يشهد ملف الجنود
الإسرائيليين الأسرى لدى كتائب القسام في
غزة حراكا واسعا، وضغطا متزايدا على رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو لإنهاء هذه القضية، التي عادت للواجهة من جديد بعد نشر وكالة الصحافة
الفلسطينية "صفا"، الاثنين، خبرا يفيد بأن الجندي شاؤول آرون انهار عند مشاهدته جنازة والده، الذي توفي يوم الجمعة، ما يشكك بمزاعم نتنياهو بأن آرون قتل قبل أن تأسره كتائب القسام في الحرب الأخيرة صيف 2014.
وسارع المتحدث باسم كتائب القسام، أبو عبيدة، إلى إصدار بيان توضيحي للرد على ما نشر في وكالة "صفا"، أشار فيه إلى أن "هذه القضية تحظى بمتابعة قيادة القسام عن كثب، وهي تديرها بعيدا عن الأنظار بكل مسؤولية واقتدار"، بحسب البيان.
معركة مفتوحة
وأضاف، بحسب وكالة "فلسطين الآن" المقربة من
حماس، "أن هذا الملف على قدر كبير من الأهمية والحساسية والتعقيد، وله استحقاقات وأثمان، وهذه القضية هي معركة مفتوحة مع العدو بمستويات مختلفة، وبالتالي فهي ليست مجالا للتكهنات أو التداول الإعلامي غير المحسوب".
يذكر أنه خلال العدوان الإسرائيلي الأخير على قطاع غزة صيف عام 2014، أعلنت كتائب القسام عن أسرها الجندي شاؤول آرول خلال تصديها لتوغل بري للجيش الإسرائيلي شرقي مدينة غزة في 20 تموز/ يوليو. وبعد يومين، اعترف الجيش الإسرائيلي بفقدان آرون، لكنـه رجح مقتـله في المعارك التي دارت على تخوم غزة.
ضغط شعبي
وتسود حالة من الغضب في الشارع الإسرائيلي، مع تصاعد الفعاليات الاحتجاجية التي تقوم بها عائلات الجنود الأسرى خلال الأيام الماضية، بعد صمت خيّم على القضية دام أكثر من عامين. وما زاد من حدة غضب أهالي الجنود الأسرى، إنجاز اتفاق المصالحة الإسرائيلية التركية دون أن يتم التطرق لقضية الجنود الأسرى في غزة.
من جانبه، قال المحلل السياسي المتخصص في الشأن الإسرائيلي، فايز جابر، إن "عائلات الجنود الإسرائيليين بدأت تفقد صبرها تجاه سياسة إسرائيل في التعامل مع أبنائهم"، وإن الأمور تتجه للتصعيد الشعبي في إسرائيل؛ لأن "الجيش والمؤسسات الرسمية فشلت في إحراز تقدم في هذا الملف"، وفق تقديره.
وأضاف في حديث لـ"عربي21" أن "عائلات الجنود المفقودين يرون أنه دون ضغط شعبي على قادة الاحتلال فلن يكون هناك أي تحرك رسمي إسرائيلي"، كما أن "العائلات تخشى من تكرار سيناريو الأسير الإسرائيلي السابق جلعاد شاليط، ولعب عامل الوقت دون أي نتيجة"، وبناء على ذلك تحركت العائلات لنقل الملف من مرحلة الصمت الرسمي إلى مرحلة العمل، والدفع باتجاه حل قضية أبنائهم.
ويتفق الكاتب والمحلل السياسي من غزة، مصطفى الصواف، مع جابر، لافتا إلى أن "الضغوط الشعبية التي تمارس في الشارع الإسرائيلي قد تكون بداية لكسر الموقف الإسرائيلي تجاه المفاوضات في قضية الأسرى".
وأضاف لـ"عربي21" أن الشارع الإسرائيلي هو الذي أجبر نتنياهو على إتمام صفقة التبادل لإطلاق سراح الأسير السابق لدى حماس، جلعاد شاليط.
صمت حماس
وتتحفظ الأوساط الإعلامية داخل حركة حماس في الحديث عن ملف الجنود الأسرى الإسرائيليين، وطبيعة الحراك الدائر في هذا الملف، والوساطات والاتصالات والعروض التي تقدم لها، لدواع يراها المقربون منها ضرورية لسير المفاوضات.
وكان عضو المكتب السياسي للحركة، محمود الزهار، أشار في تصريحات لقناة الأقصى المقربة من حركة حماس، في 17 من نيسان/ أبريل الماضي، إلى أن "المقاومة لن تعطي أي معلومات مهما كانت قليلة حول مصير الجندي الأسير لديها شاؤول إلا بثمن".
ورأى المختص بشؤون الأسرى في غزة، عبد الناصر فروانة، أنه "يجب على حركة حماس أن تتعلم من أخطائها السابقة، وتستخلص العبر في كل ما له علاقة بأي صفقة مقبلة"، بحيث تكون هناك ضمانات واضحة بأن من يتم الإفراج عنه لا يتم اعتقاله لاحقا كما حصل مع عدد كبير ممن أفرج عنهم في صفقة شاليط.
لكنه مع ذلك اعتبر، في حديث لـ"عربي21"، أن "تشدد حركة حماس حول عدم بدء أي حراك في هذا الملف قبل أن يتم الإفراج عن الأسرى الذين أفرج عنهم في صفقة شاليط، قد يعيق التحرك في هذا الملف"، وفق تقديره.