نشرت صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية تقريرًا ناقشت فيه القلق الأمريكي بشأن تصريحات رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بشأن دور
الاحتلال الدائم في قطاع
غزة، الذي تجلى في تأكيد وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن عدم وجود نية لإعادة الاحتلال وأهمية نقل حكم قطاع غزة للسلطة
الفلسطينية بينما لا تزال الخطوات المقبلة غامضة.
وقالت الصحيفة، في تقريرها الذي ترجمته "عربي21"، إن تصريح نتنياهو دق أجراس الإنذار في واشنطن وأثار تساؤلات في الداخل ما دفع إدارة بايدن، التي تحاول إدارة الانتقادات الشديدة بين الحلفاء العرب والأوروبيين بشأن عدد الشهداء في غزة – الذي تجاوز الآن 10 آلاف شخص – إلى الرد بسرعة.
صرح بلينكن بأنه ترك الباب مفتوحًا أمام إمكانية حدوث "فترة انتقالية" بعد انتهاء الحرب، لكن في نهاية المطاف، يجب أن تكون إدارة غزة تحت قيادة فلسطينية مع توحيد غزة والضفة الغربية تحت قيادة السلطة الفلسطينية.
وذكرت الصحيفة أن الجميع غامضون بشأن الكيفية التي قد يحدث بها ذلك، نظرًا للضعف الحالي الذي تعاني منه السلطة الفلسطينية بقيادة الرئيس محمود عباس، والتي تقتصر على أجزاء من الضفة الغربية المحتلة، فهو لا يحظى بشعبية كبيرة وتتعرض السلطة لانتقادات واسعة النطاق بين الفلسطينيين بسبب الفساد وتعاونها مع إسرائيل، وهو التعاون الذي يساعد عباس على قمع المعارضة في الضفة الغربية، بما في ذلك من أعضاء حماس، في حين تستمر المستوطنات الإسرائيلية في التوسع هناك.
وأوردت الصحيفة أن إسرائيل سوف ترغب في ضمان أمنها، وذلك بعد هجوم حماس على مستوطنات غلاف غزة قبل شهر واحد، الذي أدى إلى مقتل حوالي 1400 شخص، وذلك حتى لا يحدث مثل هذا الغزو من غزة مرة أخرى أبدًا. لذلك يقترح المسؤولون الإسرائيليون أن تسيطر إسرائيل على غزة حتى يتم التوصل إلى ترتيبات جديدة لحكم القطاع والقيام بدوريات فيه، وهو الأمر الذي قد يستغرق وقتا طويلا. حتى في تلك الحالة، لا تثق إسرائيل تمامًا في أي قوة حفظ سلام فلسطينية أو حتى دولية للحفاظ على أمن إسرائيل.
اظهار أخبار متعلقة
ونقلت الصحيفة عن المسؤولين قولهم إن إسرائيل تعطي الأولوية لأمنها، وستحافظ على ما تسميه "المرونة العملياتية" التي تفهم على أنها تعني القدرة على دخول غزة عندما تشعر أن أمنها معرض للخطر.
وأشارت الصحيفة إلى أن نتنياهو يتخيل وضعًا بالنسبة لغزة مماثلا لما في الضفة الغربية حيث تتولى القوات الإسرائيلية مسؤولية الأمن بالتعاون مع السلطة الفلسطينية، إلا أنه يصرح هو وغيره من كبار المسؤولين الإسرائيليين بأنهم لا يعتزمون "إعادة احتلال غزة"، وهو ما يبدو أنهم يقصدون به تحمل المسؤولية مرة أخرى عن الإدارة المدنية أيضًا.
يوم الأربعاء، قال بيني غانتس، وزير حرب الاحتلال السابق وعضو حكومة نتنياهو الصغيرة في حكومة الطوارئ، للصحفيين إنه من السابق لأوانه اتخاذ قرار بشأن هذه الأمور. وأضاف غانتس: "بمجرد أن تصبح غزة والمناطق الأخرى آمنة، سنجلس ونراجع آلية بديلة لغزة. وأنا لا أعرف ماذا ستكون. لكنني أعرف ما الذي لا يمكن أن يكون هناك – الوجود النشط لحماس مع الحكم والقدرات العسكرية".
نقلت الصحيفة عن ناتان ساكس، مدير مركز سياسة الشرق الأوسط في معهد بروكينجز، أنه قد يكون هناك دور لقوة متعددة الجنسيات للمساعدة في تحقيق الاستقرار في غزة، واستعادة النظام المدني، وفي النهاية تأسيس السلطة الفلسطينية. ولكن لا بد أن يكون هناك تمرد ناشئ في غزة بعد الحرب مضيفًا أنه "فيما يتعلق بمكافحة التمرد، لا يوجد بديل للنهج الصارم".
تابع ساكس أن مصر سترفض القيام بذلك، ولا يمكن للسلطة الفلسطينية أن تفعل ذلك إلا بمساعدة إسرائيل موضحا أن فكرة أن الإسرائيليين سوف يتبخرون هي فكرة جنونية. من الصعب أن نرى كيف يمكن لأي شخص آخر غير إسرائيل القيام بهذا العمل في مكافحة التمرد. ومع أن عودة الوجود الإسرائيلي الجزئي أمر غير محبذ، إلا أن الفوضى أسوأ، ولكن من الأفضل أن يكون الوجود الإسرائيلي خفيفًا وقصيرًا قدر الإمكان.
وأشارت الصحيفة إلى أن المسؤولين الإسرائيليين تحدثوا عن تقسيم غزة إلى "مناطق"، مثل تلك الموجودة في الضفة الغربية، حيث تتمتع القوات الإسرائيلية بحرية العمل، بالتعاون المفترض مع السلطة الفلسطينية، في مناطق السيطرة الفلسطينية.
وقال ساكس إن الأمل سيكون - بمساعدة القوات الدولية - في جعل غزة قريبة قدر الإمكان من المنطقة (أ) في الضفة الغربية - حيث من المفترض أن تتمتع السلطة الفلسطينية بالسيطرة الكاملة ولكن القوات الإسرائيلية تدخل وتغادر عندما يرون ذلك ضروريا.
ونقلت الصحيفة عن غسان الخطيب، المحاضر في جامعة بير زيت والوزير السابق والمتحدث باسم السلطة الفلسطينية، أن نتنياهو كان يفكر في الضفة الغربية. وأضاف: "في الضفة الغربية يمكن ترك المهام الإدارية للسلطة الفلسطينية بينما تحتفظ إسرائيل بالمسؤولية الأمنية الشاملة". وأوضح الخطيب أن "إسرائيل تمنح نفسها الحق في القيام بأي شيء تراه ضروريًا من الناحية الأمنية، ولديها من يقوم بهذا العمل القذر".
كما شكك الخطيب في تكرار الأمر في غزة، حيث قال: "بعد تجربة الضفة الغربية يكون هناك من يرغب في تكرار تلك التجربة على الجانب الفلسطيني أو العربي".
من جهته، ذكر زكريا القاق، المحلل الفلسطيني، أن دور إسرائيل المستقبلي في السيطرة على غزة هو "إما أن تكون هناك بشكل دائم أو لن تكون هناك. إما أن تبقى أو لا تبقى. إن السيطرة الأمنية الشاملة تعني التواجد في كل مكان وفي كل زاوية. ويعني تلبية الاحتياجات الاجتماعية والتعليمية والصحية وتحمل المسؤولية" عن القطاع، وهو بالضبط ما تقول إسرائيل إنها لن تفعله.
رغم انسحاب إسرائيلي أحادي الجانب من غزة في 2005، حسب معظم التعاريف القانونية، إلا أنها لا تزال تحتل المنطقة، لأنها تسيطر على المجال الجوي لغزة، وساحلها، وجميع الحدود البرية باستثناء مصر، والسماح بدخول الغالبية العظمى من البضائع، والسماح لسكان غزة بالخروج. وهو ما أطلق عليه مايكل سفارد، المحامي المتخصص في قوانين الحرب، "الاحتلال الوظيفي".
للاطلاع إلى الرابط الأصلي (
هنا)