أصدرت محكمة الجنايات بمحافظة تيبازة، غربي العاصمة،
الجزائر، حكما بالإعدام، بحق شاب متهم بقتل طفلة بعد اختطافها وهتك عرضها، حيث تمت وقائع الحادثة التي اهتز لها المجتمع الجزائري كله، يوم 19 كانون الأول/ ديسمبر العام 2012.
شيماء يوسفي، طفلة عمرها ثمانية أعوام، دوت قضيتها في القطر الجزائري بكامله، شهر كانون الأول / ديسمبر 2012، حينما تناقلت صحف الجزائر خبر اختفاء شيماء من بيتها العائلي ببلدة المعالمة بالجزائر العاصمة.
وعثر على شيماء أياما قليلة بعد اختطافها، جثة هامدة بمقبرة تقع بالقرب من بيتها، وبعد تحقيقات قام بها الدرك الجزائري توصلت التحقيقات إلى تحديد هوية الفاعل، لكن لم يتم العثور عليه، إلا بعد ثمانية أشهر من الواقعة.
وأثبتت التحاليل أن الطفلة شيماء، تعرضت لاعتداء جنسي فظيع بعد اختطافها، وقتلها من طرف الجاني للتخلص من آثار جريمته.
لكن الصدمة كانت أقوى لما علم والد الضحية، أن الجاني هو الشاب "حمزة ملياني" الذي درج على استضافته ببيته، حيث كان يضع كل ثقته به.
وعن سؤال للقاضي عن أسباب فراره لمدة ثمانية أشهر وتزويره لوثائق الهوية قبل توقيفه من قبل الدرك الوطني، برر المتهم هروبه إلى بلدة مجاورة بدافع الخوف من الانتقام قبل أن يواجهه القاضي بالدلائل العلمية المتمثلة في تحاليل الحمض المنوي التي وجدت على جثة الضحية إلى جانب عينات دم الضحية التي وجدت بأحد ملابسه إلى غيرها من الأدلة الأخرى.
كما أكد القاضي أن تقرير الخبرة العقلية تثبت أن الجاني يتمتع بكامل قواه العقلية، فيما أعقب التحقيق الاجتماعي أنه مدمن على المخدرات وتعاطي المشروبات الكحولية، ما يعكس سوء سيرته الاجتماعية.
وقال المتهم للقاضي، بالمحكمة، الأربعاء، إنه تعاطى الخمر رفقة مجموعة من الأشخاص بالغابة، نافيا أن يكون قد صرح بأنه اختطف شيماء وقتلها، مثلما اعترف بمحاضر الشرطة سلفا، لكن القاضي واجهه بالحقيقة المدونة بالمحاضر التي وقع عليها المتهم.
وأجهش والد شيماء باكيا بمجرد شروع القاضي في قراءة عريضة الدعوى، وقال إنه كان ضحية ثقته في المتهم بعد أن فتح له أبواب منزله باعتباره ابن الحي.
أما النائب العام، فقد أشار في مرافعته لوحشية الواقعة، مبرزا الأدلة العلمية المتماسكة التي تدين المتهم وكذا اعترافاته خلال مجريات التحقيق، ملتمسا عقوبة
الإعدام في حق المتهم.
وكانت حادثة شيماء سببا في هبة تعاطف منقطعة النظير للشعب الجزائري مع عائلة الضحية شيماء، باعتبار أن الفعل الشنيع الذي ارتكبه الجاني، يعتبر غريبا عن المجتمع الجزائري.
ونظمت جمعيات مدنية مسيرات حاشدة بعدد من المدن الجزائرية تنديدا باختطاف الأطفال وهتك أعراضهم وقتلهم، إذ وبعد حادثة شيماء، شهدت مدن جزائرية حوادث خطف أطفال مثيلة.
وانتقل جدال خطف الأطفال إلى البرلمان، وأحيى نواب إسلاميون، جدل عقوبة الإعدام المجمدة بالجزائر، وطالب هؤلاء النواب بتطبيق عقوبة الإعدام بحق قاتلي الأطفال ومرتكبي كبرى الجرائم.
ولم تنفذ عقوبة الإعدام بالجزائر منذ العام 1993، وكان آخر تنفيذ بحق طيار، جزائري متورط بتفجير مطار الجزائر الدولي.
وقال فاروق قسنطيني، رئيس اللجنة الاستشارية لترقية وحماية حقوق الإنسان، التابعة لرئاسة الجمهورية بالجزائر "إن عقوبة الإعدام لم تنفذ منذ سنة 1993 لكن المحاكم لا تزال تنطق بهذا الحكم"، وتابع في تصريح لصحيفة "
عربي21"، الأربعاء أن "اللجنة الوطنية الاستشارية لترقية حقوق الإنسان وحمايتها تقترح إلغاء العقوبة بالجزائر مع إبقائها في حالات محددة فقط كجرائم
قتل واختطاف الأطفال".
وأشار قسنطيني إلى أن "التشريع الجزائري ينص على تطبيق عقوبة الإعدام في 18 حالة"، موضحا أن اللجنة التي يرأسها "تقترح عقوبات بديلة لعقوبة الإعدام كالسجن المؤبد".
من جهته، يرى بوجمعة غشير، الرئيس السابق للرابطة الجزائرية للدفاع عن حقوق الإنسان، أنه " على الجزائر مسايرة التوجه الدولي بإلغاء عقوبة الإعدام"، ويبرر غشير موقفه في تصريحه لصحيفة "
عربي21"، بالقول: "إن العدالة الجزائرية غير مؤهلة لتنفيذ عقوبة الإعدام لأن نتائج التحقيقات التي تؤدي إلى هذه العقوبة لا تكون محل ثقة كليا".