كتاب عربي 21

حوارات بغدادية: ارتباك عربي وإسلامي ورعب عالمي

قاسم قصير
1300x600
1300x600
شهدت العاصمة العراقية (بغداد) انعقاد ملتقى الرافدين بدعوة من "مركز الرافدين للحوار"، ما بين السادس والعشرين والتاسع والعشرين من شهر أيلول/ سبتمبر، تحت عنوان: "العالم يتغير"، بحضور حوالي 300 شخصية عربية وإسلامية وأجنبية وحوالي 2000 شخصية عراقية من مختلف الأطياف الفكرية والسياسية والدينية.

ورغم الأجواء السياسية والأمنية الضاغطة التي كانت تعيشها بغداد خلال أيام انعقاد الملتقى، فإن ذلك لم يمنع استمرار أعماله بنجاح وبحضور لافت لكل الجلسات والنقاشات التي استمرت طيلة الأيام الأربعة. وكان ملفتا التنظيم المهم لإدارة الملتقى، ومشاركة معظم الأجهزة الرسمية والمؤسسات الحكومية والمصرف المركزي العراقي، وعدد كبير من المؤسسات الخاصة ومراكز الدراسات العربية والدولية، وشخصيات أجنبية من مختلف أنحاء العالم في هذا الملتقى.

الحوارات البغدادية تناولت العديد من الموضوعات والملفات، منها ما يتعلق بالشأن العراقي بشكل مباشر، ومنها ما يتعلق بهموم العالم العربي والإسلامي، ومنها قضايا عالمية وفكرية عامة، إضافة إلى حرص إدارة الملتقى على تخصيص لقاءات خاصة شارك فيها عدد من القيادات العراقية (رئيس مجلس النواب الأستاذ محمد الحلبوسي، رئيس تيار الحكمة السيد عمار الحكيم، رئيس الوزراء العراقي الأسبق الدكتور حيدر العبادي، والأمين العام لحركة عصائب أهل الحق، الشيخ قيس الخزعلي، ووزير الخارجية فؤاد حسين، ورئيس جهاز مكافحة الإرهاب الفريق أول ركن عبد الوهاب الساعدي، وقيادات أخرى متنوعة سياسية واقتصادية).
العالم العربي والإسلامي يعيش حالة ارتباك وقلق وعدم استقرار، بسبب الصراعات الطائفية والمذهبية والأزمات السياسية والأمنية التي تواجهها العديد من الدول العربية والإسلامية، مما ينعكس سلبا على استقرار هذه الدول، وفي الوقت نفسه غياب المشروع العربي والإسلامي النهضوي وعدم توفر الإجابات المقنعة على مختلف التحديات العالمية

كما خصصت جلسات أخرى فكرية تناولت قضايا الفكر الإسلامي وتحدياته اليوم، شارك فيها مفكرون عرب ومسلمون. وأما الجلسات النقاشية المفتوحة فقد تناولت أوضاع العراق والعالم العربي والإسلامي والأوضاع الدولية ومنها: الحرب الروسية في أوكرانيا، أزمات الطاقة والغذاء في ظل المشاكل الناتجة عن الحرب في أوكرانيا وجائحة كورونا وأزمات البيئة والتغير المناخي، أوضاع أفغانستان في ظل عهدة حكم طالبان، أزمات المغرب العربي، الهموم التربوية والتعليم الجامعي والبحث العالمي، دور المرأة على الصعد السياسية وفي ظل التحديات التي تواجهها الأسرة اليوم، دور مؤسسات المجتمع المدني اليوم، الهموم الدستورية والسياسية في العراق ودول عربية أخرى..

كل هذه الموضوعات السياسية والفكرية والأمنية والبيئية والاجتماعية كانت محور الجلسات والنقاشات، مما أتاح للمشاركين الإطلالة على المشهد العراقي وأزماته عن قرب، ومواكبة المتغيرات في العالم وإدراك حجم المخاطر التي يواجهها العالم اليوم بسبب الصراعات والحروب وقضايا البيئة والغذاء، وتراجع دور المنظمات الدولية واستمرار خطر الإرهاب وانتشار العنصرية والتطرف.

وما يمكن أن يستخلصه المشارك في هذا الملتقى الحاشد والمتنوع، أن العالم العربي والإسلامي يعيش حالة ارتباك وقلق وعدم استقرار، بسبب الصراعات الطائفية والمذهبية والأزمات السياسية والأمنية التي تواجهها العديد من الدول العربية والإسلامية، مما ينعكس سلبا على استقرار هذه الدول، وفي الوقت نفسه غياب المشروع العربي والإسلامي النهضوي وعدم توفر الإجابات المقنعة على مختلف التحديات العالمية اليوم، والإرباك الفكري الكبير لا سيما بعد فشل التجارب الإسلامية في الحكم وازدياد التحديات الجديدة أمام الفكر العربي والإسلامي والتي تتطلب رؤية مستقبلية وإشرافية عربية وإسلامية.

ورغم وجود عدد كبير من المفكرين والناشطين على الصعد الفكرية والعلمية في الملتقى، فقد غابت الرؤية المستقبلية والمشروع العربي والإسلامي الذي يجيب عن الأسئلة الكبيرة، وقد يكون ذلك ناتجا عن ضغط الواقع السياسي والأمني والاقتصادي والبيئي، أو أن طريقة تنظيم الملتقى لم تتح تقديم هذه الأفكار بعمق.

لكن الجانب الأخطر الذي يمكن استنتاجه من خلال المناقشات والاستماع للعديد من آراء المشاركين في الملتقى؛ هو الرعب الذي يسود العالم اليوم بسبب تداعيات الحرب في أوكرانيا والصراعات الدولية في أكثر من بلد، إضافة لأزمات الغذاء والطاقة والبيئة. والخوف الأكبر أن تتحول هذه الصراعات والحروب إلى حرب نووية في أي لحظة، في ظل عدم وجود رادع يمكن أن يمنع استعمال الأسلحة النووية، وفي ظل تراجع دور المنظمات الدولية وعدم قدرتها على وقف هذه الحروب والصراعات، وغياب الآلية العملية لدى الأمم المتحدة لوقف الحرب وعجز مجلس الأمن عن اتخاذ أي قرار عملي وحاسم.
الرعب الذي يسود العالم اليوم بسبب تداعيات الحرب في أوكرانيا والصراعات الدولية في أكثر من بلد، إضافة لأزمات الغذاء والطاقة والبيئة. والخوف الأكبر أن تتحول هذه الصراعات والحروب إلى حرب نووية في أي لحظة، في ظل عدم وجود رادع يمكن أن يمنع استعمال الأسلحة النووية، وفي ظل تراجع دور المنظمات الدولية وعدم قدرتها على وقف هذه الحروب والصراعات

الحوارات البغدادية والتي تمت في فندق الرشيد وفي ظل توترات أمنية وسياسية تشهدها العاصمة العراقية اليوم تنذر بالمخاطر القادمة، سواء في عالمنا العربي والإسلامي، أو على الصعيد العالمي، وكل ذلك يتطلب المزيد من الجهود والتحركات لوقف تلك الصراعات والبحث عن الآليات المناسبة لمعالجة الحروب والأزمات.

وقد يكون شعار الملتقى: العالم يتغير، صحيحا ودقيقا، والنقاشات التي جرت أكدت ذلك، لكن الأخطر في المشهد العالمي اليوم، أنه لا أحد يستطيع أن يقدم صورة واضحة لمستقبل العالم، الذي تغلب عليه أجواء الصراعات والحروب وأزمات البيئة وانتشار الفيضانات والكوارث وأزمات الغذاء والطاقة، في ظل غياب المؤسسة أو الدولة القائدة القادرة على وقف الانهيار.

نعود من بغداد وأيدينا على قلوبنا، سواء بسبب الخوف على بغداد ومستقبل العراق أو الخوف على مستقبل العالم العربي والإسلامي والرعب الذي يجتاح العالم اليوم، والخوف الأكبر عدم تلمس وجود حلول قريبة لكل هذه الأزمات.

قد يكون ملتقى الرافدين نجح باحتضان هذا العدد الكبير من الشخصيات الفكرية والسياسية والدينية من العراق وأنحاء العالم، ونجح في توصيف الأزمات، لكن للأسف لم ينجح في وضع آليات للحلول أو في تقديم مشروع إنقاذي جديد يخرجنا من هذه الأزمات، على أمل أن تتيح الملتقيات والمؤتمرات الأخرى التي يشهدها العالم العربي والإسلامي أو على الصعيد العالمي تحقيق هذه المهمة الكبرى.

العالم اليوم يئن من الأوجاع والآلام والمخاطر، فهل من طريق للإنقاذ؟

twitter.com/kassirkassem
التعليقات (1)
احمد
الأربعاء، 05-10-2022 08:06 م
هذه وجهات نظر ايرانيه ولا دخل للرافدين بها .. الملتقى هو عباره عن اجتماع لعصابات ايران في المنطقه و تم استقطاع ملالاين الدولارات من افواه العراقيين لتوزع على المشاركين يا ترى كم قبض قاسم قصير ؟