تعرف إلى أسوأ النفايات السامة التي ربما لم تسمع بها من قبل 😮

dustan-woodhouse-RUqoVelx59I-unsplash
CC0
  • ياسر حميدي
  • السبت، 04-06-2022
  • 06:24 ص
نشرت صحيفة "الغارديان" البريطانية تقريرًا سلطت الضوء فيه على الأثر البيئي لمليارات الكريات البلاستيكية الصغيرة التي تطفو في المحيط مسببةً أضرارًا توازي في خطورتها الانسكابات النفطية، لكنها مع ذلك غير مصنّفة على أنها خطرة.

وقالت الصحيفة، في تقريرها الذي ترجمته "عربي21 لايت"، إنه عندما اشتعلت النيران في سفينة الشحن "إكس-بريس بيرل" وغرقت في المحيط الهندي في أيار/ مايو ذُعرت سريلانكا من تسرب 350 طن من زيت الوقود الثقيل الذي كانت تحمله السفينة إلى المحيط، مما تسبب في كارثة بيئية تضر الشعاب المرجانية النقية وصناعة صيد الأسماك في البلاد.

اظهار أخبار متعلقة



ورغم تصنيفها من قبل الأمم المتحدة على أنها "أسوأ كارثة بحرية في سريلانكا" لم يكن التأثير الأكبر بسبب زيت الوقود الثقيل ولا المواد الكيميائية الخطرة الموجودة على متن السفينة بما فيها حامض النيتريك والصودا الكاوية والميثانول، وإنما كان الضرر "الأكبر" - حسب الأمم المتحدة - من انسكاب 87 حاوية مليئة بالحبيبات البلاستيكية بحجم حبة العدس.

انجرفت مليارات الحبيبات البلاستيكية على طول مئات الأميال من ساحل البلاد منذ وقوع الكارثة، ومن المتوقع أن تصل إلى اليابسة عبر سواحل المحيط الهندي من إندونيسيا وماليزيا وحتى الصومال. وقد عُثر على هذه المواد في أجساد الدلافين النافقة وأفواه الأسماك. وقد انسكب حوالي 1680 طن من الحبيبات البلاستيكية في المحيط في أكبر تسرب بلاستيكي في التاريخ، وذلك حسب تقرير الأمم المتحدة.

أوضحت الصحيفة أن "الحبيبات البلاستيكية" هي التسمية الدارجة "للكريات البلاستيكية قبل الإنتاج" واللبنة غير المجهولة لجميع منتجاتنا البلاستيكية، ويمكن تصنيع الحبيبات الصغيرة من البولي إيثيلين والبولي بروبيلين والبوليسترين والبولي فينيل كلوريد وأنواع البلاستيك الأخرى. وعند نشرها في البيئة من خلال مصانع البلاستيك أو شحنها حول العالم كمواد خام للمصانع، فإنها ستغرق أو تطفو اعتمادًا على كثافة الكريات وما إذا كانت في المياه العذبة أو المالحة.

اظهار أخبار متعلقة



تخطئ الطيور البحرية والأسماك والحيوانات البرية الأخرى عند رؤية الكريات البلاستيكية وتتناولها ظنا منها أنها طعام. تتفتت هذه الكريات في البيئة إلى جسيمات نانوية تكون مخاطرها أكثر تعقيدًا، وهي تعد ثاني أكبر مصدر للملوثات الدقيقة في المحيط من حيث الوزن بعد غبار الإطارات، علما بأنه يُلقى سنويًا حوالي 230 ألف طن من الحبيبات البلاستيكية في المحيطات.

 تعتبر الحبيبات البلاستيكية ملوثات عالية الثبات مثل النفط الخام، وسوف تستمر بالتنقل عبر التيارات البحرية لتتراكم في نهاية المطاف على الشواطئ لعقود. وهي تعتبر "إسفنجا ساما" يجذب السموم الكيميائية وغيرها من الملوثات إلى سطحها.

نقلت الصحيفة عن توم غاماج، من وكالة التحقيقات البيئية أن "الكريات نفسها عبارة عن مزيج من المواد الكيميائية - إنها وقود أحفوري". ويضيف: "لكنها تؤثر كإسفنج سام، فالكثير من المواد الكيميائية السامة - الموجودة أصلاً في الماء في حالة سريلانكا - كارهة للماء [صادّة للماء]، لذا فهي تتجمع على سطح الجسيمات البلاستيكية.

اظهار أخبار متعلقة



 ويتابع قائلاً: "يمكن أن يكون تركيز الملوثات على سطح الحبيبات أكثر بمليون مرة من تركيزها في الماء، ونحن نعلم من خلال الدراسات المخبرية أنه عندما تبتلع سمكة كرية بلاستيكية، فإن بعض هذه الملوثات تتفكك".



أشارت الصحيفة إلى أن إحدى الدراسات أظهرت أن الحبيبات البلاستيكية تعمل أيضًا بمثابة "طوافات" للبكتيريا الضارة مثل "إي كولاي" أو حتى الكوليرا وتقوم بنقلها من مخارج الصرف الصحي والصرف الزراعي إلى مياه الاستحمام ومراقد الأسماك الصدفية.

مع ذلك حسب قانون البضائع الخطرة التابع للمنظمة البحرية الدولية بخصوص التعامل والتخزين الآمنين، لا تعتبر الحبيبات البلاستيكية خطرة بعكس مواد أخرى مثل الكيروسين والديزل والبنزين وذلك رغم التهديد البيئي الذي ينطوي عليها المعروف منذ ثلاثة عقود، كما هو مُفصَّل في تقرير لسنة 1993 صادر عن وكالة حماية البيئة الأمريكية حول كيفية تقليل الانسكابات في صناعة البلاستيك.

اظهار أخبار متعلقة



ينضم أنصار البيئة الآن إلى قوات الحكومة السريلانكية في محاولة لتحويل كارثة "إكس-بريس بيرل" إلى حافز للتغيير. جذبت دعوة سريلانكا لتصنيف الحبيبات البلاستيكية على أنها سلع خطرة الدعم العام خلال اجتماع لجنة حماية البيئة البحرية التابعة للمنظمة البحرية الدولية في لندن هذا الأسبوع. وقد وقّع أكثر من 50 ألف شخص على عريضة بهذا الخصوص. حيال هذا الشأن، يقول غاماج: "ليس هناك ما يمنع تكرر ما حدث في سريلانكا مرة أخرى".

حدث خلال السنة الماضية ما لا يقل عن تسريبين للحبيبات البلاستيكية، أحدهما في بحر الشمال حيث سرّبت حاوية مكسورة في سفينة الشحن "إم في ترانس كارير" 10 أطنان من الكريات التي جرفتها المياه إلى سواحل الدنمارك والسويد والنرويج. وفي جنوب إفريقيا، حدث تسرب في شهر آب/ أغسطس سنة 2020 بعد حادث آخر وقع في 2018، لوّث مسافة بلغت 1250 ميل (2000 كيلومتر) من الساحل، مع العلم أنه تم استرداد 23 بالمئة فقط من إجمالي 49 طن تم تسريبها. وفي سنة 2019، انسكبت 342 حاوية من الكريات البلاستيكية في بحر الشمال.

ذكرت الصحيفة أن الوعي حول التهديد الكبير الذي تشكله الكريات البلاستيكية الصغيرة آخذ في التزايد. بموجب قانون ولاية لويزيانا، اتهم إثنان من المتظاهرين البيئيين في الولايات المتحدة السنة الماضية بـ"ترويع" أحد أعضاء جماعات الضغط في صناعة البلاستيك عندما تركوا صندوقًا من الحبيبات البلاستيكية خارج منزله ضمن حملة لمنع شركة "فورموزا بلاستكس" ومقرها تايوان من فتح مصنع في لويزيانا.

اظهار أخبار متعلقة



جاءت الحبيبات البلاستيكية من مصنع آخر لشركة "فورموزا" في تكساس ألقى كميات هائلة من الكريات في خليج لافاكا (وافقت شركة "فورموزا" على دفع 50 مليون دولار لتسوية دعوى قضائية لانتهاكها قانون المياه النظيفة). وقد تم إسقاط التهم الموجهة إلى الناشطين التي تتمثل عقوبتها بالسجن لمدة 15 عامًا في وقت لاحق.

يؤكد ناشطون أنه يمكن تفادي مثل هذه الحوادث يمكن. يقول هيمانثا ويثاناج، مدير مركز العدالة البيئية في سريلانكا: "أدى غرق سفينة "إكس-بريس بيرل" إلى تسرب المنتجات الكيماوية والكريات البلاستيكية في بحار سريلانكا مسببًا أضرار لا توصف للحياة البحرية وتدمير سبل العيش المحلية". ويضيف "انخفض استهلاك الأسماك، مصدر البروتين الرئيسي لـ 40 بالمئة من السريلانكيين، بشكل كبير. لقد كان حادثًا ضخمًا وللأسف لا توجد توجيهات من المنظمة البحرية الدولية".

أكدت الصحيفة أن تصنيف الحبيبات البلاستيكية على أنها مواد خطرة - كما هو الحال بالنسبة للمتفجرات والسوائل القابلة للاشتعال وغيرها من المواد الضارة بيئيًا - من شأنه أن يجعلها تخضع لشروط صارمة خلال عملية الشحن. وتوضح تانيا كوكس، وهي أخصائية البلاستيك البحري في مؤسسة "فلورا آند فاونا" الخيرية الدولية: "يجب تخزينها أسفل سطح السفينة في عبوات أكثر إحكامًا وبملصقات واضحة، ويمكن أن تخضع أيضًا لبروتوكولات الاستجابة للكوارث التي قد تمنع أسوأ الآثار البيئية إذا تم تنفيذها في حالة الطوارئ".

اظهار أخبار متعلقة



لكن يمكن تأجيل التخلص من الحبيبات البلاستيكية، حيث أحالت أمانة المنظمة البحرية الدولية القضية إلى لجنة التلوث والوقاية والاستجابة، التي ستجتمع السنة القادمة. وقال ناشطون إنه من المخيب للآمال أن الاقتراح السريلانكي لم يناقش بشكل صحيح. علقت كريستينا ديكسون من إدارة تقييم الأثر البيئي على ذلك قائلة: "كان موقف أعضاء اللجنة غير عادي وأظهر استخفافًا كبيرًا بالتلوث البلاستيكي عبر السفن باعتباره تهديدًا للمجتمعات الساحلية والنظم البيئية والأمن الغذائي. هذا ببساطة غير مقبول".

في غضون ذلك، تستمر عمليات التنظيف في سريلانكا. يقول ويثاناج: لقد وجدت حبيبات بلاستيكية داخل أجسام 470 سلحفاة، و46 دلفين وثمانية حيتان التي جنحت إلى الشاطئ، في حين لا يوجد دليل على أن الحبيبات بلاستيكية كانت المسؤولة عن ذلك. ويضيف قائلاً: "20 ألف أسرة اضطرت إلى التوقف عن الصيد. ويقول الصيادون إن الكريات البلاستيكية تدخل في آذانهم عندما يغطسون في الماء. لقد أثر ذلك على السياحة وعلى كل شيء".
شارك
التعليقات