هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
مع دخول
العدوان الإسرائيلي على غزة يومه الثاني، توقعت أوساط الاحتلال أن تنخرط الفصائل الفلسطينية
المسلحة في إطلاق الصواريخ على الجبهة الداخلية الإسرائيلية، وسط قلق المستوى الأمني
من تطورات الساحة الداخلية الإسرائيلية التي واجهت في الساعات الأخيرة رشقات صاروخية
كبيرة.
مع العلم
أن مبادرة الاحتلال إلى افتتاح هذا العدوان باغتيال القائد في الجهاد الإسلامي تيسير
الجعبري، ما أكد التسريبات الإسرائيلية التي تحدثت عن أن الموافقة على الاغتيال تم منحها
بالفعل في وقت سابق من الأسبوع الماضي، وفقط تم انتظار الفرصة المناسبة، ولذلك فقد
حافظ جيش الاحتلال على قوات معززة حول قطاع غزة، وفي الوقت نفسه حشد المزيد من بطاريات
القبة الحديدية في مناطق أخرى، بما فيها تل أبيب والقدس، استعدادا لاحتمال أن تؤدي
المواجهات إلى تصعيد واسع.
يوآف
ليمور الخبير العسكري في صحيفة "إسرائيل اليوم"، زعم أن "انخراط حماس
وباقي الفصائل الفلسطينية في هذه الجولة القتالية سيكون أطول وأكثر عنفا، مع
العلم أن الجهاد الإسلامي سعت في الأيام الأخيرة للرد على اعتقال قائدها في الضفة الغربية
بسام السعدي، في محاولة منها لخلق معادلة ردع جديدة تمنع الجيش الإسرائيلي من مواصلة
أنشطته في الضفة الغربية، وأدى ذلك إلى اتخاذ قرار بالبحث عن هدف إسرائيلي، وإصابته
بصاروخ مضاد للدبابات أو في هجوم قنص، ما رفع حالة التأهب القصوى والإغلاق الجزئي
المفروضين في الأيام القليلة الماضية على مستوطنات غلاف غزة".
وأضاف
في مقال ترجمته "عربي21" أنه "في نفس الوقت فقد بدأ الجيش الإسرائيلي بالتحضير
للهجوم على غزة، وتمت الموافقة على الخطط بالفعل يوم الخميس، وتم تأكيدها مرة أخرى
أمس خلال زيارة وزير الحرب بيني غانتس إلى القيادة الجنوبية، وتضمنت الخطوة الافتتاحية
الممثلة باغتيال الجعبري، وستعتمد إلى حد كبير على طبيعة ونطاق رد الفصائل الفلسطينية،
مع العلم أن الجيش يركز في المرحلة الحالية عدوانه على فرق إطلاق الصواريخ والقذائف،
وسط مخاوف من تدحرج الأمور إلى سيناريوهات يخشاها الاحتلال".
لم يعد
سراً أن الاحتلال الذي بادر إلى هذا العدوان يحرص على جملة من المسائل العسكرية بالدرجة
الأولى، أهمها حماية مستوطنات الغلاف للحيلولة دون تحقيق المقاومة لمكاسب فورية من
انتزاع صورة النصر الممثلة بمشاهد هروب المستوطنين من بيوتهم، والثانية مطالبة الجمهور
الإسرائيلي بتجنب إيقاع الخسائر في صفوفهم داخل الجبهة الداخلية، في ضوء التغذية الراجعة
من الحروب السابقة التي لم يحقق فيها الجمهور الإسرائيلي انضباطا حقيقيا.
اقرأ أيضا: إطلاق صواريخ من القطاع.. وهروب جماعي لمستوطني غلاف غزة
أمر
ثالث يلفت انتباه جيش الاحتلال ومستواه السياسي يتمثل في الجبهة الشمالية مع لبنان
وسوريا، والخشية من انضمام فلسطينيين يقيمون هناك لهذه المواجهة مع حيازتهم لعدد غير
قليل من الأسلحة والوسائل القتالية، مع العلم أنه في حرب غزة الأخيرة 2021 تم إطلاق
الصواريخ من لبنان إلى إسرائيل، وهذا قد يحدث مرة أخرى بالتأكيد، بالتزامن مع التقارير
الإسرائيلية المتواترة حول إنشاء حماس بنية عسكرية في مخيمات اللاجئين داخل لبنان.
جبهة
رابعة تستدعي تخوف الاحتلال وتتمثل في المدن الفلسطينية في الداخل المحتل، ويسميها
"المدن المختلطة"، حيث يخشى الاحتلال أنه في حالة تصاعد التوتر في غزة، وزادت
أيام القتال أن ينضم فلسطينيو48 لهذه المواجهة، ويشعلوا النار في الشارع الإسرائيلي
مرة أخرى، ما دفع شرطة الاحتلال لإبداء مزيد من الاستعدادات الأمنية.
لا يخفي
الاحتلال مسألة خامسة تتعلق بالحرب القائمة على غزة وتتمثل في تنظيم حملة دولية سياسية
وإعلامية لدعمه وإسناده، ومنحه شرعية لاستمرار عدوانه على الفلسطينيين، لأن العالم
اليوم ينظر للاحتلال على أنه من بدأ العدوان، وبالتالي فقد يواجه مشكلة في تبرير ذلك.
النقطة
السادسة تتمثل في تزامن هذه الحرب العسكرية على غزة مع حرب حزبية انتخابية بين الإسرائيليين،
ما قد يمنح هذه الحرب أبعادا شخصية وانتخابية لا تخطئها العين، وقد نشهد مزيدا من المزاودات
الحزبية الداخلية، رغم أن تطلعات قادة جيش الاحتلال من هذه الحرب لتحقيق مكاسب انتخابية
أصبحت أوضح من أن يتم إخفاؤها.