تشهد مصر منذ الساعات الأولى من صباح الجمعة أجواء مشحونة وقلقاً متزايداً من تبعات تظاهرات "28 نوفمبر"، التي دعت إليها الجبهة السلفية - إحدى مكونات التحالف الوطني لدعم الشرعية – وأطلقت عليها اسم "الثورة الإسلامية"، ودعت المشاركين فيها إلى رفع المصاحف.
وتحولت مصر إلى ما يشبه الثكنة العسكرية، حيث لاحظ مراسل "عربي21" في أثناء جولة في شوارع القاهرة والجيزة صباح الجمعة، انتشاراً كثيفاً لقوات الجيش والشرطة ورجال الأمن بزي مدني في الشوارع والميادبن الكبرى للتصدي لدعوات التظاهر.
بداية مبكرة
وبدأت الفعاليات مبكراً، في الساعات الأولى من الصباح - وتحديداً بعد صلاة الفجر بقليل - بمسيرات ووقفات وسلاسل بشرية في معظم المحافظات المصرية؛ استجابة لدعوات الجبهة السلفية بالتظاهر اليوم بالمصاحف بعنوان "انتفاضة الشباب المسلم".
ورفع المشاركون في تلك الفعاليات المصاحف والأعلام المصرية وشارات رابعة وصور الرئيس محمد مرسي، وردد المتظاهرون هتافات مناهضة للانقلاب العسكري منها: "يسقط يسقط حكم العسكر" و"الداخلية بلطجية"، و"عسكر يحكم تاني يحكم ليه إحنا في معسكر ولا إيه".
ولوحظ تعمد القائمين على تلك الفعاليات الاحتجاجية تنظيمها على الطرق الفرعية والشوارع الجانبية وداخل الأحياء، بعيداً عن الميادين والطرق الرئيسية تجنباً للصدام مع قوات الأمن، التي أعلنت أنها ستطلق الرصاص الحي على من يخرج للتظاهر في هذا اليوم.
ونجح منظمو العديد من الفعاليات الاحتجاجية في الإفلات من قوات الأمن، حيث فضوا المسيرات والوقفات سريعاً قبل وصول الشرطة، ليعودوا ويتجمعوا من جديد في مكان آخر بعد فترة وجيزة.
إغلاق الميادين والطرق الرئيسية
وأغلقت قوات الأمن ميادين التحرير ورابعة والنهضة ومصطفى محمود وغيرها من ميادين المحافظات الأخرى، وأغلقت الطرق أمام جميع أقسام الشرطة وأمام وزارتي الدفاع والداخلية، وأغلقت محيط قصر الاتحادية الرئاسي بمصر الجديدة.
وقامت قوات الأمن بتشديد وجودها في محطات مترو الأنفاق ومحطات القطارات، ونشرت عناصرها على الأرصفة، وقامت بتفتيش الركاب والمسافرين وحقائبهم.
وكثفت قوات الشرطة والجيش، وجودها في جميع مداخل القاهرة الكبرى، التي تضم محافظات القاهرة والجيزة والقليوبية. ونشرت الأكمنة والتمركزات الأمنية الثابتة والمتحركة على الطرق السريعة التي تربط بين المحافظات المختلفة.
وعلمت "عربي21" أن تعليمات صدرت لكثير من موظفي المصالح الحكومية والمدارس والجامعات بأن يكونوا في مقار أعمالهم، بالرغم من أن الجمعة هو يوم إجازة رسمية في البلاد، وتم تهديد من يتغيب عن الحضور بالملاحقة الأمنية.
وقالت القوات المسلحة، إن 25 ألف ضابط ومجند بالجيش يشاركون في تنفيذ خطة للسيطرة على شوارع مصر ومواجهة أي أعمال فوضى أو عنف قد تتخلل مظاهرات اليوم، وتأمين المرافق الحيوية بالتعاون مع الشرطة المدنية.
مقتل ضابط جيش
وفي الساعات الأولى من صباح الجمعة، قتل ضابط برتبة عميد في القوات المسلحة، إثر إطلاق النار عليه بمحافظة القليوبية من مجهولين.
وقال مصدر أمني، إن الضابط كان ضمن دورية للجيش تقوم بتأمين منطقة أبو زعبل، مشيراً إلى أنه تم إعلان حالة الاستنفار الأمني بالمنطقة لضبط الجناة.
وأعلنت وزارة الداخلية أن خطة تأمين البلاد خلال مظاهرات "28 نوفمبر" تنفذ منذ يومين، وطمأنت المواطنين بأن الحالة الأمنية مستقرة.
وقال المتحدث باسم الوزارة اللواء هاني عبد اللطيف، إن الشرطة ألقت القبض على 78 من "العناصر الإخوانية" ونجحت في تفكيك 7 عبوات ناسفة في صباح يوم الجمعة.
وفي سياق ذي صلة، ناشد اللواء علي الدمرداش مدير أمن القاهرة، المواطنين التزام بيوتهم وعدم النزول إلى الشوارع اليوم، مؤكداً أن قوات الجيش تشارك الشرطة في تأمين البلاد في هذا اليوم، وأنه سيتم إطلاق الرصاص الحي على كل من يمارس عنفاً أو تخريباً.
واختلفت الروايات حول
مقتل الضابط، الذي ذكرت "رويترز" أنه برتبة عقيد.
ووفقاً لوكالة الأناضول، فقد لقي ضابطان بالجيش
المصري مصرعهما، وأصيب اثنان آخران، في هجومين منفصلين من مجهولين بالقاهرة والقليوبية (شمال البلاد)، بحسب مصدر أمني.
ونقلت الأناضول عن المصدر الأمني أن "عميداً بالقوات المسلحة لقي مصرعه برصاص مجهولين فى شارع جسر السويس (شرق القاهرة)، في أثناء تفقده للخدمات المكلفة بتأمين الشوارع، بينما أصيب عريف ومجند، كانا يرافقانه".
وأضاف المصدر أنه "قُتل ضابط آخر بالجيش، برتبة مقدم، فى هجوم مسلح من مجهولين، في أثناء مروره على الخدمات الأمنية المكلفة بحماية الطرق، فى منطقة أبو زعبل (شمال القاهرة) بالقليوبية".
جاء ذلك في وقت تشهد فيه البلاد تشديدات أمنية منذ عدة أيام، على خلفية
مظاهرات مرتقبة اليوم دعت إليها الجبهة السلفية، إحدى مكونات التحالف الداعم للرئيس المصري المنتخب محمد مرسي مطلع الشهر الجاري.