إعلام الثورة السورية من "تنسيقيات سرية" إلى "مراكز إعلامية"

قد تكون الظروف التي أحاطت ببدء الثورة السورية في العام 2011 من فرض النظام السوري تعتيم إعلامي كبير، ساعدت على نشوء مكاتب ومراكز إعلامية في مختلف المناطق السورية، معظم مؤسسيها وكوادرها كانوا من الهواة، إلا أنها رسخت نفسها كمصدر أساسي للأخبار المتعلق بما يجري في سوريا على مدى أربع سنوات من عمر الثورة.

البداية "تنسيقيات ثورية سرية"

تقول الناشطة الإعلامية روز الدمشقي، من مكتب دمشق الإعلامي: "كان عمل هذه التنسيقيات في  بداية الثورة مختص بتنظيم المظاهرات والنشاطات السلمية في المنطقة التي يتواجد فيها، ونشر أخبارها وتوثيق أعداد الضحايا والجرحى جراء القصف".

وتضيف لـ"عربي21": "لكن بعد سنة 2012، وانحسار النشاط الثوري في دمشق تحديدا، واعتقال واستشهاد معظم ناشطي التنسيقيات وملاحقة بعضهم الآخر، اقتصر عمل التنسيقيات على العمل الإعلامي، عن طريق بعض المراسلين، وكان هدفهم إيصال الخبر فقط، وإن كان بطريقة أو أسلوب غير مهني، وهذا ما وصف بإعلام الناس"، حسب قولها.

التحول إلى مكاتب ومراكز إعلامية محلية

بدوره، أكد الناشط الإعلامي يعرب الدالي، عضو المكتب الإعلامي في مدينة الرستن (ريف حمص)، ما ذهبت إليه روز الدمشقي، وقال لـ"عربي21 ": "بعد بدأ العمليات العسكرية في سوريا في آواخر العام 2011، نشأت عن هذه التنسيقيات مكاتب إعلامية، فمثلا مكتب الرستن الإعلامي كان يقع على عاتقه نقل أحداث المدينة من قصف وأوضاع معيشية أخرى، إضافة إلى مواكبة العمليات العسكرية التي تخوضها كتائب المدينة".

وسرعان ما تطورت هذه المكاتب لاحقا، بفعل تطور وتسارع الأحداث في البلاد، إضافة إلى رفد هذه المكاتب باختصاصين واتباع أعضائها دورات متخصصة عن طريق جهات إعلامية تطوعت لتدريب الناشطين الإعلاميين، سواء في بعض المناطق في الداخل، أو في الخارج، ما أكسبها أهمية كبرى لتتحول لمصدر مهم لوسائل الإعلام العربية والغربية.

ويؤكد شامل الأحمد، المنسق العام في مركز حلب الإعلامي، أهمية هذه المراكز، ويقول: "اعتمدت المحطات التلفزيونية ووكالات الأنباء العربية والعالمية على الأخبار من قبل المراكز والشبكات المحلية، لتعذر إرسال مراسليها إلى مناطق المعارك والقصف الحامية، وفيما بعد عمدت هذه الوكالات والمحطات، إلى توظيف النشطاء الإعلاميين المحليين بعد تدريبهم".

ويضيف: "مركزنا مثلا يوجد فيه العديد من الناشطين الذين أصبحوا مراسلين لقناة الجزيرة ووكالة (فرانس برس) ووكالة رويترز وغيرهما".

إعلام بديل

حاولت هذه المراكز الإعلامية أن تلعب دور الإعلام البديل عن إعلام النظام. وفي هذا السياق، تقول الناشطة الإعلامية سما الحمصي، من مركز حمص الإعلامي:" أطلقت معظم هذه المراكز مواقع إلكترونية رسمية لها على الإنترنت، خاصة بعد كثرة إغلاق صفحاتها الخاصة على "فيسبوك"، وتنوعت مواضيع هذه المواقع بين الاجتماعي والثقافي والترفيهي، محاولين بذلك ايجاد البديل عن إعلام النظام".

سلبيات

ورافق إطلاق هذه المراكز الإعلامية عدة جوانب سلبية، منها عدم كفاءة العاملين فيها، وكذلك تضخيم الأخبار المنقولة، وعدم دقتها.

ويعلق الصحفي علاء تباب بالقول: "لا نستطيع إنكار وجود ثغرات كبيرة، أدت إلى تحويل الإعلامي الثوري لوسيلة نقل معلومات خام، فإنّ ظاهرة المواطن الصحفي التي شكّلت العمود الفقري للحراك الإعلامي الثوري، حولت المواطن الصحفي لعميل مغفل ينقل المعلومة الخام لمافيا الإعلام الدولي التي تسيطر على الوكالات الكبرى في العالم، والتي تقوم بدورها بصناعة الرسالة الإعلامية والخطاب المناسب لمتطلبات وحاجات السياسة الدولية "، حسب تعبيره.
ويرى رئيس رابطة الصحفيين السوريين رياض معسعس، أن مؤسسات الثورة، المجلس الوطني والائتلاف، لم ينجحا في إنشاء منبر إعلامي، وأن أغلب هذه المشاريع الإعلامية فشلت بسبب هشاشة البناء وضعف التمويل.

الصعوبات

ووفقا للناشطة سما الحمصي، فإن "أهم الصعوبات التي تواجه هذه المراكز هو نقص المعدات التقنية المتخصصة، من كاميرات وحواسيب محمولة، إضافة لانقطاع التيار الكهربائي لفترات طويلة، وعدم توفر الإنترنت الجيد، وتدريب فريق العمل بشكل مهني".

ويشير الناشط محمد قيسون إلى جوانب أخر، ومن ذلك "تعرض الناشطين للضرب والخطف والاعتقال، حتى من جهات ثورية وعسكرية من المعارضة، والتي لا تتقبل سياسة النقد في ظل عدم وجود جهة تحمي الناشطين والإعلاميين وتدافع عنهم إلى جانب تعرض مقراتهم للقصف من قبل قوات النظام".