نشر موقع "ميديابار" الفرنسي تقريرا مطولا؛ تحدث فيه عن المستقبل السوري الذي يحوم حوله الكثير من الغموض في ظل الوضع الحالي.
ويقول الموقع إنه في خضم هذا المشهد الضبابي، وعلى الرغم من مرور شهرين على سقوط حلب، إلا أن فرص التوصل إلى حل حول الصراع السوري، تبدو بعيدة المنال أكثر من أي وقت مضى.
وقال الموقع في تقريره الذي ترجمته "عربي21"، إن مؤتمر أستانا في كانون الثاني/ يناير الماضي؛ تميز بتغييب المعارضة السورية بشقها السياسي عن المشهد. في المقابل، يمكن أن يعزز مؤتمر جنيف الذي انطلق الخميس؛ من دور الأطراف الداعمة للنظام السوري.
ونقل الموقع عن إحدى اللاجئات السوريات في لبنان قولها، إنها لم تفكر أبدا في ترك حلب، فحلب هي التي تخلت عنها". وتابعت قائلة: "لقد خُلقت معارضة للنظام، فكيف لي أن أصمت؟".
وأضاف الموقع أنه منذ سقوط حلب تحت سيطرة النظام السوري وحلفائه، تغيرت موازين القوى، مع تجاهل كلي للمعارضة السورية. كما أصبحت كفة ميزان القوى تميل لصالح أطراف مثل روسيا وإيران وتركيا، في الوقت الذي تعاني فيه القوات العسكرية للنظام من انهيار شديد.
ووفقا للباحثة أغنيس فافيير، فإن "سقوط حمص في سنة 2014، كان يعتبر انهيارا للملاذ الأخير للقوى المعارضة، التي تحاول تكوين بديل لتنظيم الدولة وجبهة النصرة. أما اليوم، فتعد إدلب الأمل الوحيد المتبقي للقوات المعارضة. كما أن المجالس المحلية، في هذه المنطقة، لا زالت محافظة على وجودها".
وتعتبر المجالس المحلية دليلا على أن المجتمع المدني لا يزال نشطا في
سوريا، على الرغم من استهدافهم بالقصف، فضلا عن محاولة إضعاف المعارضة.
وأشار الموقع إلى أنه على الرغم من التعب والخوف في صفوف اللاجئين السوريين في لبنان، إلا أنه لا أحد منهم على استعداد للتراجع عن الموقف الذي اتخذه، المتمثل في معارضة الأسد؛ فآدم الذي تعرض للتعذيب في سجون الأسد، يؤكد أنه ليس نادما على مشاركته في الثورة ضد نظام الأسد، كما يعتبر أن الثورة السورية جاءت للمطالبة باحترام الحريات الفردية والجماعية، وفرض المزيد من الديمقراطية، وإرساء مبدأ التداول على السلطة.
وأضاف الموقع أنه في النقاشات الدولية، لم يعد رحيل الأسد يمثل حتى جزءا من النقاش. ووفقا لأغنيس فافيير، فإن "وضع حد للعنف، هو الأولوية الأولى في سوريا. كما أن تنحي الأسد لم يعد من المطالب التي تتناوب المنابر للحديث عنها. ومنذ بداية المشوار، كانت هذه المسألة محفوفة بالمخاطر؛نظرا لأن المعارضة قد فشلت في علاج هذه القضية ولم تكن قادرة على تقديم البديل".
وبيّن الموقع أنه مع الانقسامات التي طالت صفوف المعارضة السياسية، وتسلح القوى المعارضة، وصعود الجماعات المتطرفة مثل تنظيم الدولة وجبهة النصرة، أصبح احتمال إنهاء النزاع بعيد المنال.
وبحسب ثابت عبارة، رئيس اتحاد السوريين في المهجر، الذي يعيش في قبرص، فإنه "في الوقت الذي لم توضع فيه بعد نهاية لتنظيم الدولة وجبهة النصرة، فإنه لا يمكن التوصل إلى حل سياسي، وبالإضافة إلى ذلك، فقد خلق النظام تنظيم الدولة ليكون كلب حراسة. أما الآن، أصبح كلب الحراسة مسعورا".
وأورد الموقع أنه في واقع الأمر، لم يضع مؤتمر أستانا ملامح المشهد السياسي السوري. وفي هذا الصدد، قال الباحث السوري في بيروت، جهاد يازجي: "في سوريا، لا يوجد إلى حد الآن بديل سياسي". أما من وجهة نظر ثابت عبارة، فإن "البيان الأخير عن النظام السوري لم يتحدث حتى عن انتقال سياسي، وإنما وضع ملامح العملية السياسية، كما لم يتناول الحديث عن تعزيز قرار وقف إطلاق النار".
وقيّم عبّارة الوضع قائلا إن "مؤتمر أستانا لم يكن ناجحا، ولن يحقق مؤتمر جنيف أيضا أي نجاح يذكر. وعموما، لن يحقق أي مؤتمر نجاحا ملموسا ما لم يشارك الأمريكيون في العملية بشكل فعال".
وقال الموقع، إنه يبدو أن الأتراك والروس متوافقون حول التوصل إلى حل سياسي، إلا أنهم في حاجة إلى دعم أمريكي للتمكن من فرض هذا الحل على إيران. وعموما، فإن إيران لا تريد التوصل إلى حل سياسي في سوريا في الوقت الراهن؛ نظرا لأنها تسعى لحسم المعركة عسكريا.
وأضاف الموقع أن المشكلة الأساسية في سوريا تتمثل في إيجاد حل يرضي جميع الأطراف المتدخلة في الساحة السورية. ووفقا للسفير السوري السابق، سامي الخيمي، فإن "الروس يريدون الحصول على تسهيلات بحرية، وتعزيز مصالحهم الاقتصادية. ومن جهتهم، يريد الإيرانيون الغاز والسيطرة على ممرات الوقود. أما الأتراك، فيريدون وضع حد للخطر الكردي. ومن المؤكد أن البلاد ستبقى تحت تأثير خارجي، وتحت هذا الضغط، لذلك يجب عليها أن تضمن استقلاليتها".
وقالت فافيير إنه "في الوقت الحالي، لدينا سوريتان على أرض الواقع، وهو مشهد لا يمكن أن يؤدي إلا إلى صعود التطرف. فمن جهة، لدينا نظام له حلفاء أقوياء على نحو متزايد، ومن جهة أخرى، يسيطر تنظيم الدولة على نصف المساحة". وتابعت قائلة: "أنا أخشى أن يعاد السيناريو العراقي في سوريا خلال العشر السنوات المقبلة، خاصة أن العديد من السوريين الآن يرون التدخل الروسي في سوريا شبيها بالتدخل الأمريكي في العراق سنة 2003".