نشرت صحيفة الموندو الإسبانية تقريرا، تحدثت فيه عن بعض الحقائق التي لا زالت تستحق الكشف بعد نشر
وثائق بنما، حيث تحدثت الصحيفة عن موساك، الجاسوس النازي وابنه المحامي الذي أنشأ شركة "
موساك فونسيكا"، محور فضيحة "وثائق بنما"، وكيف حوّل الأب بيع المعلومات لإنقاذ نفسه إلى مشروع كبير يديره ابنه المحامي.
وقالت الصحيفة، في تقريرها الذي ترجمته "عربي21"، إنه لطالما دار الحديث في بنما حول نفوذ عائلة موساك في بنما، حيث تعدّ أكثر قوة من نفوذ رئيس الدولة في هذه البلاد. وفي هذه الآونة الأخيرة، أصبح الأمر واضحا بالنسبة للجميع.
وذكرت الصحيفة أن هذه القصة، التي تسرد تفاصيل حياة الجاسوس النازي، إيرهارد الذي "يبيع" الأسرار، وابنه الذي كوّن ملاذات للأموال، لم يسبق أن تحدث عنها أحد.
وأوردت الصحيفة أن النازي إيرهارد جونتر موساك، من مواليد سنة 1924، عرف بشدة لهجته، وكان يحمل عددا من الندوب على جسده بسبب مسح وشم يكشف ارتباطه بالمنظمة العسكرية النازية "أس أس". وعندما تمّ القبض عليه من قوات التحالف، قام ببيع معلومات مهمة لإنقاذ نفسه. وكرّس باقي حياته لهذه المهنة الجديدة.
وأضافت الصحيفة أن ابنه، رولف ديتر يورغن موساك، هذا الملياردير العنيد، كان يتطلع إلى أن يكون ظلا على المجتمع البنمي، تعلم الكثير من والده وورث هذه الصفات منه، وقدم بدوره خدمات تجسس لصالح الولايات المتحدة.
وقالت الصحيفة إن يورغن موساك، يعيش في منطقة فاخرة في بنما، إلى جانب العديد من الشخصيات المهمة في البلاد، كما يحاط بحراسة أمنية مشددة. وعلى عكس والده، يحمل العديد من الأسماء المستعارة، مثل: الألماني، التوتون، النازي.. هذه التسمية الأخيرة هي الأكثر حداثة، منذ كشف النقاب عن اتصالاته الدولية، ثم اختفى على أثرها.
وكانت للابن مقابلات صحفية، سعى من خلالها يورغن إلى إخفاء ماضي والده. فهو لم يورد أية إشارة عن ماضيه في "أس أس" أو كعميل سري.
وحسب مكتب التحقيقات الفيدرالي "إف بي آي"، فقد انضم الأب النازي في عام 1935، عندما كان في الحادية عشرة من العمر، إلى قسم الشباب التابع للمنظمة شبه العسكرية "شباب هتلر". كما سقط المراهق إيرهارد ضحية، مرة أخرى، في إغراءات الزعيم النازي هتلر ورسالته للهيمنة على العالم.
وبيّنت الصحيفة أن إيرهارد كرس جزءا كبيرا من شبابه للعمل ضمن المنظمة العسكرية النازية "أس أس"، ومن ثم تمّ القبض عليه سنة 1945، من القوات الأمريكية، قبل شهرين من سقوط برلين. في ذلك الوقت، كان إيرهارد على وشك الاحتفال بعيد ميلاده الواحد والعشرين.
وأوردت الصحيفة، أنه في هذا العمر التحق الابن يورغن بدراسة القانون في أول جامعة خاصة في بنما. وبعد تخرجه عام 1973، انتقل إلى لندن وانتسب إلى نقابة المحامين في إنجلترا، حيث استغل عضويته للاحتكاك بكبار المحامين في العالم، كما صقل خبراته في مجال الإدارة، والقانون البحري والبنوك وصناديق الاستثمار الأجنبية والمؤسسات الخاصة والاستثمار.
وذكرت الصحيفة أنه وفقا لوثائق تابعة لأجهزة الاستخبارات الأمريكية، التي استشهدت بها صحيفة "زود دويتشه تسايتونج" الألمانية ضمن وثائق بنما، فقد كان الأب جاسوسا مزدوجا، فهو لا يفسح المجال للتعاون فقط، بل يعمل على جمع المعلومات لصالح الحلفاء، حيث عمل كمحرر لمختلف وسائل الإعلام، بما في ذلك "أبندبلات نورمبرغ".
زيادة على ذلك، عمل إيرهارد ضمن صحيفة الحزب النازي، الصحيفة الوحيدة التي انتشرت خلال الحرب العالمية الثانية، التي تم حظرها من الأمريكيين بعد الحرب. كما عمل إيرهارد، في عام 1960، في شركة الطيران "لوفتهانزا"، في الوقت الذي تعاون فيه مع وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية ضد الشيوعيين.
ووفق وثائق الوكالة، تبين أنه منذ 1961 حاول إيرهارد إقامة علاقات مع المخابرات العسكرية الأمريكية. وفي هذا الوقت، كان ابنه يورغن، قويا في بنما ولندن، وكان مكتبه يشتغل بشكل جيد، وهو النواة الأولى لانبعاث شركة موساك فونسيكا.
وأوردت الصحيفة أن موساك فونسيكا وقّعت اتفاقا حصريا لعقدين من الزمن، حصلت من خلاله على ما قيمته مليون دولار سنويا لصالح 6 آلاف شركة استقرت بالجزر العذراء البريطانية.
كما بينت الصحيفة أن موساك فونسيكا تصف هذه المزايا "بعمليات في كنف السرية التامة، مع عدم الكشف عن هوية المنتفعين... كما تحفظ خصوصيتهم وتضمن سرية الأعمال".
وذكرت الصحيفة أن العائلة تمثل درعا حصينا بالنسبة ليورغن موساك، حيث دافعت عنه في أكثر من مناسبة في الدائرة الاجتماعية المحيطة به. كما أن يورغن، يعمل على توريث هذا التخصص لأحد أبنائه مثل ما فعل أبوه، مع العلم أن الأب موساك تمّ دفنه في مقبرة سرية بعد موته خلال التسعينيات.