نشرت صحيفة "إندبندنت" البريطانية تقريرا أعده باتريك كوكبيرن، حول المكاسب التي تحققها
القاعدة في
اليمن. قال فيه إنها أصبحت أقوى؛ لأنها تقدم المسلحين الذين يدافعون عن المجتمع السني، الذي وقع تحت تهديد المتمردين
الشيعة، الذين سيطروا على مساحات واسعة من البلاد.
ويضيف الكاتب أن "تنامي قوة القاعدة هناك لا علاقة له بالجهاديين الأجانب مثل شريف وسعيد كواشي، اللذين قتلا 12 شخصا في باريس الأسبوع الماضي، وكانا قد تلقيا تدريبا من القاعدة في صيف عام 2011 في الجزيرة العربية، التي تتخذ من اليمن مركزا لها. ولكن القاعدة تجد الدعم من قبائل سنية كانت قد حاربتها من قبل؛ لأن هذه القبائل وقعت تحت تهديد الحوثيين المنتمين للشيعة الزيدية".
ويعلق كوكبيرن قائلا: "يعتقد بأن حوالي ثلث اليمنيين ينتمون لهذه الطائفة التي سيطرت على البلاد لمدة 1000 عام قبل الثورة في عام 1962".
ويذكر التقرير أن الحوثيين قاموا بالسيطرة على صنعاء في أيلول/ سبتمبر، واستمروا جنوبا ليحتلوا المزيد من المناطق السنية، وتلك القبائل أصبحت تنتظر الدعم من القاعدة لقتال الميليشيات الحوثية.
وتنقل الصحيفة ما قاله أحد أعضاء القاعدة في مقابلة على الإنترنت أجرتها معه الـ"أسوشييتد برس"، إن تقدم الحوثيين "زاد من أعضاء القاعدة"، مضيفا أن استراتيجية القاعدة هي أن تقاتل الحوثيين في الجنوب بعيدا عن معاقلهم القوية في الشمال، بحيث "تجرهم إلى حرب طويلة وتضطرهم للتراجع"، وادعى بأن القاعدة امتدت إلى 16 محافظة يمنية من مجموع 21.
ويبين الكاتب أن مدينة رداع تعد من المراكز القوية للقاعدة، وكانت قد سيطرت عليها عام 2012 لفترة قصيرة، حيث طردتها منها القوات الحكومية بمعاونة رجال القبائل، ولكن احتلال الحوثيين للمدينة جعل رجال القبائل يلجأون للقاعدة، بحسب شخصيات قبلية محلية. فأصبحت مركزا للقتال الشديد بين القاعدة والحوثيين. وأخبر الشيخ أحمد الجابري، وهو أحد شيوخ القبائل في رداع وكالة الأنباء بأن "المسألة مسألة ثأر ضد الحوثيين، ويمكن للقبائل أن تتحالف مع الشيطان".
ويقول كوكبيرن: "إن هذا التطور يؤثر على الحملة الأمريكية وغارات الطائرات دون طيار اليمنية ضد القاعدة والمتطرفين، التي وصفها أوباما بأنها حملة ناجحة. وكانت اليمن تقليديا مقسمة على الخطوط القبلية والمناطقية أكثر منها على الفروق الطائفية بين
السنة والشيعة. ولكن تغير هذا الآن مع دعم إيران للحوثيين ودعم دول الخليج السنية لمناوئيهم".
ويرى الكاتب أن القاعدة وجدت في اليمن أن السنة يعولون عليها مصدرا للمقاتلين المتعصبين للدفاع عن مجتمعهم، على عكس حالها في العراق وسوريا. أما الحكومة اليمنية فهي ضعيفة، ويكاد الرئيس عبد ربه منصور هادي لا يملك من السلطة شيئا، بعد أن احتل
الحوثيون صنعاء في 21 أيلول/ سبتمبر.
ويشير التقرير إلى أن الأخوين كواشي قد زارا اليمن سرا في صيف 2011، وبقيا هناك أسبوعين، وقال مسؤول يمني إنهما التقيا بالداعية المولود في أمريكا أنور عولقي، الذي قتل في غارة من طائرة أمريكية دون طيار في أيلول/ سبتمبر من العام نفسه. وبحسب التقارير فإن سعيد كواشي شارك الطالب النيجيري فاروق عبد المطلب، الذي حاول فيما بعد تفجير طائرة من خلال متفجرات مخبأة في ملابسه الداخلية.
ويجد كوكبيرن أنه مع هذا ففي الغالب سيكون اهتمام القاعدة في الجزيرة منصبا على الفرص التي تتحقق لها؛ بسبب الفوضى المدنية والحرب في اليمن أكثر من التفكير في إدارة هجمات في باريس.
وتوضح الصحيفة أن الرئيس اليمني السابق علي عبدالله صالح، الذي اضطر للتنحي عام 2011، قال مرة: "إن حكم اليمن مثل الرقص على رأس أفعى". فلم تكن الدولة في يوم من الأيام قوية، بل اعتمدت سلطتها دائما على دعم القبائل والحلفاء الأجانب. ولكن اليمن اليوم تجر إلى الحرب الطائفية بين السنة والشيعة في المنطقة، مع تخوف السعودية ودول الخليج من النفوذ الإيراني والشيعة في بغداد ودمشق وبيروت، واليوم في صنعاء.
ويخلص الكاتب إلى أن تنامي قوة القاعدة في اليمن يعني أن هناك ستة بلدان على الأقل في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا يمكن للجهاديين الأجانب من أوروبا اللجوء إليها، وهذه هي المناطق التي تسيطر عليها طالبان في أفغانستان، وتلك التي يسيطر عليها تنظيم الدولة في سوريا والعراق وأجزاء من شرق ليبيا مثل بنغازي ودرنة واليمن والصومال. وإذا ما أخذنا بعين الاعتبار أعداد الجهاديين الذين يزورون تلك البلدان، فمن المستحيل أن تستطيع المخابرات الغربية مراقبة تحركاتهم كلهم.