قالت صحيفة "
إزفيستيا" الروسية؛ إن
التسريبات
التي انتشرت في نهاية الأسبوع الماضي على الإنترنت، بشأن
وثائق البنتاغون، التي
تكشف عن معلومات دقيقة، حول خطط الهجوم المضاد المرتقب تنفيذه من قبل الجيش
الأوكراني، قد تكون نتاج صراع داخل مجتمع المخابرات الأمريكي بسبب أزمات داخلية.
وقالت الصحيفة، في تقريرها الذي ترجمته
"عربي21"؛ إن الوثائق العسكرية والاستخباراتية المسرّبة شديدة السريّة، قدمت تحليلا مشكوكا فيه للوضع على الجبهة الأوكرانية، ويشير بعضها إلى تجسس
الأجهزة الأمريكية الخاصة على قادة الدول الأجنبية.
وذكرت أنه نشرت في أوائل شهر آذار/ مارس الماضي
أكثر من خمسين خريطة فوتوغرافية ووثائق أخرى، من قبل مستخدم مجهول على منصة
"ديسكورد" المُصممة خصيصا لمجتمع الألعاب. وبعد اكتشاف مراسلي
"نيويورك تايمز" لهذا السبق، ذاع الخبر قبل يوم من بيان وزير الخارجية الأمريكي
أنتوني بلينكن، الذي كشف عن توقعاته بدء الهجوم المضاد الأوكراني "في غضون
الأسابيع القليلة المقبلة".
إظهار أخبار متعلقة
ونقلت الصحيفة عن مدير صندوق فرانكلين روزفلت
التابع لجامعة موسكو الحكومية، يوري روغوليف، أن التسريبات المتعمّدة للمعلومات
عبر الصحافة من الأمور الشائعة بالنسبة للولايات المتحدة، وعادة ما تستخدم لأغراض
سياسية وانتهازية. ويعزو روغوليف نشر هذه الوثائق السرية إلى محاولات الحد من تورط
الولايات المتحدة في الصراع الأوكراني، في ظل الفوضى السياسية التي تتخبط فيها
اليوم.
وأشارت إلى أن العالم لم يشهد خلال العملية
العسكرية الروسية تسريبات مماثلة واسعة النطاق. وقد وصفت وكالة
"بلومبيرغ" التسريبات بأنها الأكبر من نوعها طيلة السنوات العشر الماضية.
لكن البيانات المنشورة لم تكشف عن خطط محددة للهجوم المضاد الذي تنوي القوات
المسلحة الأوكرانية تنفيذه، بينما تضم كمًا هائلا من المغالطات بشأن هيكل الوحدات
الأوكرانية المنتشرة على الجبهة وعددها. وما يُزعم أنه "خطط سرية" هو
عبارة عن تقارير لمؤلفين أوكرانيين ومعلومات مشابهة للتقارير الصادرة عن معهد
دراسة الحرب الذي تديره فيكتوريا نولاند.
وفي الثامن من الشهر الجاري، ظهر جزء جديد من
البيانات المسربة على تويتر وتليغرام، يكشف عن تجسس أجهزة المخابرات الأمريكية على
قيادات "الدول الحليفة". وبعد ورود أنباء في وقت سابق عن تنصت وكالة
الأمن القومي الأمريكية طيلة سنوات على محادثات عدد من السياسيين الأوروبيين، بما
في ذلك أنجيلا ميركل وفرانك فالتر شتاينماير، لم تثر التسريبات الأخيرة جدلا
واسعا.
وأوردت أن الولايات المتحدة أرسلت في أواخر شباط/ فبراير الماضي
طلبا رسميّا إلى سيئول بتزويد القوات المسلحة الأوكرانية بالذخيرة، الأمر الذي
رفضته كوريا الجنوبية؛ رغبة في الحفاظ على العلاقات التي تجمعها مع روسيا. وفي
الثالث عشر من آذار/ مارس، أصرت وزارة الدفاع الكورية الجنوبية على موقفها بشأن
عدم تزويد أوكرانيا بأسلحة فتاكة.
إظهار أخبار متعلقة
وتجدر الإشارة إلى أن بعض العوامل قد أثرت سلبا
على العلاقات التي تجمع بين البيت الأبيض وحكومة بنيامين نتنياهو، من بينها
المعلومات الواردة في التقرير المسرب عن وكالة المخابرات المركزية، الذي يزعم دعم
الموساد الاحتجاجات الأخيرة المناهضة للحكومة الإسرائيلية.
وحسب صحيفة "غلوبال تايمز" الصينية، فإن البيانات المسربة، بغض النظر عن مدى موثوقيتها، تضر بنظام كييف كونها تقوض
الثقة في استمرار المساعدة الأمريكية. ويعكس هذا الوضع مدى رهان البيت الأبيض على
الهجوم المضاد المرتقب للقوات المسلحة الأوكرانية وضيق الوقت المتبقي لتنفيذه.
وأشارت الصحيفة إلى أن إعداد تسريبات مماثلة
بغض النظر عن مدى صحة المعلومات الواردة فيها من قبل ممثلين عن مجتمع المخابرات
الأمريكية، دليل على وجود مواجهة داخلية بين صفوف الطبقة الحاكمة بشأن مستقبل
"المشروع الأوكراني".
ونقلت الصحيفة عن كبير الباحثين في معهد
الولايات المتحدة وكندا التابع لأكاديمية العلوم الروسية، فلاديمير فاسيليف، أن
تاريخ الولايات المتحدة يزخر بالأمثلة التي توضح اعتماد التسريبات كوسيلة لحل
المشاكل السياسية الداخلية، مستشهدا بحادثة تسريب محلل عسكري يدعى دانيال إلسبيرغ
دراسة بالغة السرية لوزارة الدفاع الأمريكية عن حرب فيتنام عُرفت باسم "أوراق
البنتاغون" إلى صحيفة "نيويورك تايمز"، ما شوه صورة الحزب الداعم
للحرب آنذاك في واشنطن.
وفي ظل المواجهة المشتعلة داخل الولايات
المتحدة، يعتقد فاسيليف أن هذه التسريبات تعكس جهود الأطراف المعارضة للحرب داخل البنتاغون
ومجتمع المخابرات.