فنون منوعة

فيلم "المسيرة" يوثق لأول تظاهرة مغاربية بفرنسا 1983

المخرج البلجيكي من أصل مغربي، مخرج فيلم "المسيرة"
المخرج البلجيكي من أصل مغربي، مخرج فيلم "المسيرة"
بعد مرور ثلاثين سنة على إنطلاق أول مسيرة في تاريخ فرنسا، قادها مهاجرون مغاربيون للمطالبة بحقهم في المساواة واحتجاجا على التمييز العنصري ضدهم، يعود المخرج البلجيكي ذو الأصول المغربية  نبيل يادير من خلال فيلمه "المسيرة" ليستعيد تفاصيل تلك الأحداث التي طبعت التاريخ السياسي الفرنسي في سنة 1983 وأعادت المهاجر القادم من جنوب ضفة البحر المتوسط إلى واجهة الاهتمام بعد أن عاش لسنوات مهمشا في الضواحي.

وتبدأ أحداث الفيلم الذي  تم عرضه مساء اليوم أمام لجنة تحكيم المهرجان الدولي للفيلم بمراكش، ويقول نقاد سينمائيون أنه مرشح بقوة للفوز بإحدى جوائز المهرجان، حينما قر ثلاث شباب مراهقين من أصول مغاربية وكاهن مسؤول عن العلاقات مع الإسلام والكنيسة بالحشد لتنظيم مسيرة تنطلق من ضواحي مدينة مارسيليا الفرنسية  في اتجاه العاصمة باريس، بعد تعرض أحدهم لإطلاق الرصاص من قبل الشرطة "لدوافع عنصرية" وتزايد أعمال العنف التي يمارسها متطرفون ضد المهاجرين من أصول مغاربية وتصاعد الخطاب العدائي ضدهم.

المبادرة التي سيطلقها هؤلاء الشباب الثلاثة والكاهن الفرنسي سرعان ما سينضم إليها آخرون، لتلقى صدى واسعا في صفوف  الجالية المهاجرة والمواطنين الفرنسيين، حيث سيجوب "المشاة المحتجون" مدنا وضواحي فرنسية لإقناع الناس بعدالة قضيتهم، وضرورة وضع حد لأعمال العنف العنصرية، لبناء وطن مشترك، لتصل أعداد المشاركين في المسيرة حين وصولها إلى باريس لـ100 ألف متظاهر، رفعوا شعارات تدعو لمساواتهم بباقي المواطنين.

ويسعى الفيلم إلى إعادة طرح مشاكل الهجرة وأضاع المهاجرين بفرنسا ومن خلالها على سائر البلدان الأوروبية، وذلك عبر استعادة تاريخ نضالي قاده هؤلاء لانتزاع حقوقهم، ليعكس بشكل ضمني وجها آخر لتفاصيل حياة "المهاجر الغريب" الذي يبادر لصناعة اللحظة التاريخية وتحريك الشارع بشكل سلمي نصرة لقضيته الإنسانية.

من جانبه قال مخرج الفيلم  يادير بعد انتهاء العرض، أنه سعيد بمشاركة فيلمه في الدورة 13 للفيلم بمراكش، وأنه تطلع من خلال موضوع الفيلم غلى إعادة التذكير بلحظة تاريخية مهمة عاشتها فرنسا، من أجل محاربة العنصرية وبناء المواطنة على اساس المساواة.
وفي حديثه للأناضول عقب عرض الفيلم أمام لجنة تحكيم المهرجان برئاسة المخرج الأمريكي مارتن سكورسيزي، قال الناقد السينمائي المغربي "مصطفى الطالبي إن "الفيلم نجح في إعادة صياغة مشهد تاريخي عاشته فرنسا ثمانينيات القرن الماضي، تميز بتصاعد العداء ضد المغاربيين من المهاجرين على وجه التحديد، وأن مخرج الفيلم تمكن باستعماله لتقنيات حرفية من تجسيد هذه القيم سينمائيا بشكل جيد.

وحسب أحداث الفيلم، الطريق إلى باريس لم تكن بالنسبة للشباب الذين آمنوا بأهداف المسيرة، وناضلوا لإقامتها سهلة أو يسيرة، بل اعترضتهم صعوبات ومشاكل عدة، خاصة بعد تلقيهم لتهديدات من طرف متطرفين لوقف مسيرتهم ومنع الدعم الجماهيري عنها.
وخلال أحداث الفيلم يستحضر أبطاله عدد من الحركات التحررية السلمية التي أطلقها زعماء حقوقيون تاريخيون كالهندي "غاندي" والأمريكي "مارثن لوثر كينغ"،  والذين استطاعوا تسيلط الضوء على مشاكل الأقليات في بلدانهم، وصناعة لحظة مفصلية غيرت تاريخ الشعوب، ويقولون أن مسيرتهم لا تختلف عنها.

وكانت فرنسا قد عاش أواخر سنة 1983 على وقع موجة احتجاجية قوية قادها المهاجرون، حيث نظمت مسيرة شارك فيها مئة ألف شخص وسط العاصمة باريس، انتهت  بلقاء وفد عن "مسيرة من أجل المساواة" بالرئس الفرنسي في حينها "فرنسوا ميتيران" الذي قرر إنشاء "بطاقة الإقامة لعشر سنوات" لفائدة هؤلاء المهاجرين.

وشارك في أداء أدوار فيلم "المسيرة" عدد من الممثلين المغاربيين والفرنسيين من أمثال الفرنسي ذو الأصول المغربية "جمال الدبوز" والفرنسية "أوليفي كورمي"  ومواطنه "فانسون روتيي".

وكان المخرج البلجيكي نبيل يادير ذو الأصول المغربية قد وقع سنة 2005 أول فيلما قصير له بعنوان "خروج المهرج" قبل أن ينتقل لإنتاج أول فليم طويل له "البارونات"، قبل يستغرق وقتا طويلا لإصدار ثاني فيلم طويل له "المسيرة" والذي يتنافس خلال الدورة 13 لمهرجان مراكش على جائزته الكبرى (السعفة الذهبية) إلى جانب 14 فيلما آخر، حيث من المقرر أن تعلن لجنة تحكيم المهرجان برئاسة المخرج الأمريكي المخضرم "مارين سكورسيزي" عن أسماء الفائزين في ختام فعاليات المهرجان في 7 من كانون الأول/ ديسمبر الجاري.

وتتنافس الأفلام الطويلة المشاركة في مسابقة المهرجان على خمس جوائز هي: النجمة الذهبية (الجائزة الكبرى للمهرجان)، وجائزة "لجنة التحكيم"، وجائزة "أفضل اخراج"، وجائزة "أفضل دور نسائي"، وجائزة "أفضل دور رجالي.

وشارك في أداء أدوار فيلم "المسيرة" عدد من الممثلين المغاربيين والفرنسيين من أمثال الفرنسي ذو الأصول المغربية "جمال الدبوز" والفرنسية "أوليفي كورمي"  ومواطنه "فانسون روتيي".
 

التعليقات (0)
الأكثر قراءة اليوم