قال
الناطق الرسمي باسم مبادرة "نداء أهل
السودان"، هشام عثمان الشواني، في مقابلة
خاصة مع "عربي21"، إن "القوات المسلحة السودانية ستحسم قريبا
الحرب
ميدانيا مع المليشيات المتمردة بشكل دقيق ومناسب مع طبيعة المعركة".
ونوّه
إلى أن "طرفي النزاع ليسا على قدم المساواة بأي صورة من الصور؛ فكل المعطيات على
الأرض وموازين القوى تشير إلى قرب حسم القوات المسلحة لصالحها، وبالتالي بات دحر مليشيات
الدعم السريع مسألة وقت لا أكثر، خاصة أن الأخيرة تتسم بالكثير من العشوائية والارتباك
وقادتها غائبة عن العمل الميداني".
ودعا
الشواني القوى السياسية في السودان إلى "الوقوف مع القوات المسلحة، ومخاطبة المجتمع
الدولي والإقليمي بخطورة التمرد وانتهاكاته، ثم التفكير في حل سياسي وطني شامل لكن
بعد النصر أولا".
وأشار
إلى أن "الأوضاع خطيرة، وهي عبارة عن تمرد من داخل الدولة وضد الدولة نفسها. تمرد
يحمل بداخله طموحا شخصيا وأسريا مع علاقات مال واقتصاد وسياسة وتكوين عسكري مليشياتي،
وقد كان مخطط تمرد حميدتي أن يستلم السلطة عبر غطاء تحالف سياسي، ولكن المخطط فشل لتتحول
الأمور لمعركة داخل المدينة الغلبة فيها للجيش السوداني حتى النصر الحاسم".
وهاجم
التصريحات التي قالها الأمين السياسي لـ"حزب المؤتمر الشعبي"، كمال عمر،
لـ"عربي21"، والتي أكد فيها أن "تدخل النظام السابق كان سببا في التعبئة
لهذه الحرب، ونتيجة لإسقاط النظام السابق من المعادلة السياسية، وبعدما بات ليس له
محل من الإعراب السياسي بدأ في دق طبول الحرب".
حيث
ذكر الشواني: "هذا حديث مضلل وخاطئ؛ فتلك المعركة كانت كامنة ومتوقعة خصوصا بعد
توقيع الاتفاق الإطاري الذي غذى طموح قائد التمرد ليكون جيشا موازيا للجيش السوداني،
بينما أسطوانة النظام البائد صارت مشروخة وغير مجدية، وكمال عمر تحديدا لا يصلح لترديدها
لأنه جزء من النظام البائد حتى وقت السقوط".
نتائج
حاسمة
وأشار
الناطق الرسمي باسم مبادرة "نداء أهل السودان"، إلى أن "لهذه المعركة
دلالات كبيرة، وقد فُرضت على الشعب السوداني فرضا، لكن نتائجها ستكون حاسمة في مسار
بناء الدولة الوطنية. لذا، فهي كما يسميها السودانيون معركة الكرامة الوطنية".
واستنكر
الشواني قول البعض بأنهم يستفيدون من الحرب الدائرة الآن باسم تأييد الجيش وذلك من
أجل صرف الشعب عن القضية السياسية الرئيسية، قائلا: "نحن لا نستفيد من الحرب،
بل نحن جزء من نسيج الشعب ونقف مع قضيته وندعم قواتنا المسلحة ضد التمرد".
ووصف
العملية السياسة بأنها "فاشلة تماما، وهي السبب الذي أشعل الحرب أو أعطاها المبرر
السياسي؛ فالقوى السياسية التي قامت بالعملية السياسية هي في تحالف سياسي مع قائد التمرد
(حميدتي)، وهي قوى لا تتردد في التحالف مع أي جهة داخلية أو خارجية من أجل الوصول للسلطة
وإن كان ذلك على أنقاض بلادنا وأرواح شعبنا".
اظهار أخبار متعلقة
عملية
أجنبية
وشدّد على أن "العملية السياسية الحالية لن تسير ولن تتطور وفقا للمستجدات الأخيرة -كما
يزعم البعض- لأن ذلك لن يحدث مستقبلا، وما جرى هو بيان عملي للأسف بفشل العملية السياسية،
وهو بيان عملي غالي الثمن"، مؤكدا أن "العملية السياسية هي عملية أجنبية
بنسبة 100%، وتمت هندستها بالآلية الثلاثية، والمجموعة الرباعية، وفولكر بيرتس رئيس
بعثة الأمم المتحدة في السودان".
وعن
مطالبة حميدتي وأنصاره بضرورة حدوث ما وصفوه بـ"تطهير الجيش من الضباط الإسلاميين"،
قال: "حميدتي نفسه نتيجة لأخطاء النظام السابق، لكنه في الحقيقة ظاهرة مُعقّدة؛
فهو مزيج من العوامل الشخصية والأسرية والاقتصادية والقبلية والعلاقات الخارجية القائمة
على سوق الحرب، وهو ما مكّنه من الوصول لهذه المرحلة".
واستطرد
الشواني، قائلا: "ولأن حميدتي رجل بلا مشروع وطني فإن طموحه قام على الضد من الدولة،
في ظروف أخرى وبتوجيه محدد كان من الممكن الاستفادة إيجابيا من هذه الظاهرة، لكن بعد
هذا التمرد لا مستقبل له سوى المحاسبة والمحاكمة".
وبسؤاله
عن ما إذا كان حميدتي يؤمن حقا بضرورة إخراج الجيش من السياسة وسيادة الديمقراطية في البلاد،
أجاب: "هذا أمر مضحك لو صدقه البعض؛ فلا يمكن لقائد مليشيا أن يتحدث عن الديمقراطية
وحكم الدولة الحديثة. حميدتي يستخدم أي شيء للوصول للسلطة، قائد التمرد يتسم بالانتهازية
الكبيرة ويركب أي موجة من أجل أهدافه".
وأكد
أنه "لا مجال للتفاوض، إلا بعد كسر شوكة التمرد وهزيمته، حينها سيكون التفاوض
حول الإخراج النهائي للعملية الميدانية"، مُستبعدا نجاح الوساطات الدولية الحالية
لتسوية النزاع بين الجيش وقوات الدعم السريع، "إلا بعد دحر الأخيرة".
ورأى
أن "الموقف الدولي حتى الآن في صالح الجيش، وغالب الأطراف الإقليمية تدعم موقف
الجيش بلغة خفية ربما إلا دولة خليجية واحدة عُرفت بدعمها للمليشيات والحروب. وفي النهاية
فإن الأولوية هي للاتحاد الأفريقي في أي مساع دولية".
وأشار
الناطق الرسمي باسم مبادرة "نداء أهل السودان"، إلى أن "الشعب السوداني
يعرف أن هذه قضيته، وأنها معركة وجود، وهناك رصيد ضخم من التكافل والتلاحم الذي سيخفف
وطأة الظروف، بجانب التكتيك الميداني السليم للجيش الذي يراعي طبيعة حرب المدن".
وأكد
أن "الصراع الدائر هو أكبر مُهدّد وجودي في تاريخ الدولة السودانية، وهو نتاج
مشروع عميق يسعى لتفكيك وحصار الدولة الوطنية السودانية. النصر ضد التمرد لا بد منه
من أجل مستقبل السودان، وهذه المعركة لا تحتمل إلا نتيجة واحدة وهي أن ينتصر الجيش
السوداني على التمرد".
اشتباكات
عنيفة
ويشهد
السودان، منذ 15 نيسان/ أبريل الجاري، اشتباكات عنيفة بين الجيش و"قوات الدعم
السريع" في الخرطوم ومدن أخرى، وتبادل الطرفان اتهامات ببدء كل منهما هجوما على
مقار تابعة للآخر، بالإضافة إلى ادعاءات بالسيطرة على مواقع تخص كلا منهما.
و"الدعم
السريع" تشكلت في عام 2013 لمساندة القوات الحكومية في قتالها ضد الحركات المتمردة
بإقليم دارفور، ثم تولت مهام منها مكافحة الهجرة غير النظامية وحفظ الأمن، قبل أن يصفها
الجيش بأنها "متمردة" عقب اندلاع الاشتباكات.
اظهار أخبار متعلقة
وبين
البرهان وحميدتي خلافات أبرزها بشأن مقترح لدمج قوات "الدعم السريع" في الجيش،
حيث يريد الأول إتمام العملية خلال عامين هي مدة مرحلة انتقالية مأمولة، بينما يتمسك
الثاني بعشر سنوات، وهو خلاف يرى مراقبون أنه يخفي أطماعا من الطرفين في السلطة والنفوذ.
وجراء
خلافاتهما فقد تأجل الاتفاق مرتين، آخرهما في 5 نيسان/ أبريل الجاري، توقيع اتفاق بين العسكريين
والمدنيين لإنهاء الأزمة التي يعيشها السودان منذ أن فرض البرهان في 25 تشرين الأول/
أكتوبر 2021 إجراءات استثنائية بينها حل مجلس السيادة والوزراء وإعلان حالة الطوارئ.
واعتبر
الرافضون تلك الإجراءات "انقلابا عسكريا"، بينما قال البرهان إنها تهدف إلى
"تصحيح مسار المرحلة الانتقالية"، مُتعهدا بتسليم السلطة عبر انتخابات أو
توافق وطني.