كتب محرر شؤون الشرق الاوسط في صحيفة "الغارديان"
إيان بلاك عن حملة القمع التي تقوم بها الحكومة
السعودية بحق المدونين ومستخدمي
تويتر.
وأشار إلى إقبالهم على استخدام وسائل التواصل الإجتماعي كوسيلة لتبادل النكات والحديث عن أوضاعهم السياسية، ونقد العائلة المالكة.
وفي الوقت الذي تتسامح فيه الحكومة مع هذه الوسائط إلا أنها حاولت تقييد استخدامها، وتستفيد في الوقت نفسه منها في مراقبة مواطنيها، ومنحهم فرصة للتنفيس عن هموهم. وأشار التقرير إلى المدون "مجتهد"، وهويته الغامضة ودوره في الكشف عن الكثير من أسرار العائلة الحاكمة.
وتحدث بلاك في بداية تقريره عن حالة الروائي تركي الحمد الذي "دفع ثمنا غاليا لتغريدة كتبها العام الماضي وقال فيها إن الإسلام الذي يمارسه السعوديون ليس "دين الحب" الذي دعا إليه النبي محمد، وكانت النتيجة ستة أشهر سجن بدون محاكمة.
ويضيف "صحيح أن أوضاع السجن الذي دخله أحسن من ذلك الذي اعتقل فيه في سبعينات القرن الماضي، لكن مخاطر العصر الرقمي لا تزال وبشكل مؤلم تثير الخوف". ويشير الكاتب إلى أن
"قضية الحمد لم تكن عادية، لكنها ليست استثنائية، فمثل الحمد، أغضب حمزة الكشغري الصحافي في جدة السلطات الدينية والمتحمسين الذين يعادون التغيير في المملكة أو الذين يعطون الحكومة المبرر لعمل ذلك".
لكن تويتر كما يقول بلاك "يحظى بشعبية واسعة ويتم التسامح معه بصورة واسعة"، مشيرا إلى دراسة أخيرة أظهرت أن السعوديين يستخدمون تويتر ويوتيوب بنسبة 90 مليون مرة في اليوم، ولدى السعوديين مستخدمين للفيسبوك بنسبة هي الأعلى في العالم.
ويعبر الكاتب عن دهشته من هذه النسبة خاصة أن "السعودية تحكمها ملكية مطلقة، وبدون برلمان او أحزاب سياسية، وبصحف وقنوات تلفزيونية مدجنة، وتمارس الفصل بين الجنسين وبشرطة أخلاقية، ومع ذلك لديها هذا المشهد الحي من الإقبال على استخدام أدوات التواصل الإجتماعي"، مضيفا بأن السعوديين يغردون" بالملايين لتبادل النكات، ويشتكون من تدني أجورهم وما تضيعه الحكومة، وكذلك عجزها وفسادها".
ويقول تركي الحمد "رفع تويتر سقف حريتنا". وترى هتون الفاسي، المحاضرة في القضايا النسوية، والتي تدعو للسماح للمرأة بقيادة السيارة، لقد خلقت وسائل التواصل الإجتاعي واقعا افتراضيا "يعوض السعوديين عن غياب الحرية في التجمع والتعاون". وفي الوقت الذي يقبل الليبراليون على تويتر فهو ليس وسيلتهم الوحيدة، فيما يملك الدعاة المعروفون أتباعا بالملايين مثل محمد العريفي.
ويشير الكاتب إلى خوف الحكومة السعودية من تويتر، خاصة بعد حمى التغيير والربيع العربي وظهور مدون اسمه "مجتهد" كان يتصدى في تغريداته للتابو، خاصة فساد العائلة الحاكمة، ولذلك قامت الحكومة بالطلب من رجال الدين إصدار فتاوى تحرم تويتر باعتباره ينشر الشائعات.
وأطلق على "مجتهد" جوليان أسانج السعودية، في إشارة لمؤسس ويكيليكس، لكنه الآن لم يعد يقدم لأتباعه "خطبات"، ويعيد إرسال تغريداته القديمة. ولا يعرف من هو أو هي، ولكن التغريدات التي كان يرسلها تعطي فكرة عن معرفة جيدة داخل المؤسسة الحاكمة ونقدا للمؤسسة الدينية.
ويقول الكاتب أنه ليس سرا قيام السلطات بمراقبة وسائل التواصل الإجتماعي. وكما تم وقف "مجتهد"، وإجباره على الخضوع فهناك عدد من المحامين ممن سجنوا في جرائم إلكترونية وإرسال تغريدات تساعد السعوديين على فهم حقوقهم المدنية، منهم محمد القحطاني وعبدالله الحامد وعبدالله الحسن.
وحتى الأمراء ووزراء الحكومة لديهم حسابات على تويتر، فوزير الإعلام عبدالعزيز خوجة لديه 180 ألف معجب" لكن هذا لا يقود إلى شفافية في الحكم. وتعترف الدولة أن تويتر هو وسيلة جيدة للتعرف على مزاج الرأي العام.
وتعتقد مضاوي الرشيد، الباحثة الأكاديمية في لندن أن الحكومة السعودية لديها مصلحة في السماح لهذه الوسائل، لأنها "تسمح للناس بإفراغ غضبهم بدون عمل شيء فعلي، كما أنها وسيلة لمراقبة المستخدمين ومع من يتصلون".
ويختم إيان بلاك بالإشارة إلى تغريدات أثارت انتباها وجدلا مثل تغريدة الملك عبدالله التي دعم فيها الانقلاب على مرسي، وعاهرات الأولمبياد التي انتقدت مشاركة فتيات سعوديات في الألعاب الأولمبية الأخيرة في لندن.
ويقول الكاتب إن تويتر كان وسيلة لفرض تغييرات محدودة من مثل السماح للمرأة بالظهور في المحكمة، مع أن البعض يرى الربيع العربي عاملا مهما في التغيير.
وحاولت الحكومة تقييد أو تنظيم استخدام تويتر وفيسسبوك وسكايبي. ويقول مسؤولون إن يوتيوب قد يتم تنظيم استخدامه حتى يتوافق مع القيم الثقافية والدينية للبلد.
ويرى كثرون أن نجاح ميديا التواصل الإجتماعي نابعة من "ملل" المجتمع وشعوره بالإحباط حيث نسبة 70% من السكان من الفئة العمرية الشابة، تحت سن الـ 30.
ويرى الحمد أن "السعودية في حالة ولادة، مولود سيأتي، وهل سيكون ولدا أم بنتا؟ لا ندري، البلد يمر في حالة مخاض وفي النهاية سيؤثر إعلام التواصل الإجتماعي على مستقبلها السياسي".