صدر حديثا عن مؤسسة أمم للتوثيق والأبحاث (بيروت)
كتاب: "من يمتلك حقَّ الجسَد: قراءة في الحياة السِّجنّية"، (204 صفحة) لمؤلفه أحمد عبد الحليم، وهو باحث
مصري يكتب في الاجتماع السياسي ودراسات الجسد.
ويتتبع عبد الحليم في كتابه السياسات العقابية في السجون المصرية وتأثيراتها على السجينات والسجناء، لاسيما التأثيرات السيميولوجية (الجسدية واللسانية)، مُشتبكا مع فلسفة حق امتلاك، بل وإعادة إنتاج السُلطة السِّجنّية لأجساد سجنائها.
الكتاب يؤرخ لجسد سجنّي جماعاتي يروي ما يحدث داخل الفضاء السِّجنّي في مصر، بعيدا عن المرويات الأدبية الفردانية التي تؤرّخ قصة شخصانية ما. بل بَحثَ متخذا منهجيةً تمزجُ بين الممارسة والنظرية.
واعتمد في ذلك، على مقابلات مع 30 سجينا وسجينة سابقين وسابقات، واستطاع من خلال عشرات المصادر والمراجع البحثية العربية والأجنبية، أن يُأطّر لهذه الممارسات السِّجنّية المَحصودة في مقابلاته.
اظهار أخبار متعلقة
يوصف عبد الحليم، السُلطوية في مصر، منذ بدأ تأسيسها الحديث على يد محمد علي، أنّها امتلكتْ حق أجساد مواطنيها، بل ويرى السجن أنّه فضاءا مُصغرا ومحدودا، حوّلته السُلطة السياسية من خلال يدّها "السِّجنّية" إلى معمل تجريبي خاص بِأجساد
السجناء، استطاعت من خلاله، أي المعمل (السجن)، هدم وبناء وهندسة دلالات (إيماءات) جسدية ولسانية جديدة ضمن منهجية السُلطوية في إعادة إنتاج الأجساد.
ومن بعد ذلك، يأخذ عبد الحليم السجن كرحلةٍ يروي فيها كل التفاصيل منذ البداية إلى النهاية، عن طريق تمثيل الجسد، الجسد الإنساني وفقط، فلا يفرّق بين ما هو سياسي وما هو جنائي. بمعنى أن الجسد حين دخوله إلى السجن، وبعد أن امتلكتّه السُلطة السِّجنّية، تبدأ في تشكيله بدايةً في العُري، فيصبح جسدا عاريا ومن ثم ومن خلال ممارسات أُخرى يُصبح مراقبا ومن ثم ذليلا ومن خادما آلة ثم ميتا ومريضا إلى آخره من تمثّلات متنوعة للجسد. تنقلات متداخلة ومتباينة، كل منها لها مرئيّاتها الحياتية الخاصة.
وفي خاتمة الكتاب، والذي سمّاها بدلا عن خاتمة، كونه أعطى أطروحةً للنقاش من قبل قارئيه ومن قبل المَعنيين بإصلاح المؤسسات السجنّية. ينظّر عبد الحليم، أنّه لا إصلاح للمُؤسسات السجنّية في مصر، إلّا بإرادة من السُلطة السياسية في الخارج، ولا سبيل لمُقاومة السجناء لهذه السُلطة، التي بالفعل جرّدت السُجناء من ماهية المُقاومة.