قالت صحيفة
فايننشال تايمز، إن قرار
عبد الله حمدوك، رئيس الوزراء
السوداني السابق، ليلة الأحد، الاستقالة من منصبه
يترك الجنرالات بدون حكومة مدنية.
وقالت الصحيفة إن حمدوك الذي عين أول
مرة كرئيس للوزراء بعد ثورة عام 2019، اعتقل من قادة الجيش في تشرين الأول/ أكتوبر
الماضي ليعاد إلى منصبه من جديد ثم ليستقيل بعد ستة أسابيع على خروجه من الإقامة
الجبرية تاركا الجنرالات يواجهون أزمة دستورية.
وبالنسبة لمزن النيل التي شاركت في
الاحتجاجات ضد الحكم العسكري والتي هزت بلدا تعداد سكانه 44 مليون نسمة فإن
استقالة حمدوك كانت محتومة. مضيفة أن الشارع بدأ يطلق عليه لقب "سكرتير
الانقلاب"، في إشارة إلى أن حمدوك قدم في دوره الجديد، ورقة تبرئ النظام
العسكري في البلاد الذي لم يتردد في توجيه بنادقه ضد المواطنين.
وقتل 56 مدنيا على يد قوات الأمن منذ
الانقلاب العسكري في 25 تشرين الأول/ أكتوبر في ثاني انقلاب منذ ثلاثة أعوام والـ17
منذ استقلال السودان عام 1956. ففي نيسان/ إبريل 2019 وبعد أشهر من الاحتجاجات
والتظاهرات قرر الجيش التحرك ضد عمر حسن البشير، ليبدأ الجنرالات عملية انتقالية
مفترضة نحو الانتخابات الديمقراطية.
وقال أمجد فريد، المساعد السابق
لحمدوك إن استقالة الأخير "تضع الأمور في سياق أوضح لأنها ستضع الجيش في
مواجهة مباشرة مع المدنيين". وأضاف أن "الجيش قد دفع بكل المدنيين إلى
خارج الحكومة". وقال فريد إن الجيش لا يستطيع حكم البلاد بدون خريطة تؤدي إلى
الحكم المدني. وأشار إلى أن "الشعب السوداني يخرج يوميا إلى الشارع للاحتجاج
ضد الانقلاب، ولا مكان للاستقرار أو طريقة لحكم البلاد".
وعبر المتظاهرون عن رفضهم لهيمنة
المؤسسة العسكرية المتهمة بالفساد والقسوة وعدم الصدق عندما تقول إنها راغبة في العودة إلى الثكنات.
وواجه المدنيون، بما فيهم حمدوك
الذين قبلوا التعاون مع العسكريين نقدا واضحا. وتقول النيل: "نطالب الجيش
بالخروج وبشكل دائم من الميدان السياسي". وتم تحديد موعد الانتخابات في عام
2023 مع وجود شكوك بعقدها وسماح الجيش بها، ما يعرض قادته للمحاكمات على انتهاكات
حقوق الإنسان في الماضي وكذا التعاملات التجارية الفاسدة. ولا يعرف ما إن كان العسكريون
يبحثون عن بديل لحمدوك، ما يعني عدم قانونية التعيين بناء على الوثيقة الدستورية.
ويأمل الكثير من السودانيين في أن يؤدي
الضغط الدولي والاحتجاجات الشعبية إلى إجبار العسكر على التفاوض والتخلي عن السلطة.
وكان
البنك الدولي قد علق عملية صرف ملياري دولار بعد انقلاب تشرين الأول/ أكتوبر،
وهو ما يعرض عملية تخفيف الدين على السودان من المتأخرات الدولية البالغة 60 مليار
دولار.
وقال ديفيد مالباس، مدير البنك
الدولي إنه يخشى من تأثر عملية الانتعاش الاقتصادية والاجتماعية في السودان بعد
الانقلاب وتعليق المساعدات نتيجة له. وكان يؤمل أن يقود حمدوك، الذي أنهى دراسته
في بريطانيا عملية تحول مهجنة عسكرية-مدنية نحو الحكم المدني. ورغم نجاحه في رفع
السودان عن قائمة الدول الراعية للإرهاب إلا أنه كافح لإخراج بلد من عزلته وهو مفلس.
وتابع: "والآن وقد ذهب وانتهى
معه أي مظهر للاحترام المدني، فإنه ترك الجيش يواجه الشعب". وقال "يجب
وقف سفك الدم الذي يسفح منذ 25 تشرين الأول/ أكتوبر وإلا فسيجد العسكر أنفسهم في
معركة مع كل الشعب السوداني".