ما سُمي المقام الموسيقى مقاما إلا لمكانته الفنية السامية؛ فالمقام يجمع بين اللحن الراقي والعبارة المختارة، كما يعرف مؤدي المقام بـ"القارئ"، إذ أن لأداء المقام طريقة خاصة وميزة تتسم بالمهابة والاحترام، هكذا يقول الفنان
العراقي "مجاهد عبد الجبار العراقي".
ويعد المقام من الفنون الموسيقية العربية القديمة، وهو عبارة عن تتالي لعلامات موسيقية وفق أبعاد معينة وقواعد موضوعة لتصنيف اللحن الموسيقي، الأمر الذي يسهل تعامل العازف مع الآلة وبالتالي مع المقياس الموسيقي.
وهناك العشرات من المقامات تنتمي إلى ثلاث ثقافات موسيقية رئيسية: الفارسي، العربي والتركي، أما المقام في العراق، فظهر منذ نحو 400 عام.
وأدوات المقام العراقي، كمثال مقام جالغي بغدادي، تتكون من ثلاثة من عازفي آلة السن طور(شبيهة بآلة القانون)، و "جوزه" (آلة بين الكمان والربابة)، و "طبلة" أو "الدن بك" وأحياناً "آلة الرق"، إضافة إلى القارئ (المطرب)، ويكون معظم نص أو شعر الأغنية باللهجة العراقية.
وتبقى محافظة ديالى (شمال العراق)، على الرغم من كل المتغيرات التي طرأت على جسد الأغنية العراقية، تتميز بالمقام العراقي الذى يبقى حاضرا من خلال قرّائه والمهتمين به.
فديالى من المحافظات التي تجذر فيها المقام العراقي منذ عصور نشأته وحتى الآن، كما أن قرّائه ومحبيه لا يمكن أن يتصوروا الحياة من دون سماعه، ويرون في ديالي حاضنة الأصوات الشجية والحصن الحافظ للألحان
التراثية الشعبية.
مدير البيت الثقافي في ديالى كامل رشيد، يقول "إن
بيت المقام العراقي يمثل تراث محافظة ديالى وهو دائرة رسمية / حكومية مرتبطة بدائرة الفنون الموسيقية بالعاصمة بغداد التابعة لوزارة الثقافة."
وأضاف الرشيد أن ديالى مازالت تعتز بهذا التراث، على الرغم من تقصير بعض المسؤلين في المحافظة عليه وفي تقديم الدعم المادي والمعنوي لهذا التراث.
ويصف الرشيد حال المقام العراقي قائلا إنه على الرغم من تقصير الجهات المعنية "مازلنا في طور التقدم لهذا الفن العريق الذي تمتد أصوله وجذوره إلى ما قبل أربعة قرون".
وتحتضن محافظة ديالى الكثير من الفنانين، مثل كريم الخالدي وعزيز الخيام وناظم شكر البهرزي وغيرهم، كما توجد فرقة متميزة داخل بيت المقام تتميز بالعزف على الآلات القديمة والأغاني التراثية التي تعود لأكثر من ثلاثة قرون.
ويقول الفنان وعازف العود المتميز مجاهد عبد الجبار العراقي " تتكون فرقتنا (فرقة بيت المقام العراقي) من سبعة أشخاص: عازف الكمان، وعازف العود، والفنانون مجاهد العراقي وتوفيق العبد الله والفنان بركان وحسين الديالاوي، بالإضافة إلى عازف الطبلة والرق".
وتابع العراقي بالقول: "نحن فرقة متميزة بالمحافظة حيث نتلقى دعوات لحضور الكثير من الحفلات الشعبية والمناسبات، خصوصا حفلات الأعراس والمناسبات العامة، لما تتميز به هذه الفرقة من أغاني تراثية شجية تعتمد أدائها على الأغاني القديمة والمعاني الراسخة في أذهان الناس".
أما الفنان عازف الرق، مصطفى عزيز الشمري، فيقول: "دورنا هو إحياء التراث الشعبي بعدما غطت الأغاني الحديثة على هذا الطابع بعد تقدم التكنولوجيا على آلات الموسيقى".
ويضيف: "لكن سوف نبقى نعزف ونغني على هذه الشاكلة التراثية لإحياء التراث الشعبي في ديالى وعموم العراق ولا نزال نتواصل للحفاظ على هذا التراث الأصيل من خلال الأمسيات والمهرجانات التي يقيمها البيت".
ويستطرد الشمري "في الحقيقة بيت المقام هو نافذة للتراث الأصيل في المحافظة فهو المختص الوحيد في هذا المجال".