أكد منسقو التحرك الاحتجاجي الذي تشهده ولاية
تطاوين جنوب
تونس، أن الإجراءات التي تم الإعلان عنها عقب المجلس الوزاري الذي خُصص لدراسة مطالب الولاية؛ لم ترتق إلى تطلعات الأهالي.
وشهدت المدينة توقفا لكافة الأنشطة الحيوية، الثلاثاء، باستثناء تواصل عمل عدد من المخابز والصيدليات والمستشفى الجهوي، تنفيذا للإضراب العام الذي دعت له تنسيقيات شباب الولاية المعتصمين سلميا للمطالبة بالتنمية والتشغيل.
تصعيد رغم القرارات
ورغم زيارة وفد وزاري للاستماع لمطالب المحتجين، وتخصيص مجلس وزاري انعقد الاثنين، وإعلان عدد هام من القرارات؛ قرر المُحتجون مواصلة الاعتصام داخل الخيام، مع فتح حركة المرور جزئيا للسيارات الخاصة، ومنع السيارات الإدارية، مستثنين منها السيارات التابعة للجيش الوطني، والحماية المدنية، والصحة العمومية، وبلدية تطاوين، وإذاعة تطاوين.
وقال طارق الحداد، أحد منسقي التحرك الاحتجاجي، في تصريح لوكالة تونس أفريقيا للأنباء، إن المعتصمين ينبهون الحكومة بأنه سيتم غلق الإدارات العمومية في حال لم تتم الاستجابة لمطالبهم، مع الإعداد للتوجه إلى محطة "الكامور" (محطة لضخ البترول في الصحراء) للاعتصام فيها، مؤكدا على سلمية كل التحركات الشبابية، ومحافظة المعتصمين على الأملاك العامة والخاصة، وفق تعبيره.
وكان عدد من شباب المدينة قد أطلقوا، الأربعاء، حملة على مواقع التواصل الاجتماعي تحت عنوان "اجبد فلوسك" (اسحب أموالك) تدعو إلى سحب الأموال من فروع البنوك ومكاتب البريد بتطاوين، في خطوة احتجاجية على كيفية تعامل الحكومة مع مطالبهم.
أزمة ثقة بين السلطة والشعب
وأرجع أستاذ علم الاجتماع السياسي، محمد الهمامي، عدم نجاح الحكومة في التخفيف من حدة الحراك الاحتجاجي من خلال الإجراءات العديدة التي أعلنت عنها؛ إلى انخفاض منسوب الثقة بينها وبين المواطنين عموما، ومن يقودون الحركة الاحتجاجية على وجه الخصوص.
وقال لـ"عربي21" إن مختلف الحكومات التي تعاقبت على الحكم منذ
الثورة؛ وقعت في ما أسماه "فخ إطلاق الوعود تحت ضغط
الاحتجاجات، دون أن تكون لها القدرة على تنفيذها، وهو الأمر الذي خفض تدريجيا من منسوب الثقة بين الشعب التونسي وبين المنظومة الحاكمة ككل"
وتابع الهمامي: "شهدنا في الموجات الاحتجاجية السابقة طيلة السنوات الماضية؛ تراجعا لنسقها بمجرد الإعلان عن جملة من القرارات، لكن يبدو أننا إزاء تطور في الحالة الاحتجاجية لن تكتفي بالوعود".
وكانت مؤسسة سيغما كونساي المتخصصة في سبر الآراء، قد كشفت عن تراجع منسوب الرضا عن أداء رأسي السلطة التنفيذية بأربع نقاط للحكومة، وبخمس لرئاسة الجمهورية، بالتزامن مع ارتفاع غير مسبوق لمؤشر التشاؤم لدى التونسيين، والذي بلغ 73.1 بالمائة، وفق دراسة أعدتها المؤسسة في بداية شهر نيسان/أبريل الجاري.
إعادة عناوين الثورة للواجهة
من جهته؛ قال المحلل السياسي علي اللافي، إن السلوك الاحتجاجي لأهالي ولاية تطاوين "لا يجب اختزاله في مستوى الثقة بينهم وبين الحكومة"، مشيرا إلى أن "الولاية تحمل إرثا منفردا من الشعور بالضيم بالمقارنة مع باقي الولايات، باعتبار أنها كانت مستهدفة منذ عهد حكم الحبيب بورقيبة، الذي تعرض فيها لمحاولة اغتيال.
وأضاف لـ"عربي21" أن تحرك أهالي تطاوين يستحضر كل العقود الماضية من التهميش المتعمد، وهو الأمر الذي يحول دون اعتمادها كمقياس لتوقع انتشار الحركة الاحتجاجية في المناطق الأخرى، وفق تعبيره.
وتابع اللافي: "بالإضافة للاستهداف السياسي الممنهج تجاهها تطاوين في السابق؛ لم تستفد هذه الولاية حتى اليوم من ثرواتها الطبيعية، سواء البترول أو الغاز أو الجبس، ومحصلة كل هذا ما تشهده الحركة الاحتجاجية من إصرار على المواصلة إلى حين تحصيل مكاسب تنموية حقيقية على الأرض".
وتوقع أن تتمدد الحركة الاحتجاجية المطالبة بالتنموية جغرافيا بسبب توفر الأسباب الموضوعية لذلك، مشيرا إلى أن "المطالب المرفوعة في تطاوين والقيروان والكاف؛ هي المطالب ذاتها التي انطلقت بها ثورة 2011".
وختم بالقول إن "أهالي تطاوين أعادوا عناوين الثورة التونسية للواجهة، بعد أن تناستها الطبقة السياسية الحاكمة، وحتى المعارضة".