هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
في ظل ترقب إعلان النتائج النهائية للانتخابات البرلمانية في العراق، أصدرت المفوضية العليا للانتخابات قرارا يقضي باستبعاد اثنين من المستقلين الفائزين واستخلافهم بآخرين من قوى "الإطار التنسيقي" الشيعي، الأمر الذي أثار غضب القوى المستقلة في البلاد.
قرار إلغاء فوز اثنين من المستقلين الفائزين عن محافظتي بابل والبصرة، جاء بعد شطب أصوات عدد من المحطات والمراكز الانتخابية، حيث بررت المفوضية ذلك بأنه "استند إلى ما تراه الهيئة القضائية وفق القانون، ولم تلغها بسبب التزوير كون العملية أجريت وفق إجراءات فنية".
لكن مراقبين حذروا من "ذبح" المستقلين بالتسويات السياسية في العراق، فيما أكد آخرون لـ"عربي21" أن حالة عدم الرضا ورفض مخرجات العملية الانتخابية الأخيرة ربما دفعت المفوضية إلى مجاملة الكيانات السياسية التقليدية الخاسرة بالانتخابات.
"جريمة كبرى"
وقال المحلل السياسي العراقي، غانم العابد، إن "محاولة مجاملة أطراف سياسية على حساب المستقلين الذين يتوسم العراقيون بهم خيرا لأن يكونوا جهة رقابية تراقب الحكومة وتصحح الأوضاع، برأيي يعتبر جريمة كبرى بحق الشعب العراقي".
وأضاف العابد في حديث لـ"عربي21" أنه "إذا ثبت فعلا صحة هذا الإجراء فإنه سيقضي على أي وصف للانتخابات بأنها عملية ديمقراطية".
ورأى الخبير في الشأن العراقي أن "محاولة مجاملة الأطراف الخاسرة على حساب المستقلين أو الجهات الفائزة أمر خطير، وعلى سبيل المثال فإن التيار الصدري تيار شعبي وباستطاعته تحريك الشارع، وبالتالي فإن هذا لعب بالنار سيؤثر على مصير البلد".
وأوضح العابدي أن "هناك انتخابات أجريت وخسر البعض فيها وعليهم تقبل الخسارة، أما محاولة ربطها بتزوير أو تلاعب بنتائج الانتخابات فهذا سيترتب عليه نتائج كارثية في العراق".
اقرأ أيضا: قائد عسكري أمريكي: إيران مارست التضليل بانتخابات العراق
وبخصوص عدم ذهاب المفوضية للفرز يدويا في عموم البلاد وإنهاء الجدل القائم، قال العابد إنه "قبل إجراء الانتخابات أعلن أنها ستكون إلكترونية وأجريت الانتخابات وفق هذه الآلية، وبالتالي فما جدوى الذهاب لانتخابات إلكترونية ما دام أنها ستذهب إلى عد وفرز يدوي؟".
لكن العابد أكد أنه "بعد تأخر إعلان النتائج النيابية 40 يوما، فإن هناك خشية من أن تحدث صفقات ومجاملات واستبعاد البعض لحساب جهات بعينها، بحجة محاولة احتواء الأزمة وعدم انزلاق العراق إلى الاحتكاك في ظل التصعيد الذي قامت به أطراف الإطار التنسيقي".
ونوه الخبير العراقي إلى أن "المبادرات التي قدمها رئيس الوزراء الأسبق أياد علاوي أو زعيم تيار الحكمة عمار الحكيم، جميعها تحاول مجاملة الخاسرين، وهذا يعتبر توظيفا للانتخابات وليس عملية ديمقراطية، وبذلك فإنه يعزز ما ساقه المقاطعون للانتخابات من أن المقاطعة هي الحل الأفضل ما دامت العملية الانتخابية خاضعة للمساومات والمجاملات".
"افتراضات سياسية"
وفي المقابل، قال أستاذ العلوم السياسية في العراق، إياد العنبر، خلال اتصال مع "عربي21" إن "الحديث عن استبعاد مستقلين ومنح مقاعدهم إلى جهات سياسية خاسرة، كله افتراضات حتى الآن، ولم يجرِ التأكد من هذه المسألة في الوقت الحالي".
واستدرك العنبر، قائلا: "أما إذا كانت تجري هذه الطريقة باتفاق سياسي، فهذا تحايل على القانون وممكن أن نعتبره إطلاق رصاصة الرحمة على الثقة بالعملية الانتخابية، وهذا بحد ذاته يؤكد كل الإشكاليات التي تدور حول هذا النظام السياسي، بأنه نظام صفقات ولا حاجة لإجراء أي انتخابات".
وأعرب عن اعتقاده بأن "مثل هذا الموضوع بحاجة للتأني والبحث، لأنه لا يتعلق فقط بما تريده القوى السياسية، وإنما هناك مواقف دولية ورقابة على المفوضية العليا للانتخابات في العراق، وهناك أيضا مواقف للقوى الفائزة، التي لا يمكن أن ترضى بمثل هذا الشيء".
اقرأ أيضا: كيف وضعت شروط الصدر قوى "الإطار الشيعي" بزاوية حرجة؟
ورأى العنبر أن "تأخر إعلان النتائج النهائية بعد مضي 40 يوما من إجراء الانتخابات البرلمانية، قد يكون سببه جانب تقني أو سوء إدارة من المفوضية على اعتبار أن هناك طعونا تنظر فيها السلطة القضائية، وأخرى تنظر فيها الهيئة القضائية داخل المفوضية نفسها".
وأشار المحلل السياسي إلى أن "قضية العد والفرز اليدوي لا يمكن أن تكون معيارا للطعن في نتائج الانتخابات، ولا مصداقا على نزاهتها، لأن القانون يتحدث عن تصويت إلكتروني فقط، لذلك فإنه لا يوجد أي خرق على احتساب الأصوات في المحطات التي لم تقدم عليها طعون".
"ترضية سياسية"
والسبت، عقد عدد من الفائزين المستقلين عن محافظة البصرة مؤتمرا صحفيا أعلنوا فيه رفضهم لقرار الهيئة القضائية إقصاء عدد منهم وإحلال آخرين من كتل خاسرة مكانهم، واصفين ما جرى بأنه عملية إرضاء للكتل السياسي الخاسرة.
وأكد المؤتمرون أن ما جرى "لا يمت بصلة للديمقراطية الانتخابية أو شفافية عمل مفوضية الانتخابات"، مشيرين إلى أن "ما حصل ليس عملية انتخابية، وإنما ترضية بين القوى السياسية، والدليل على ذلك أن المفوضية سبق أن أعلنت تطابقا كاملا بين العد والفرز اليدوي مع الإلكتروني".
اقرأ أيضا: مبادرة لاحتواء أزمة نتائج الانتخابات العراقية وتشكيل حكومة
وكانت الهيئة القضائية العراقية قد أعلنت، الخميس، فوز ثمانية مرشحين من القوى السياسية الخاسرة (الإطار التنسيقي الشيعي) بعد تدقيقها لنتائج الانتخابات البرلمانية الأخيرة، الأمر الذي حظي بترحيب وثناء من اللجنة التنسيقية للمظاهرات والاعتصامات الرافضة للنتائج.
وأظهرت النتائج الأولية، حصول التيار الصدري على المرتبة الأولى بـ74 مقعدا، ثم كتلة "تقدم" بقيادة السياسي السني محمد الحلبوسي بـ41 مقعدا، بينما حصل "ائتلاف دولة القانون" بزعامة المالكي على 37 مقعدا، وبعده حقق الحزب الديمقراطي الكردستاني بزعامة مسعود البارزاني 32 مقعدا.