بدأت أكثر من مائة جمعية مدنية ومؤسسة بحثية في
المغرب في تنفيذ برنامجها المتعدد المجالات للدفاع عن
اللغة العربية.
وشكلت الجمعيات المشار إليها هيئة وطنية حملت اسم "الائتلاف الوطني من أجل اللغة العربية". ويعتبر الائتلاف حسب وثيقته التأسيسية أن ما يحدث في المغرب هو "هجوم مقصود على اللغة العربية نابع من رؤية نخبة فرنكفونية تنظر للغة الضاد كمهدد لمصالها المادية والمعنوية"، وأن "الحرب على العربية هي حرب على مقدرات الأمة ورغبة في استدامة وضع التخلف واللاستقرار التنموي مقابل التمكين للغة الفرنسية في مختلف مناحي الحياة وتعميق إقصاء وتهميش العربية بشكل منهج، على الرغم من تنصيص مختلف دساتير المملكة المغربية على رسمية اللغة العربية وضرورة حمايتها وتطويرها".
ويقول فؤاد بوعلي، "رئيس الائتلاف الوطني من أجل اللغة العربية" عن واقع اللغة العربية بالمغرب، إن "المكانة التي تحظى بها العربية على الصعيد النظري والقانوني لا تنعكس على المستوى العملي".
فعلى الصعيد التربوي والعملي مثلا يشرح بوعلي، في حديث مع "عربي21": تقابل العربية بالمجافاة والتهميش بل المحاربة أحيانا، ما يعطيها صورة لغة تاريخ وماض يتبرك بذكره، ولغة متاحف وأساطير تستعمل عند الأحاجي". ويقول: "أما اعتبـارها لغة علم وتقنية وسوق وإنتاج يتابع الباحث في اللسانيات، فذاك ما تحاول العديد من الدوائر طمسه والإبانة عن عجز لغة الصحراء والقوافل عن مسايرة عالم الإنترنت والبورصة".
ويضيف بوعلي: "بعيدا عن الخطابات الرسمية والشعارات المترنمة باسم الهوية أو الدين، نجد حضور العربية داخل تعليمنا وفي الشارع العام باهتا، بحيث لا تؤدي الدور المنوط بها كلغة قومية، كغيرها من اللغات القومية في كل دول العالم، ولا أدل على ذلك من وضعها الحالي داخل التعليم".
وضمن مبادرات "الائتلاف"، تم رفع العديد من المذكرات الاقتراحية والاحتجاجية إلى كل من رئيس الحكومة والمجلس الأعلى للتعليم ووزارة الاتصال وقطب الاتصالات والإعلام العمومي، إلى جانب عريضة شعبية لإنشاء مؤسسات حماية العربية، فضلا عن ندوات ولقاءات دراسية وتوعوية.
وطالبت مذكرات الائتلاف المختلفة بالعديد من الإجراءات، منها تفعيل دستورية اللغة العربية، بما يكفل فعلا وضعها الرسمي ودورها الوظيفي الموحد، وعدم منازعة اللغات الأخرى لها في وظائفها، وكذا إصدار قانون خاص بحماية اللغة العربية وتنمية استعمالها بما يضمن قيام بيئة لغوية سليمة تتماشى ومقتضيات الدستور اللغويةـ إلى جانب وضع آليات مؤسسية وقانونية لمراقبة التزامات الدولة بحماية اللغة العربية على الصعيدين المحلي والوطني.
ويشار إلى أن الفصل الخامس من الدستور المغربي المعتمد سنة 2011 قد أقر في الفقرة الأولى منه أن "تظل العربية اللغة الرسمية للدولة. وتعمل الدولة على حمايتها وتطويرها، وتنمية استعمالها". كما تنص الفقرة الخامسة على دور الدولة في السهر "على انسجام السياسة اللغوية والثقافية الوطنية"، وأن "يُحدَث مجلس وطني للغات والثقافة المغربية، مهمته، على وجه الخصوص، حماية وتنمية اللغتين العربية والأمازيغية، ومختلف التعبيرات الثقافية المغربية باعتبارها تراثا أصيلا وإبداعا معاصرا. ويضم كل المؤسسات المعنية بهذه المجالات. ويحدد قانون تنظيمي صلاحياته وتركيبَته وكيفيات سيره".
كما أن مطالب عدة نادت بالإسراع في إخراج أكاديمية محمد السادس للغة العربية، التي نص عليها الميثاق الوطني للتربية والتكوين منذ سنة 2000، وهو الأمر الذي لم يتأتى له الحصول حتى اليوم.