هاجم
عبد الكريم مطيع، مؤسس حركة
الشبيبة الإسلامية "المحظورة"، الموجود في المنفى منذ 1975، النظام
المغربي ممثلا في الحكومة، معتبرا موقفها الرافض لإلغاء عقوبة الإعدام ليس مبررا دينيا وشرعيا، ولكنها توظفه للتخلص من معارضيها السياسيين.
وتساءل عبد الكريم مطيع، في مقال حصلت "عربي21" على نسخة منه: "هل الإعدام عقوبة إسلامية أم انتقام سياسي؟ وهل ينبغي أن يلغى؟"، قبل أن يشدد على وجود خلط "بين الإعدام الذي هو عقوبة وضعية وبين معنى القتل في المفهوم الإسلامي".
وسجل مطيع، الموجود في منفاه بلندن، والمدان بالإعدام مرتين، أنه "يحتدم النقاش هذه الأيام حول إلغاء عقوبة الإعدام أو إقرارها، ما بين المنظمات الحقوقية الوطنية والعالمية، وبين النظام المغربي ممثلا في حكومته بكافة أطيافها السياسية التي تصر على الاحتفاظ بهذه العقوبة".
وأكد مطيع على أن هذه الحكومة، تصر على "استثمار عقوبة الإعدام سياسيا للتخلص من بعض معارضيها أو خصومها إن اقتضت مصلحتها وظروفها ذلك، مبررة موقفها هذا بكون الشرع الإسلامي هو واضع هذه العقوبة ولا سبيل لإلغائها".
وأوضح مطيع "أن رؤية الإسلام في هذه القضية، تمييز بين عقوبة الإعدام التي يدور الحوار حولها،
وبين عقوبة القتل في الشريعة الإسلامية، لاسيما وأن القانون الوضعي المعمول به في بلدنا يخلط بين الإعدام الذي هو عقوبة وضعية وبين معنى القتل في المفهوم الإسلامي".
ومضى الكاتب يقول، إن "الإعدام ليس عقوبة إسلامية ولا يجوز أن تتخذ الشريعة الإسلامية غطاء لتقريره أو الدفاع عنه أو التمسك به، كما أنه لا يجوز للحاكم المسلم أن يحكم به".
فالإعدام، بحسب مطيع، "ليس عقوبة إسلامية، وإنما هو انتقام سياسي مموه بمبررات قانونية في أغلب أحواله، والحكم به حكم بغير ما أنزل الله، والصواب أن يلغى من القانون الجنائي في المغرب".
وتابع بأنه "لا يحق للحاكم المسلم أن يزهق روحا آدمية خارج إطار القصاص الذي ليس بيده وإنما هو بيد أولياء القتيل وحدهم إن شاءوا قتلوا - ولم يعدموا – ثم يعرضون جميعا مع القتيل والقاتل على المحاكمة الأخروية بين يدي الله ليميز الظالم منهم والمظلوم، وإن شاءوا عفوا كما رغب في ذلك القرآن الكريم".
وشدد على أن "المنظمات الإنسانية الوطنية والعالمية على حق في مطالبتها بإلغاء عقوبة الإعدام، وهو منها موقف موافق للشريعة الإسلامية ولما تدعو إليه".
واعتبر مطيع "أن لفظ الإعدام مصطلح غربي له جذوره في عقائد الغرب الذي يرى القتل إعداما، من "العدم" الذي هو الفناء، ضد الوجود، لأن حروف "العين والدال والميم" أصل لغوي واحد يدل على فقدان الشيء، والإعدام بذلك إفناء للشيء وإحالته إلى عدم".
وأفاد الكاتب، بأن "القتل لغة من فعل (قَتَلَ) والقاف والتاء واللام أصل لغوي يدل على إذلال وإماتة، أي إذلال المرء وإماتته، وهو في العقيدة الإسلامية مجرد انتقال بالموت مع الإذلال إلى الآخرة للحساب والجزاء، انتقالا لا ينتهي بالفناء ولا تطوى صفحته بالإعدام، وإنما نهايته بالعرض على المحكمة الإلهية كي يفصل فيه بين الحق والباطل والظالم والمظلوم، سواء كان القاتل سلطانا أو رئيسا أو ذا قوة ونفوذ، أو كان المقتول ضعيفا أو محقرا أو مستضعفا".
وأوضح مطيع أن "الحكم بالإعدام في القوانين الوضعية يصدر لعشرات الأسباب التي لا حصر لها تبعا لمصلحة كل نظام سياسي، ولرؤيته ومزاجيته المنبثقة من ظروفه وأهدافه وتصوره للحياة"، وبيّن أن "القتل الذي نظر إليه الإسلام نظرة عدل لا تسمح بإزهاق الروح الإنسانية إلا في حدود ضيقة جدا، ومحصورة في حالات خاصة".
وحصر الكاتب القتل "الشرعي" في ثلاث حالات، أولها "القصاص" التي اعتبرها عقوبة القتل الثابتة الوحيدة في الشريعة الإسلامية تحت مصطلح القصاص الذي هو "قتل القاتل"، مشددا على أنها "من واجب احترام حق الإنسان في الحياة".
ثاني الحالات "حد الحرابة"، الذي اعتبره "خاصا ببني إسرائيل، وتأويلها وإقحامها في الشريعة الإسلامية لا يجوز، إلا لمن يرى أن شرع من قبلنا شرع لنا، أو من يريد أن يوظفها تعسفا سياسيا لحماية الأنظمة القائمة".
وثالث الحالات هي "رجم الزاني المحصن"، مشددا على أنه "لا يعمل به في بلادنا، كما أنه لا يطالب به أحد عندنا، بغض النظر عن الجدل القائم حول سنيته أو قرآنيته أو ثبوته، وهو موضوع فقهي ليس هذا مجاله".