مع دخول اتفاق "
أوبك" حيز التنفيذ يمكن لأي من مراقبي السوق النفطي أن يفطن بسهولة إلى أن هذا النوع من "الوعود" يصعب الإبقاء عليه، و"أوبك" نفسها بصدد اكتشاف ذلك.
وبدأ التحدي الحقيقي عندما وافق
العراق –ثاني أكبر منتج للنفط في أوبك- على خفض 210 آلاف برميل يوميا من مستويات إنتاجه، ورغم أن هذا يبدو سهلا من الناحية النظرية إلا أنه أكثر صعوبة في الواقع.
ويواجه العراق على وجه الخصوص قضية شائكة، لأن لديه التزامات تعاقدية مع الشركات العالمية التي تدير حقوله النفطية الضخمة في المنطقة الجنوبية، وليس من السهل أن تقبل هذه الشركات الالتزام بقرار بغداد.
ووفقا لتقرير أعده موقع "أويل بريس"، فإن هناك عقودا يجب الالتزام بها فيما ستحاول الشركات تعظيم ربحيتها بأقصى قدر ممكن وفق هذه العقود، فعلى عكس السعودية، العراق لا يملك سيطرة كاملة على إنتاجه النفطي.
لكن ما يزيد من تعقيد الموقف هو الرقابة الضعيفة للسلطات على الجزء الشمالي من البلاد الذي تسيطر عليه الأقلية الكردية والتي قد لا توافق على الامتثال لقرار الحكومة الوطنية لخفض الإنتاج.
وقد يكون هناك حاجة إلى اتفاق آخر بين الحكومة العراقية والأكراد لتحديد الطرف الذي يتحمل العبء الأكبر من خفض الإنتاج، إذ يرى الأكراد أن تتحمل الحقول الجنوبية هذا العبء كاملا بينما ترى بغداد العكس.
ونما إجمالي إنتاج العراق على نحو متسارع خلال السنوات الخمس الماضية في الوقت الذي بدأت فيه البلاد استرداد بعض مظاهر الحياة الطبيعية، فمع هدوء الأوضاع نسبيا استقدمت الحكومة عددا ضخما من الشركات للعمل في حقول النفط.
لكن في الوقت الراهن، ربما يفوق عدد الشركات الأجنبية التي تدير أعمالا نفطية في العراق ما يوجد لدى غيره من المنتجين.
وبفضل هذا الأمر وبالإضافة إلى التخصص في العملية الإنتاجية تمكن العراق من رفع إنتاجه إلى ما يقرب من 4.5 مليون برميل يوميا خلال الأشهر الماضية من 2.65 مليون برميل يوميا قبل 5 سنوات.
لكن ذلك يعني أن بغداد أمامها مهمة معقدة أخرى فيما يتعلق بخفض الإنتاج في ظل عدد من المنافسين الذين يسارعون لتعزيز إمداداتهم.
وتتضمن عقود الحكومية العراقية مع شركات التنقيب الأجنبية شروطا تنص على تعويض الشركات عن خفض الإنتاج الناجم عن أسباب خارجة عن إرادتها، وبطبيعة الحال يشمل ذلك اتفاق "أوبك" لكبح الإمدادات.
وبكلمات أخرى، سيتوجب على بغداد الدفع للمنتجين مقابل عدم ضخ النفط، وهو إجراء صعب من المنظور المالي نظرا لما تعانيه البلاد بالفعل من نقص في النقدية بعد عامين من انهيار أسعار النفط.
الأمر المحتمل والأكثر مدعاة للقلق هو عدم ظهور أي إشارات واضحة حتى الآن من قبل المنتجين الرئيسيين في العراق بشأن توصلهم لاتفاق مع الحكومة العراقية حول مستويات الخفض.
أما شركات "إكسون موبيل" و"بي بي" و"رويال داتش شل" لها وجود كبير في العراق، لكن أيا منها لم يفصح عن خفض كبير بالإنتاج.
لذا يتوجب على المستثمرين توخي الحذر الشديد خلال الأيام القادمة قبيل المؤتمر الأول لـ"أوبك" حول الامتثال لخطة خفض الإنتاج.
وقال جبار علي اللعيبي، وزير النفط العراقي، في تصريحات اليوم الخميس، إن بلاده تتطلع إلى سعر يبلغ 65 دولارا "أو شيء من هذا الإطار" لبرميل النفط خلال الفترة المقبلة.
وأضاف أن الأسعار الحالية للنفط تحتاج إلى مزيد من التحسن.
وبحلول الساعة (06:46 تغ) صعد خام القياس العالمي مزيج برنت تسليم آذار / مارس ، بنحو طفيف، إلى 55.27 دولارا للبرميل، صعودا من أسعار إغلاق الأربعاء البالغة 55.10 دولار.
وأكد الوزير العراقي، الذي طالبت بلاده العام الماضي باستثنائها من أية توافقات على خفض أو تثبيت الإنتاج، لحاجتها الملحة للسيولة المالية، أن بغداد ستخفض صادراتها النفطية بنحو 210 آلاف برميل مع نهاية الشهر الحالي.
وأشار إلى أنه "جرى حتى الآن تخفيض الصادرات بواقع 170 ألف برميل يوميا، إضافة إلى 40 ألف برميل سيتم تخفيضها مع نهاية كانون الثاني/ يناير الجاري.
وبدأ الأعضاء في "أوبك" ومنتجين مستقلين، مطلع العام الجاري، خفض الإنتاج بنحو 1.2 مليون برميل و558 ألف برميل يوميا، على التوالي، في محاولة لإعادة الاستقرار لأسواق النفط العالمية.