كتبت مرارا عن مدى ضعف أرقام التأييد الذي يحظى به الرئيس دونالد ترامب في استطلاعات الرأي، وأعتقد أنه في ورطة أكثر مما يعتقد ذلك كثيرون من المحللين السياسيين. لكن يمكنني القول إن هناك مبالغة في استطلاع رأي جديد من المفترض أنه يؤيد ذلك. فقد ركز موقع «دروديج ريبورت» على الإنترنت ورجل الأعمال أنطوني سكاراموتشي الذي نصب نفسه حديثا قائدا لحملة ضد ترامب، على استطلاع رأي جديد صادر لـ«أكسيوس ومورننج كونسالت».
والتغيرات التي أشار إليها استطلاع الرأي كئيبة فيما يبدو إلى حد كبير؛ فقد خسر ترامب 18 نقطة من صافي معدلات التأييد له (أي بعد طرح أرقام عدم التأييد من أرقام التأييد) في نيوهامبشر، و20 نقطة في ويسكونسن، و18 نقطة في ميشيجان، و18 نقطة في نيفادا، و26 نقطة في أريزونا، و23 نقطة في فلوريدا. فما مسوغ هذه التغيرات؟
الإجابة هي أن الأرقام ناتجة عن مقارنة بين معدلات التأييد لترامب الآن، ومعدلات التأييد له في بداية رئاسته التي مثلت ذروة التأييد له في رئاسته، كما هو الحال في رئاسة عدد كبير آخر من الرؤساء. وكشف منظمة «أكسيوس» عن أن الأرقام الحالية الخاصة بتأييد ترامب في هذه الولايات، قورنت مع أرقام يناير 2017 مع بداية تنصيبه رئيسا. وكل رئيس يتمتع، إلى حد كبير، بشعبية كبيرة مع بداية تنصيبه، مما يعني أنه إذا قورنت هذه الشعبية بمعدلات التأييد لهم لاحقا، فمن المرجح أن نجد درجة ما من التراجع في التأييد.
والواقع أن ترامب تمتع بأكثر معدلات التأييد ثباتا بشكل ملحوظ، وليس هناك ما يدفع إلى الاعتقاد بحدوث تغير كبير في الأسابيع أو الشهور القليلة الماضية، أو حتى منذ بداية عام 2018. فقد كان تنصيبه النقطة الوحيدة التي يمكن مقارنتها باليوم، لنعرف مقدار التفاوت. وهناك ببساطة القليل للغاية من النفع في مقارنة الأرقام بذاك الوقت، وهناك فائدة أقل بكثير في الإشارة إلى أن استطلاعات الرأي تلك، التي يفصل بينها 31 شهرا، تمثل نوعا ما من الإضافة في المعلومات.
وبالإضافة إلى استطلاعات الرأي الأخرى الأحدث، فالأرقام ليست مثيرة للدهشة إلى هذا الحد، وبعضها في صالح ترامب إلى حد كبير إذا تحرينا الدقة؛ فصافي التأييد لترامب يبلغ -10.4 (تأييد بنسبة 43.2 في مقابل عدم تأييد بنسبة 53.6) كمتوسط قومي، بحسب موقع ريال كلير بوليتكس. ولا مفاجأة تقريبا في حصول ترامب على صافي تأييد يبلغ -14% في ويسكونسن و-11% في ميشيجان و-8% في بنسلفانيا، وهي الولايات المحورية الثلاث التي فاز بها بفارق ضئيل للغاية عام 2016. بل قد يكون من الجيد كثيرا لترامب حصوله على صافي تأييد يبلغ -4% في فيرجينيا التي خسرها عام 2016 و-1% في فلوريدا.
ونقطة المقارنة الأفضل، ربما تكون قبيل انتخابه وقبل حصوله على دفعة التحسن الناتجة عن تنصيبه رئيسا؛ فصافي معدلات التأييد له يوم إجراء الانتخابات عام 2016 بلغت -29 في ويسكونسن و-20 في ميشيجان و-14 في بنسلفانيا، وفقا لاستطلاعات آراء الناخبين بعد الإدلاء بأصواتهم. وهذه الأرقام جميعها أسوأ من الأرقام الجديدة في هذه الولايات. ومعدلات التفضيل لا تناظر تماما معدلات التأييد؛ فقد استفاد ترامب عام 2016 من انعدام الشعبية المماثل لغريمته هيلاري كلينتون. وربما يكون ترامب في ورطة، لكن هذا لا يضيف تقريبا شيئا للبيانات التي توضح هذا. ولذا، يتعين توخي الحذر عند النظر إلى استطلاعات الرأي التي توحي بحدوث تحول كبير في معدلات تأييد ترامب.
عن صحيفة الاتحاد الإماراتية