يقول البيت الأبيض أنه يريد العمل مع الجماعات السورية المعتدلة لمواجهة تنظيم الدولة المعروف بـ "
داعش"، ولكن الطائرات الأميركية كادت أن تضرب واحدة من مقار
الجيش السوري
الحر.
ونقل موقع "ديلي بيست" الأميركي عن مصادر في المعارضة السورية ومصادر أمنية، تحدثت عن أهمية تنسيق الإدارة الأميركية مع المعارضة في المستقبل قبل أن تطال الغارات الحليف الوحيد لها في سوريا.
وقال الموقع إن واشنطن لم تنسق، منذ بداية الغارات في 22 سبتمر/إيلول، مع من تزعم أنهم شركاؤها على الأرض. وكان غياب الاتصالات سببا في سقوط قنابل قرب مقار للجيش الحر في إدلب، وقال مصدر مطلع على الحادث إن عددا من مقاتلي الجيش الحر قتلوا جراء القصف.
ونقل الموقع عن حسام المري، المتحدث باسم الجيش الحر "للأسف لا وجود للتنسيق مع الجيش الحر، وبسبب غياب التنسيق فنحن نشاهد سقوط المدنيين، وبسبب غياب التنسيق نشاهدهم وهم يقصفون مباني فارغة تابعة لـ (داعش)".
وأضاف المري "حصلنا على وعود بالتنسيق الكامل. نحصل على وعود كهذه منذ بداية هذه الثورة ولم يتحقق منها شيء".
ويقول جوش روغين، كاتب التقرير، إن الحادث الذي لم يرد ذكره في الإعلام لا يعبر فقط عن الفجوة بين الولايات المتحدة وحلفائها الجدد من المعارضة المعتدلة، ولكنه يظهر أيضا صعوبة بناء تحالفات في ظل وجود عدد كبير من الفصائل المتعددة داخل الحرب الأهلية السورية.
ويضيف روغين "قد كان الهجوم الجوي يستهدف مقرا تستخدمه جبهة النصرة الممثلة للقاعدة في سوريا، وكان المعسكر قريبا من مبان تابعة للجيش السوري الحر، فقد كان مقاتلو القاعدة وحلفاء أميركا من الجيش الحر جيرانا، وفي بعض الأوقات كانوا شركاء في المعركة ضد تنظيم الدولة وبشار
الأسد، رئيس النظام السوري".
ويقول المري "بسبب عدم وجود تنسيق قام التحالف الأميركي بقصف قاعدة للنصرة قي إدلب لا تبعد سوى 200 متر عن الجيش السوري الحر".
وسقط 11 مدنيا في الموجة الأولى من الغارات. وسقط مدني آخرعندما استهدفت الطائرات محكمة الشريعة في إدلب، والتي كانت تديرها جبهة النصرة. وقالت الولايات المتحدة إنه ليست لديها معلومات عن ضحايا مدنيين.
وأضاف المري "هناك دائما ضحايا مدنيون عندما يضربون النصرة، لأن مقاتليها يعيشون بين الناس". مشيرا إلى أن الهجمات "لم تتسب بأي ضرر لـ (داعش) لأن البنايات كانت فارغة، وفي الوقت نفسه فلم يتم دعم المعركة الرئيسية ضد (داعش) وهذا هو المهم".
وفي المعركة ضد "داعش" قاتل الجيش الحر إلى جانب عدد من الفصائل ذات الميول الإسلامية، مثل الجبهة الإسلامية وكتائب التوحيد وحتى جبهة النصرة. وفي غالب الأحيان يتحرك مقاتلو الجيش الحر في المناطق التي تسيطر عليها الجبهة ويمرون عبر نقاط التفتيش التي تديرها. وهناك ما يشبه تحالف مصلحة بين هؤلاء المقاتلين والجبهة في بعض الأحيان، بحسب الموقع.
ويقول التقرير إن الجيش السوري الحر يواجه مشاكل جديدة من الغارات، حيث يمكن أن يكون هدفا لها، إضافة لكونه مهددا من "داعش" والنظام السوري.
وشجبت حركات تلقت دعما من الولايات المتحدة في الماضي مثل حركة حزم، واعتبرتها تعديا على السيادة الوطنية، ودعا التنظيم أميركا لتدريب مقاتليه، حتى يكونوا مؤهلين لقتال الأسد ونظامه.
ويبين التقرير أن قادة الجيش الحر يخشون أن يدفع استهداف النصرة مقاتليها الانضمام لـ "داعش".
ويتابع المري حديثه "في السابق كان هناك إرهابيون يواجهون إرهابيين مثلهم، وبعد الهجمات ستراهم يعملون معا ضد العدو المشترك، الولايات المتحدة".
وكان الرئيس باراك
أوباما قد تحدث في خطابه في 10 إيلول/سبتمبر عن ضرورة تقوية المعارضة المعتدلة كميزان ثقل ضد "داعش، وطلب من الكونغرس الموافقة على برنامج لتدريب 5.000 من مقاتلي المعارضة، وتمرير ميزانية 500 مليون دولار، وفق التقرير.
ويشير الموقع إلى أن أوباما دافع عن قرار مسؤولي الأمن القومي تقوية المعارضة، وتحدث نائب مستشار الأمن القومي توني بلينكين لشبكة فوكس نيوز عن الجيش السوري الحر باعتباره القوات البرية لأميركا في سوريا، وجزء مهم من استراتيجية الحلفاء لهزيمة "داعش" والأسد في النهاية.
وقال بلينكين "كان الرئيس واضحا، فهذه جهود طويلة الأمد، ستتواصل وستكون أكثر فعالية وسنعمل مع شركائنا على الأرض ولن نرسل مئات من الجنود الأميركيين".
ويستدرك روغين قائلا "لكن وبعد أسبوع من الهجمات لم يسمع الجيش السوري الحر أي شيء من إدارة أوباما ولا من الجيش الأميركي حول الهجمات وفاعليتهم على الأرض، وكيف يتجنبون الضربات الجوية".
ويعلق المري "هذا وضع خطير، فلا أعرف في الحقيقة ما هي الخطة الاستراتيجية للغارات، وكيف يديرونها، ولا أصدق أن اصدقاءنا يغيرون في بلدنا، وها نحن أصدقاؤهم ولا ينسقون معنا".
ويعتقد المري أن الغارات لم تحدث ضررا كبيرا على "داعش"، لأنه نقل مراكز قيادته ومعداته الثقيلة وأمواله وعائلاته لمواقع جديدة بعد إعلان أوباما عن الغارات، بحسب التقرير.
وأخبر مسؤول آخر في المعارضة "ديلي بيست" عن مشكلة التنسيق، فيما شدد هادي البحرة، رئيس الائتلاف الوطني السوري، على أهمية التنسيق، وأخبر مستشارة الأمن القومي سوزان رايس بأهمية إنشاء مركز مشترك للتنسيق، ولم تعبر رايس عن التزام، لكن المعارضة تحاول للحصول على دعم الإدارة للعمل المشترك.
وقال المسؤول في المعارضة "يقوم الجيش الحر بتمرير معلومات مهمة عن (داعش) والنصرة، ولا نعرف إن كانوا يستخدمونها أم لا".
وقال الميجر كرتيس كيلوغ، المتحدث باسم القيادة المركزية، إنه لا يستطيع التعليق على اتهامات الجيش الحر بشأن ضرب مواقع للنصرة قريبة من مقرات للجيش الحر.
وبحسب اندرو تابلر من معهد واشنطن لدراسات الشرق الأدنى، فالولايات المتحدة لم تنسق بعد مع الجيش الحر، لأنها لا تثق به خاصة عندما يتعلق الأمر بمعلومات حساسة عن العمليات العسكرية. وهذا يعني أن الجيش الحر لا يمكنه استثمار الهجمات والتحرك نحو مواقع تعرضت للقصف. وقال "الكل يعرف إنه لا يمكنك تحقيق نتائج بالقصف الجوي وإذا كانت لعبتك تقوم على ملء المعارضة المعتدلة الفراغ فعلى ما يبدو لن تستفيد. ونحن بحاجة لكسب المعارضة إلى جانبنا وهذا لا يساعد أبدا، ولو استمر هذا فسيكون نظام الأسد المستفيد الأول"، كما أورد التقرير.
ويقول معاذ مصطفى من قوة المهام السورية الخاصة للأزمات، وهي منظمة أميركية تعمل مع المعارضة السورية، إن إعلان إدارة أوباما عن العمل مع الجيش السوري الحر وتنسيق الغارات معه، ومن ثم تجاهله لا يعمل إلا على "تهميشه وعزله عن قاعدة الدعم الشعبي على الأرض، وتسمح بقيام (داعش) تجميع نفسه وللنظام كي يتحرك ويسيطر على هذه المناطق، ما يناقض السياسة التي أعلن عنها الرئيس".
وذكر التقرير أن مصطفى قد قام الأسبوع الماضي بترتيب زيارة لعدد من النواب في الكونغرس الذين زاروا جنوب تركيا، واجتمعوا في غازي عينتاب مع عدد من قادة الجيش الحر وفصائل أخرى.
ويختم التقرير بالإشارة إلى أنه بعد لقائهم بقادة الكتائب السوريين دعا النائب الجمهوري المتشدد آدم كينزينغر الولايات المتحدة لتسريع عمليات تدريب وتسليح كتائب الجيش الحر، التي تم التحقق من ملفاتها الأمنية " هناك دائما مخاطر، ولن تكون عملية دون اخطاء، وهناك الكثيرون ممن يناشدوننا لمواجهة نظام الأسد أو على الأقل تحديد منطقة حظر جوي لمنع البراميل المتفجرة".