لم يخدم في صفوف الجيش، بعكس سلفه الذي أصيب في حرب فيتنام، ولكنه أكاديمي درس الفيزياء والتاريخ، ويتمتع بعلاقات جيدة مع قيادات الحزبين الجمهوري والديمقراطي في أمريكا.. إنه
وزير الدفاع الأمريكي الجديد آشتون كارتر، الذي تسلم الثلاثاء رسميا مهام منصبه خلفا لتشاك هيغل.
أقر مجلس الشيوخ الأمريكي الخميس 12 شباط/ فبراير الجاري، تعيين آشتون كارتر (60 عاما)، خلفا لتشاك هيغل، بأغلبية 93 صوتا، مقابل اعتراض خمسة أعضاء فقط.
وكارتر اختاره الرئيس الأمريكي باراك أوباما في 5 كانون الأول/ ديسمبر الماضي ليخلف هيغل، الذي يبدو أنه لم ينجح في قيادة وزارة الدفاع (البنتاغون)، في وقت تنتهي فيه الحرب في أفغانستان بالنسبة إلى الأمريكيين، وتتسارع وتيرة المعارك ضد تنظيم الدولة، الذي سيطر على مساحات كبيرة في العراق وسوريا.
ولعل أكثر ما يميز وزير الدفاع الجديد هو حماسه الشديد لمكافحة انتشار الأسلحة النووية، ففي عام 2008 اشترك مع مجموعة أخرى من الباحثين لكتابة تقرير بعنوان "مواجهة التحدي: سياسة
الولايات المتحدة تجاه التطوير النووي الإيراني"، الذي شكك في مصداقية الضمانات التي أعطتها إيران للمجتمع الدولي.
وأشار في الوقت ذاته إلى أنه بسبب "العقيدة المتطرفة للجمهورية الإسلامية (الإيرانية)، فحتى برنامج التخصيب السلمي لليورانيوم سيضع منطقة الشرق الأوسط بأكملها تحت سحابة غامضة، نظرا لعدم معرفة القدرة الحقيقية لقدرات الإيرانيين ونواياهم"، على حد قوله.
إلا أن كارتر الفيزيائي الحاصل على شهادة الدكتوراه من جامعة أوكسفورد، كتب تقريرا لمؤسسة كارنيغي عام 2006، بالاشتراك مع ويليام بيري (وزير الدفاع في زمن الرئيس بيل كلينتون)، حذّر فيه أن ضربة عسكرية واحدة للمنشآت النووية الإيرانية يمكن أن يكون لها "أثر مهم في تعطيل" برنامج إيران النووي.
وأضاف أن تعطيل المفاعل يتطلب ضربات متعددة من الولايات المتحدة، داعياً إلى استخدام سياسة "العصا والجزرة" في التعامل مع ملف إيران النووي.
ويحذّر كارتر في التقرير ذاته من أن أي ضربة إسرائيلية للمفاعل النووي في إيران لن تضر إسرائيل بقدر ما ستضر سمعة الولايات المتحدة، "حتى لو لم تكن الولايات المتحدة متواطئة أو على علم بالغارة الإسرائيلية".
وعلى الرغم من أن كارتر لا يملك سجلا معروفا من الحماس لإسرائيل، إلا أن المراقبين يتوقعون أنه سيكون أكثر دعما لإسرائيل من سابقه، وهو ما تراه صحيفة "تايمز أوف إسرائيل" الإسرائيلية، التي توقعت أن كارتر سيكون أكثر قربا في علاقته مع إسرائيل، بسبب دعوته إلى عدم استبعاد الثقل العسكري في التعامل مع الملف النووي الإيراني.
وكارتر، يمتلك كذلك سجلا في تمتين العلاقات العسكرية مع الهند، فمبادرة التبادل العسكري والتكنولوجي التي أدت إلى زيادة كبيرة في التبادلات الثنائية في الأسلحة والتقنيات العسكرية.
ومن المعروف عن كارتر كذلك أنه انتقد سياسة تقليص نفقات الجيش الأمريكي بشكل علني، التي وصفها على أنها تفرض "استقطاعات إضافية عميقة وغير عقلانية"، وهو -بحسب رأيه- ما سيدفع وزارة الدفاع إلى اتخاذ خيارات للتمويل غير فعالة وغير سليمة، "ويمكن أن تقلل القوة الشرائية لدينا".
وكان كارتر كتب في مقال له عام 2004 في مجلة "فورين أفيرز" السياسية، مقالا يعالج فيه قضية مكافحة الإرهاب ومكافحة انتشار الأسلحة النووية، قال فيه: "الحرب على الإرهاب التي تقاتلها
واشنطن والحرب ضد أسلحة الدمار الشامل التي نحن بحاجة لمحاربتها متصلتان، ولكنهما ليستا متشابهتين".
وانتقد كارتر في مقاله سياسة الرئيس الأسبق جورج بوش الابن في مطاردته أسلحة الدمار الشامل في العراق، وإغفاله الملف النووي الإيراني والكوري.
وقال حينها: "كانت أكثر الخطوات أهمية التي اتخذتها الولايات المتحدة لمواجهة أسلحة الدمار الشامل منذ 11 أيلول/ سبتمبر 2001 هي غزو العراق عام 2003".
ويواجه كارتر عددا كبيرا من التحديات التي خلفها هيغل، منها التعامل مع الحرب ضد الدولة في العراق وسوريا، وأزمة التدخل الروسي في أوكرانيا، وتسليح وتدريب المعارضة السورية.
وينوي كارتر التركيز في خطته الجديدة -التي أطلع لجنة القوات المسلحة لمجلس الشيوخ عليها، أثناء جلسة الاستماع لشهادته- على الحرب ضد تنظيم الدولة، مؤخرا، والتعامل مع "توسع النفوذ الإيراني في الشرق الأوسط"، والعنف المتجدد في أفغانستان، إضافة لتأمين المفاعلات النووية الأمريكية.
ولكارتر خلفية أكاديمية كبيرة، إذ تخرّج في مجال الفيزياء في جامعة ييل عام 1976، ودرس تاريخ العصور الوسطى في الجامعة ذاتها، ثم حاز على درجة الدكتوراه في الفيزياء النظرية من جامعة أوكسفورد، بالإضافة إلى عمله في عدة مراكز بحثية مرموقة.
وطبقا لموقع وزارة الدفاع الأمريكية، عمل كارتر نائبا لوزير الدفاع للفترة من تشرين الأول/ أكتوبر 2012 - كانون الأول/ ديسمبر 2013، ومساعدا لوزير الدفاع للمشتريات والتكنولوجيا والإمدادات من نيسان/ أبريل 2009 - إلى تشرين الأول/ أكتوبر 2011.
ومنحته وزارة الدفاع أربعة أوسمة لخدمته المتميزة، إضافة إلى وسام بخصوص الاستخبارات العسكرية.