في أعقاب سقوط
نظام الرئيس السوري المخلوع بشار
الأسد، اشتعلت النقاشات السياسية في ألمانيا حول
مصير
اللاجئين السوريين المقيمين فيها، خصوصاً بعد تصريحات بعض السياسيين التي
أثارت تساؤلات جدية حول مستقبلهم في البلاد.
وتصدر هذه
التصريحات قادة أحزاب اليمين المتطرف، الذين دعوا إلى عودة السوريين إلى بلادهم
بعد أن أصبح الوضع في سوريا، وفقاً لهم، أكثر استقراراً.
وكانت زعيمة حزب
"البديل من أجل ألمانيا" اليميني المتطرف، أليس فايدل، من أبرز
المطالبين بعودة السوريين، حيث أكدت عبر منصات التواصل الاجتماعي أن "من
يحتفل في ألمانيا بـ 'سوريا الحرة' لم يعد له أي سبب للبقاء في ألمانيا"،
داعية السوريين إلى العودة فورًا.
ويتماشى الخطاب
مع ما ذكره ماركوس زودر، زعيم الحزب المسيحي الاجتماعي في ولاية بافاريا، الذي
أشار إلى أنه "إذا اختفى سبب اللجوء، فلا يوجد سبب قانوني لبقاء السوريين في
ألمانيا".
اظهار أخبار متعلقة
وإضافة إلى ذلك،
اقترح ينس سبان، نائب زعيم الحزب المسيحي الديمقراطي المحافظ، فكرة مثيرة للجدل،
حيث اقترح استئجار طائرات لتسهيل مغادرة السوريين الذين يرغبون في العودة إلى
بلادهم، مع تقديم مبلغ ألف يورو لكل منهم للمساعدة في هذه العودة.
ولقي الاقتراح دعمًا
من بعض الدوائر السياسية التي ترى أن استمرار وجود السوريين في ألمانيا ليس مبررًا
بعد انهيار النظام الذي فروا منه.
ومع اقتراب
الانتخابات الألمانية في 23 شباط / فبراير 2024، يبدو أن بعض السياسيين قد تبنوا
هذه المواقف بهدف التأثير على الناخبين، خصوصًا في ظل تزايد القلق العام بشأن
الهجرة وتأثيراتها على المجتمع الألماني. إذ يعتقد البعض أن تشديد الخطاب ضد
اللاجئين السوريين قد يساهم في تعزيز قاعدة الدعم السياسي في هذه الفترة
الانتخابية.
لكن هذه
التصريحات لاقت انتقادات شديدة من جانب السياسيين اليساريين والخضر في ألمانيا،
الذين اعتبروا أن مثل هذه التصريحات غير مسؤولة، وقد تضر بمصداقية السياسة
الألمانية في التعامل مع قضايا اللاجئين.
ووصفت وزيرة
الخارجية الألمانية، أنالينا بيربوك، التي تنتمي لحزب الخضر، هذه التصريحات بأنها
"فقدت الاتصال بالواقع"، مؤكدة أن الوضع في سوريا لا يزال غير مستقر ولا
يمكن التنبؤ بما سيحدث في المستقبل. وأشارت إلى أن الوضع الأمني والسياسي في سوريا
يتسم بالغموض، وأنه من غير الممكن اتخاذ قرارات عاجلة بشأن عودة اللاجئين في ظل
هذا الواقع المتقلب.
اظهار أخبار متعلقة
وفي موقف أكثر
حدة، قال جان فان أكن، زعيم حزب "دي لينكه" اليساري، إن الدعوات للترحيل
"لا تعكس إلا أجندات شعبوية تسعى لاستغلال الأوضاع السياسية لتحقيق مكاسب
انتخابية". كما أضاف أن مثل هذه التصريحات قد تساهم في زيادة التوترات
الاجتماعية في ألمانيا.
وفي تطور جديد،
أعلنت هيئة الهجرة واللجوء الألمانية عن تعليق النظر في الطلبات المعلقة لطالبي
اللجوء السوريين، والبالغ عددهم نحو 47,270 طلبًا. وأوضحت الهيئة أن هذا القرار
جاء بسبب عدم وضوح الوضع في سوريا، مما يجعل من الصعب اتخاذ قرارات نهائية بشأن
هذه الطلبات في الوقت الحالي. ومع ذلك، أكدت الهيئة أنها ستقوم بإعادة تقييم هذه
الطلبات في حال استقر الوضع في سوريا.
وتعكس هذه
التطورات حالة من عدم اليقين التي يعيشها السوريون في ألمانيا، حيث يواجهون مصيرًا
غامضًا في ظل هذه المناقشات السياسية المتجددة. وبالنسبة للكثير منهم، خاصة الذين
اندمجوا في المجتمع الألماني، ويعملون في مختلف القطاعات ويشغلون وظائف مهمة مثل
الأطباء والممرضين، فإن العودة إلى سوريا قد تبدو غير ممكنة إذا استمر الوضع
الأمني والإنساني في بلادهم على ما هو عليه.
وفي السياق
ذاته، لا يزال نحو 700 ألف سوري في ألمانيا، منهم من حصل على اللجوء أو الحماية
الفرعية بسبب الأوضاع الأمنية في سوريا. ورغم أن قرار تعليق النظر في الطلبات
المعلقة لا يعني بالضرورة وقف قبول لاجئين جدد، إلا أن سياسات الترحيل التي
يتبناها بعض السياسيين قد تزيد من معاناة السوريين وتفاقم شعورهم بعدم الاستقرار.