باتت ظاهرة الإقبال على شراء
الملابس المستخدمة واضحة للعيان في قطاع
غزة، وتعكس تدهور الأوضاع الاقتصادية المتواصل بسبب
الحصار.
ولقد بات من الملاحظ أن أعداداً كبيرة من الغزيين والغزيات يتوجهون للأسواق الشعبية في أرجاء القطاع لشراء الملابس المستخدمة، التي يتم عرضها، إما بواسطة "دلال" أو شراؤها مباشرة من بسطات.
وفي زاوية كل سوق شعبي في مدن ومخيمات قطاع غزة، يقوم "الدلال" - وهو تاجر ملابس مستخدمة- بعرض ما لديه من ملابس على مرتادي السوق، حيث يطلب منهم تحديد سعر لما لديه، ومن يدفع ثمنا أعلى يقوم بقذفها تجاهه، في حين يقوم شريك له بتحصيل ثمن القطعة.
وفي الغالب يكون سعر الملابس المستخدمة زهيدا جداً مقارنة بالملابس الجديدة.
وفي وسط سوق مدينة غزة الشعبي، يعرض دلال ما لديه من ملابس، التي غالباً ما تنفذ جميعاً بسبب ازدياد الطلب عليها لرخص أسعارها.
أحد الأشخاص، كان قد اشترى عددا كبيرا من قطع الملابس المستخدمة في سوق غزة الجمعة، قال لـ "عربي 21" إنه على الرغم من أنه يعمل موظفا في إحدى الدوائر، ويحصل على راتب 1300 شيكل (400 دولار)، إلا إنه لم يجد بدّا إلا التوجه للأسواق الشعبية وشراء الملابس المستخدمة الشتوية، لتمكين أفراد عائلته التسعة من قضاء فصل الشتاء القارس.
ويشير هذا الشخص إلى أنه منذ خمسة أشهر لم يستلم إلا نصف الراتب بسبب الضائقة المالية التي تمر بها الحكومة، علاوة على أن ثلاثة من أبنائه يدرسون في الجامعة، وهو ما لم يجعل أمامه بدا سوى تقليص المصاريف.
وإلى جانب "الدلال"، فإن بعض تجار الملابس المستخدمة، ومعظمهم من النساء، يقومون ببيع ما لديهم عبر بسطات يتم نصبها بشكل مؤقت في
الأسواق الشعبية أو بشكل دائم على الشوارع العامة في المدن ومخيمات اللاجئين، أو بالقرب من المؤسسات التي تقصدها النساء، سيما العيادات الصحية.
فعلى سبيل المثال، من يدخل السوق الشعبي في مخيم "المغازي" للاجئين، وسط قطاع غزة من الناحية الغربية، والذي يتم تنظيمه يوم الأحد، من كل أسبوع، فإن أول ما ستقع عينه عليه هو بسطة كبيرة لبيع الملابس المستخدمة، والعشرات من النساء اللاتي ينتشرن حولها لاختيار ما يناسب عوائلهن من ملابس.
وفي الوقت الذي يزداد فيه الإقبال على الملابس المستخدمة، فإن مبيعات المحلات التجارية التي تبيع الملابس الجديدة تقلصت إلى حد كبير.
من يسير في شارع "عمر المختار"، الذي يصل شرق غزة بغربها، لا بد أنه سيلحظ حالة الكساد التي تعاني منها محلات الملابس.
اثنان من أصحاب محلات بيع الملابس يقتلان الوقت وهما يلعبان الشطرنج، وعندما توجه إليهما "عربي 21" بالسؤال عن واقع الحال، ردّ الاثنان معاً: "نايمة"، أي أن الحركة الشرائية للناس متدهورة.
في هذه الأوضاع تنشط جمعيات خيرية في جمع التبرعات للأسر الفقيرة، ومن ضمن ذلك جمع الملابس المستخدمة والأدوات المنزلية التي يستغني عنها أصحابها وتوزيعها.