يعمل
النفق الإسرائيلي الجديد الذي يربط بين
مدينة القدس المحتلة و"تل أبيب"، على تقليص مدة السفر، وتحويل مدينة القدس من منطقة أطراف إلى منطقة مركز، بهدف المساهمة في خلق مدينة القدس الكبرى؛ العاصمة اليهودية المفترضة لدولة الاحتلال، وفق خبراء فلسطينيين.
وأكد رئيس حكومة الاحتلال بنيامين
نتنياهو، في حفل افتتاح النفق الجمعة الماضي، أن هذا "الحدث تاريخي؛ لأن الطريق إلى عاصمة إسرائيل (القدس) لم يكن قصيرا إلى هذا الحد ذات مرة" وفق موقع "المصدر" الإسرائيلي.
وقال نتنياهو: "نعرف أن هذا الطريق هو مسار مركزي يربط بين عاصمة إسرائيل وتل أبيب وباقي الدولة، وهذه الانطلاقة هامة جدا من أجل تطوير القدس وتطوير الدولة وطنيا.. لقد باتت القدس وجهة مركزية وفق هذا الحلم الذي يتحقق بسرعة، وذلك في العام الـ50 على توحيد العاصمة".
وأضاف: "بعد حرب الأيام الستة؛ أصبحت القدس في ذروة تألقها، القدس المتلألئة، النابضة بالحياة، المليئة بالسياح".
وبحسب الموقع الإسرائيلي؛ فإنه يتوقع أن يختصر هذا النفق الوقت إلى النصف، بما يوازي أقل من نصفة ساعة، ويجنب المسافرين خطورة الطريق القديم (طريق يافا تل أبيب القدس) الذي يتميز بالمرتفعات والمنحنيات والالتواءات الكثيرة والاكتظاظ الشديد.
وبيّن خبير تخطيط المدن والديمغرافيا الفلسطيني، البروفيسور راسم خمايسي، أنه "حتى عام 1967؛ كانت كل المنطقة عبارة عن أطراف، بما فيها الشطر الشرقي للقدس (سكانه عرب) الذي يقع تحت السيادة الأردنية، أما الشطر الغربي من القدس (يستوطنه اليهود بشكل كامل)؛ فكان يظهر وكأنه محاصر بالأحياء والمدن الفلسطينية".
اقرأ أيضا: شارع "443" الاستيطاني.. القصة الكاملة
وأضاف لـ"
عربي21": "منذ تلك الفترة سعت إسرائيل إلى إخراج مدينة القدس من هذه الحالة عبر ثلاثة مستويات، الأول؛ فتح شارع 443 الذي يصل شمال القدس، وشارع آخر يصل جنوبها، وشارع رقم 1 الذي يربط منطقة القلب ويصله النفق الجديد. وهذا كله من أجل تسهيل الحركة، علما بأن جزءا من طريق النفق الجديد عبارة عن جسر".
منطقة مركز إضافي
وأوضح خمايسي أن "المستوى الثاني تمثل في التفكير بربط القدس بتل أبيب -التي تعتبر مركز البلاد- بشبكة مواصلات سريعة جدا، إضافة إلى سكة حديد، علما بأن دولة الاحتلال لديها 2.5 مليون سيارة تقريبا"، مبينا أن "المستوى الثالث وظائفي، بمعنى تحويل مدينة القدس من منطقة أطراف إلى منطقة مركز إضافي؛ تحيط به المستوطنات الإسرائيلية على شكل دائرة واسعة تتمكن من التغلغل في داخل الأحياء الفلسطينية، وهذا كله يصب في خانة تمهيد الطريق لخلق القدس الكبرى".
وحول وجود أبعاد اقتصادية لمشاريع الأنفاق الإسرائيلية؛ قال خمايسي إن الهجرة السلبية لليهود من القدس، وخاصة الطبقة الوسطى؛ أضعفت المدينة اقتصاديا، ولذلك تعمل إسرائيل على جعل القدس جاذبة للمستثمرين؛ من أجل فتح المجال لخلق فرص اقتصادية جديدة لجلب مزيد من اليهود للسكن فيها".
خطوة جريئة
من جانبه؛ رأى الخبير في شؤون مدينة القدس المحتلة، جمال عمرو، أن هذا النفق من "أهم مشاريع البنية التحتية الإستراتيجية الإسرائيلية لترسيخ مبدأ أن القدس عاصمة يهودية أبدية للدولة اليهودية (إسرائيل)".
وقال لـ"
عربي21" إن الاحتلال "يعمل على ترسيخ هذا المفهوم في ذهن المواطنين والأجانب (السياح) الذين يهبطون في كل دقيقة على أرض فلسطين المحتلة في مطار اللد الدولي (بن غوريون)"، مشيرا إلى أن "هذا النفق عمل على اختصار المسافة، وجعل المطار وكأنه يقع في ضواحي القدس المحتلة".
وأكد أن "النفق حقق الهدف منه بالنسبة لإسرائيل، وسيشكل لدولة الاحتلال رافعة من روافع القدس العاصمة، وخطوة جريئة جدا في إلغاء
الحق الفلسطيني، وشطب مبدأ القدس عاصمة لدولتين، وخاصة إذا ما أضيف إليه نقل رئاسة الأركان الإسرائيلية والكلية العسكرية والجامعة العبرية إلى القدس، بالإضافة إلى السفارة الأمريكية".
وأوضح عمرو أن "نتنياهو يسعى إلى ترسيخ مفهوم الوطن والمواطنة، الذي يعني استيعاب جميع يهود العالم في هذه الأرض (فلسطين) باعتبارها الوطن القومي لليهود، وهذا مفهوم فاشي وعنصري بالغ الخطورة؛ ينسجم تماما مع الخطة والرؤية الكاملة للحركة الصهيونية منذ تأسيسها عام 1897"، لافتا إلى أن نتنياهو بذلك "يسقط الحق الفلسطيني الشرعي، ويعدم حل الدولتين".