبيلا، عن قرار "مدروس بعناية"، معترفا بأنه "لن يكون دون عواقب على دولهم واقتصاداتهم".

تعد مالي وبوركينا فاسو والنيجر، التي يقودها الجيش منذ 2020 و2022 و2023 على التوالي، من بين أفقر عشرين اقتصادا في العالم. ويبلغ نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي أقل من 2500 دولار سنويا (2320 يورو) في تعادل القوة الشرائية، وذلك وفقا للبنك الدولي.

ولا تتمتع هذه الدول الثلاث بإمكانية الوصول إلى البحر، مما يضطرها إلى الاستيراد والتصدير عبر جيرانها الساحليين، مثل ساحل العاج وبنين وتوغو وغانا ونيجيريا. كما تضمن المجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا بشكل خاص حرية تداول البضائع والأشخاص. ومن المتوقع أن يكون لهذا الانسحاب - الذي سيكون ساري المفعول خلال سنة واحدة، وفقا للنظام الأساسي للكتلة، و"دون تأخير"، وفقا للحكومات الثلاث - تداعيات اقتصادية.

إظهار أخبار متعلقة


تجارة محدودة داخل المجتمع
بالنسبة لتشارلي روبرتسون، رئيس استراتيجية الاقتصاد الكلي في شركة "إف آي إم بارتنرز"، فإن هذا القرار ليس سوى "الأغبى منذ تصويت المملكة المتحدة لصالح خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي".

وأضاف في مذكرة مكتوبة؛ "إنهم يمثّلون 8 بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي للمجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا، ويفقدون إمكانية الوصول إلى أسواق مثل نيجيريا وغانا، اللتين يبلغ إجمالي ناتجهما المحلي 467 مليار دولار".

ردًا على أسئلة الصحفيين، أكد مدير إدارة أفريقيا في صندوق النقد الدولي، أبيبي أمرو سيلاسي، أن الدول الثلاث ستكون أولى الخاسرين، وستواجه بشكل خاص "تكاليف معاملات مرتفعة". ولكن في غرب أفريقيا، لا تزال التجارة بين بلدان المجموعة محدودة. وتشير وكالة "بلومبرغ" إلى أن الوجهة النهائية لحوالي 15 بالمئة فقط من حجم المبادلات التجارية، كانت في دولة أخرى عضو في المجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا. في المقابل، يشير أحد الدبلوماسيين المقيمين في أبوجا، نيجيريا، حيث يقع المقر الرئيسي للمنظمة، إلى أن "التكامل بينهما هو المهم. تعد بلدان الساحل من الموردين الرئيسيين للحوم ومنتجات الحدائق، في حين تملك البلدان الساحلية شبكات صناعية أكثر اتساعا: فهي تصدر المواد الغذائية والمنتجات الصناعية".

بالإضافة إلى ذلك، استثمرت المدن الساحلية مثل أبيدجان في ساحل العاج، أو داكار في السنغال، بكثافة في السنوات الأخيرة في موانئها من أجل تلبية احتياجات هذه المناطق النائية، من بين أمور أخرى. وبعيدا عن التجارة، تنشأ أيضا القدرات التمويلية لهذه الحكومات ذات الميزانيات المحدودة، خاصة بسبب تكلفة حربها ضد الجهاديين. ويضيف المصدر ذاته أن "بنك سيدياو للاستثمار قدم لهم فرصا، كما مثلت المؤسسة أيضا إطارا لجذب المستثمرين".

وينطبق هذا بشكل خاص على بوركينا فاسو ومالي والنيجر، التي عجزت عن سداد ديونها بعد خضوعها للعقوبات الإقليمية، التي لا تزال سارية في نيامي بالنيجر. ومن جانب آخر، تقدر وكالة "ستاندرد آند بورز" في نشرة صدرت مؤخرا، أن واغادوغو ليست بمأمن من تدهور تصنيفها؛ فقد تنخفض قدرتها على سداد ديونها التجارية إذا فقدت بوركينا فاسو، ردا على ذلك، إمكانية الوصول إلى أسواق التمويل في الاتحاد الاقتصادي والنقدي لغرب أفريقيا.

إظهار أخبار متعلقة


مواجهة الفرنك الأفريقي
يركز الاتحاد الاقتصادي والنقدي لغرب أفريقيا، وهو مؤسسة موازية للجماعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا، على التكامل المالي والعملة المشتركة، الفرنك الأفريقي. في المقابل، يرى العديد من المراقبين أن انسحاب الأخير هو الذي سيكون له في نهاية المطاف تداعيات اقتصادية أكبر.

نقلت الصحيفة عن أحد الخبراء الماليين من المنطقة، أن "الخروج من المجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا يمكن أن يكون تحركا سياسيا بسيطا؛ لأنه لا يعني الكثير. في المقابل، يعد الخروج من الاتحاد الاقتصادي والنقدي لغرب أفريقيا أكثر جدية، حيث لديهم احتياطياتهم النقدية هناك، وسوف يستغرق الأمر وقتا أطول بكثير". بالإضافة إلى ذلك، يضمن الاتحاد الاقتصادي والنقدي لغرب أفريقيا أيضا حرية تداول البضائع والأشخاص.

لكن نيجيريا، مثل ستة بلدان أخرى في المنطقة، ليست جزءا من الاتحاد النقدي. لذلك، ينبغي للمجلس العسكري أن يتاجر بسهولة أكبر مع هذا العملاق النفطي، الذي تشترك معه النيجر في حدود مشتركة طويلة.

في هذه المرحلة، لم تعلن أي من الدول الثلاث حاليا اعتزامها ترك الاتحاد الاقتصادي والنقدي لغرب أفريقيا على المدى القصير. وفي بوركينا فاسو، أعلن الكابتن إبراهيم تراوري، الرئيس الانتقالي، أن النظام سيتعامل "على الأرجح" قريبا مع الفرنك الأفريقي. إنهم يعملون على ذلك، لكنه ليس أمرا فوريا". كم شدد على أن تحالف دول الساحل الثلاثي تم إنشاؤه جزئيا في أيلول/سبتمبر 2023، من جانب الأنظمة الثلاثة للتفكير في إنشاء عملتها الخاصة.

كما يطرح تحالف دول الساحل الثلاثي نفسه على نطاق أوسع، كبديل للمجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا، التي يمكن أن تسعى معها للتفاوض على معاهدات تجارية جديدة، "كما فعلت المملكة المتحدة مع الاتحاد الأوروبي بعد خروجها من الاتحاد الأوروبي".

للاطلاع إلى النص الأصلي (هنا)

التعليقات (0)