نشرت صحيفة "
نيويورك تايمز" تقريرا بشأن الشكوك المتزايدة بقدرة
الاحتلال على تفكيك حركة
حماس في
غزة، فمنذ هجمات 7 تشرين الأول/ أكتوبر تعهدت إسرائيل بمحو حماس إلا أن النقاد يرون أن
الهدف غير واقعي ومستحيل.
وفي التقرير الذي ترجمته "عربي21"، وأعده نيل فاركور، فإنه نقل فيه ما قاله المتحدث باسم حركة حماس في بيروت، أسامة حمدان، الذي كان يقف أمام خلفية مزينة بشعارات حماس واسم "طوفان الأقصى"، حيث لم يبد أي قلق على الإطاحة بالحركة من غزة. وقال قبل فترة لمجموعة من الصحافيين: "نحن لسنا قلقين بشأن مستقبل غزة" و"صناع القرار هو الشعب
الفلسطيني وحده".
وأشار التقرير إلى أنه "وعليه فقد رفض حمدان واحدا من أهم أهداف إسرائيل الرئيسية منذ بداية الهجوم على غزة: تفكيك المنظمة السياسية والعسكرية الإسلامية التي كانت وراء قتل 1,200 إسرائيلي في تشرين الأول/ أكتوبر".
وذكر أن "رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، كرر هذا الهدف وسط الضغوط الدولية لتخفيف حدة الهجوم العسكري، حيث أرسل الرئيس الأمريكي جو بايدن عددا من المبعوثين للتباحث في المرحلة المقبلة للحرب والتركيز على عمليات استهداف أكثر دقة بدلا من التدمير الواسع. وتساءل النقاد في إسرائيل وخارجها عن حكمة هذا الهدف وإمكانية تفكيك جماعة متأصلة في المجتمع الفلسطيني وإن كان هدفا واقعيا. ووصف أحد مستشاري الأمن القومي السابقين في إسرائيل هذا الهدف بالغامض".
اظهار أخبار متعلقة
وقال الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون: "أعتقد أننا وصلنا إلى لحظة يجب أن تحدد فيها السلطات الإسرائيلية وبمزيد من الوضوح هدفها النهائي"، وتساءل قائلا: "هل هي التدمير الكامل لحماس؟ هل هناك أحد يعتقد أن هذا ممكن؟ وإن كان هذا هو الجواب، فستستمر الحرب مدة 10 أعوام".
ولفت التقرير إلى أنه "منذ ظهور حركة حماس في عام 1987 فإنها نجت من عدة محاولات لمحوها، فقد تم تصميم بنيتها لاستيعاب هذه الطوارئ، بحسب محللين سياسيين وعسكريين. إلى جانب التدمير الكامل لغزة والذي تقوم به إسرائيل فإنه سيكون عامل تشدد قطاعات في المجتمع الغزي ما يعني جنودا جددا للحركة. ويرى المحللون أن النتيجة الأمثل لإسرائيل تشتمل على إضعاف قدرات حماس العسكرية لمنع تكرار هجمات مماثلة كما في تشرين الأول/ أكتوبر، وحتى هذا الهدف المحدود فإنه يقتضي جهدا هائلا".
ونقلت عن خبراء قولهم إن "أيديولوجية حماس متجذرة بضرورة مقاومة احتلال إسرائيل للأراضي الفلسطينية واستخدام القوة، وهو مبدأ سيظل قائما حتى لو انتهت حماس كما يقول المحللون. وتقول تهاني مصطفى، من مجموعة الأزمات الدولية: طالما ظل هذا السياق قائما فإنك ستتعامل مع شكل من حماس وافتراض أنك قادر على اقتلاع منظمة كهذه هو مجرد فتنازيا".
وذكرت أن جيش الاحتلال "قال هذا الأسبوع إنه قتل 8,000 من مقاتلي حماس التي لديها قوة ما بين 25,000 – 40,000 مقاتلا، لكن لا يعرف كيف قامت إسرائيل بحساب القتلى. وقالت إن 500 من المقاتلين استسلموا مع أن حماس نفت أن هؤلاء هم من صفوفها. وقدم الجيش في أوقات تقارير إيجابية عن السقوط المحتوم لقيادة الحركة في شمال غزة حيث بدأ الهجوم. واعترف نتنياهو بأن حماس تكلف الجيش ثمنا باهظا، حيث إنه أعلن عن مقتل 15 جنديا في 48 ساعة فقط. ولا تزال الصواريخ تنطلق من جنوب غزة بشكل يومي وإن بأعداد أقل من السابق".
ونقل التقرير عن المسؤول الاستخباراتي السابق مايكل ميليشتين، قوله إن "المزاعم من المسؤولين الإسرائيليين عن حماس وقرب انتهائها تخلق حسا كاذبا بشأن الحرب". وانتقد ميليشتين قائلا: "يقولون هل منذ زمن إن حماس تنهار لكن هذا ليس صحيحا، ففي كل يوم نواجه معارك صعبة".
ورمى جيش الاحتلال ملصقات على جنوب غزة يعرض فيها مكافآت مالية لمن لديه معلومات عن قادة حماس. وفي ملصق بالعربية: "حماس فقدت قيادتها ولا يستطيعون قلي بيضة" و"نهاية حماس اقتربت". ووعد الجيش بـ 400,000 دولار لم يدلي بمعلومات عن يحيى
السنوار و 100,000 لمن يدلي بمعلومات عن القائد العسكري محمد الضيف. وقد نجا الأخير من عدة محاولات اغتيال أو اعتقال ولا تتوفر له إلا صورة وجه عمرها عقود، وفقا لما أوردته الصحيفة.
ويرى الكاتب أن المكافأة هي دليل آخر على مشاكل إسرائيل بملاحقة القادة. ويعتقد أنهم مختبئون مع معظم جنودهم وبقية الرهائن في أنفاق عميقة.
وأضاف التقرير أنه مع أن الجيش الإسرائيلي يزعم أنه دمر مدخل 1,500 نفق إلا أن الخبراء يقولون إن بنى الأنفاق لا تزال سليمة. وتم بناء الأنفاق على مدار 15 عاما وهي شبكة واسعة يقدر طولها بمئات الأميال ويطلق عليها الإسرائيليون مترو أنفاق غزة. ويقول طارق باكوني، وهو مؤلف كتاب عن حماس: "استطاعت حماس التغلب وبشكل جيد على هذا الهجوم" و"كشفت أن لديها قدرات عسكرية هجومية".
أما غويرا إيلاند، الجنرال المتقاعد ورئيس مجلس الأمن القومي السابق، فقد قال في حديثه للصحفية إن حماس استطاعت الكشف عن قدرة على استبدال قيادات ملتزمة وذات كفاءة عالية بالقيادات المؤهلة.
وتابع: "من ناحية حرفية يجب علي أن أشيد بتصميمهم، ولا أرى أية إشارة على انهيار في القدرات العسكرية لحماس ولا في قوتهم السياسية لمواصلة قيادة غزة".
وفي محاولة فاشلة لتفكيك حركة حماس فإنها قامت بترحيل 415 من قادتها ورمتهم عند منطقة حدودية عازلة بينها وبين إسرائيل. وقبل عودتهم من المنفى الذي استمر أشهرا بنوا تحالفا مع حزب الله، أقوى جماعة مسلحة بالمنطقة.
وشدد التقرير على أن سلسلة من الاغتيالات لقادتها العسكرية والسياسية والدينية لم تضعف الحركة، وفازت في الانتخابات التشريعية في 2006 وسيطرت على القطاع بعد عام. وخاضت ثلاث حروب أخرى مع إسرائيل منذ عام حتى المواجهة الأخيرة.
وأشارت إلى أن وحدة كتائب القسام تستمر في العمل حتى لو دمرت إسرائيل أجزاء منها. وهي موزعة على خمس كتائب رئيسية في الشمال، مدينة غزة ووسط غزة واثنتان في الجنوب في خانيونس ورفح. وتعتبر وحدات النخبة في شمال غزة والتي تمثل 60% من القوة العسكرية.
وزعم المسؤولون الإسرائيليون أن نصفهم قتل، جرح، أسر أو هرب. وكان هدف إسرائيل الرئيسي هو تفكيك حكم حماس وتفريق مقاتليها، لكن عزام التميمي، الصحافي الفلسطيني الذي كتب كتابا عن حماس، قال إن الحركة جهزت نفسها لهذا "يمكن للقيادة العليا الاختفاء في أي وقت لأنها قد تقتل أو تعتقل أو تسفر" و"لهذا طوروا هذه الآلية لنقل السلطة بشكل سهل"، وفقا للتقرير.
اظهار أخبار متعلقة
وتنقسم كتائب القسام إلى فرق ووحدات أصغر للدفاع عن أحياء بعينها. وبعضها مختص بمواجهة الدبابات ووحدات بناء الأنفاق والوحدة الجوية وقد كانت طائرات المسيرة والدراجات الشراعية مهمة في الهجوم على إسرائيل. وتشمل كتيبة النخبة ألف مقاتل تدربوا بشكل حرفي ولعبت على ما يبدو دورا مهما في عملية 7 تشرين الأول/ أكتوبر، بحسب تقديرات التقدير.
وخلص التقرير إلى أنه بناء على ما سبق، فالقضاء على حماس كليا يحتاج إلى حرب مدن وشوارع كما يقول إليوت تشامبان، محلل شؤون الشرق الأوسط في جينز للتحليل الدفاعي. ومثل تجربة الولايات المتحدة مع القاعدة وطالبان، فالحركة تعود عندما يخف الضغط العسكري.
وأضاف أنه تمت مقارنة الحرب الحالية في غزة، بالمواجهة مع تنظيم الدولة الإسلامية في الموصل، لكن هناك ثلاثة اختلافات مهمة، حماس هي جزء لا يتجزأ من غزة، خلافا لتنظيم الدولة، ونشأت حماس نتيجة الإحباط من الفصائل الأخرى، وترفض حماس الاعتراف بإسرائيل. كما أن حجم الدمار الإسرائيلي سيزيد من نزعات التشدد، وبخاصة بعد مقتل (استشهاد) أكثر من 20,000 فلسطيني. وربما لعن البعض حماس وعبروا عن معارضتهم على الهواء مباشرة أو من خلال التواصل الاجتماعي، لكن بقية الغزيين مع المقاومة ولدى الحركة تاريخ في تقديم الخدمات والمساعدات لسكان القطاع.
وتطرق التقرير إلى استطلاع أخير للمركز الفلسطيني للبحوث السياسية والمسحية وجد أن معظم المشاركين دعموا هجوم حماس على إسرائيل. وزاد دعم حماس في غزة منذ الحرب إلى 42% من 38%.
وربما استطاعت إسرائيل احتواء حماس، بحسب ما يقول المحللون. وحتى لو فككت الحركة في غزة ففروعها في الضفة الغربية وفي الخارج قد تعيد إحياءها. ويقول مارك بوليميروبوليس، الضابط المتقاعد من "سي آي إيه"، إن "الطريقة الوحيدة للتفكير بها هي إضعاف المنظمة إلى درجة لا تصبح فيها تشكل تهديدا دائما"، وأضاف: "لا تستطيع أن تقتل كل شخص عبر استراتيجية" و"يجب أن يكون لديك يوما تاليا للسيناريو"، وفقا للتقرير.