نقول لترامب شكرا، ليس لأنه عمل عملا جيدا، بل لأنه جمع كلمة المسلمين والعرب تجاه المسجد الأقصى، لقد تقارب المسلمون عندما أصدر قراره الظالم باعتبار القدس عاصمة للكيان الصهيوني، فأصبحوا على قلب رجل واحد. ونحن نتابع الأخبار هذه الأيام، نرى الرفض القاطع والمعارضة الشديدة على المستوى الرسمي والشعبي من جميع العرب والمسلمين، فالمسلمون والمسيحيون العرب رفضوا هذا القرار الجائر الذي لا يحترم شعور أكثر من مليار ونصف المليار من سكان هذه المعمورة، حتى مذاهب المسلمين وطوائفهم واختلاف أفكارهم اجتمعوا على رأي واحد، وهو حرمة المسجد الأقصى ورفض هذا القرار.
إن القدس عربية فهي جزء من الوطن العربي، وإسلامية حيث كونها مسرى الرسول صلى الله عليه وسلم، فقد قال تعالى: (سبحان الذي أسرى بعبده ليلاً من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى الذي باركنا حوله..)، ومباركة حيث تجتمع بها الديانات السماوية والصلاة بها كأجر خمسمائة صلاة في المساجد الأخرى غير الحرمين الشريفين.
إن هذا القرار هو احتلال جديد ومبطن بإطار ديبلوماسي، أراد به ترامب أن يقنع العالم ويجعله أداة من أدوات التطبيع ويفرضه على أنظمة المنطقة في ظل هذه الظروف الصعبة المفتعلة من قبل السياسة الأميركية.
المتابع للأحداث يلاحظ أن هناك وقفة جادة للمسلمين على مستوى دول أو جاليات، ولا يختلف طرحهم تجاه هذه القضية، كما أن العرب من غير المسلمين لهم وقفة وطنية أمام هذا الاغتصاب لبلادهم العربية، وما يثلج الصدر الموقف الدولي ضد هذا القرار لأنه تعدٍ على حقوق الآخرين.
إن هذا القرار الظالم جاء على عكس ما يريده ترامب، وكأنني أسمعه يتمتم كما يقول المثل الشعبي «بغيناها طرب صارت نشب»، فهو في النهاية وسيلة جيدة تجمع شمل المسلمين والعرب وتوحدهم في سبيل تحرير أراضيهم وحرصهم على مكانة الأقصى الشريف.
إن المرحلة الآن موزعة على الأنظمة الإسلامية في اتخاذ إجراءات عملية ضد كل من اعتدى على حرمات ديننا وأراضينا، ثم على الشعوب العربية والإسلامية في استمرارية معارضة تبعات هذا القرار وفق ما يقره ديننا الحنيف والقوانين الدولية.
إننا بشكرنا لهذا الرجل الظالم لا نكافئه، إنما نشكر الله جل وعلا على أن جعله وسيلة لرجوع المسلمين الى دينهم وترابط قلوبهم.
يقول تعالى عز وجل: (ويمكرون ويمكر الله والله خير الماكرين.. الأنفال -30).
الأنباء الكويتية