صحافة دولية

WP: إسرائيل تريد حجب صورة قصفها المروع لغزة

مجزرة إسرائيلية شمال غزة (الأناضول)
مجزرة إسرائيلية شمال غزة (الأناضول)
قالت صحيفة "واشنطن بوست" إن الجيش الإسرائيلي نجح أخيرا في تدمير مركز إعلامي يزود العالم الخارجي بروايات مروعة عن قصف الدولة الأخير لأهداف فلسطينية في المدن في غزة. وقبل 39 عاما، أراد تفجير فندق الكومودور في وسط بيروت، والذي كان يضم أكثر من مائة مراسل غربي، لكن تم منعه من ذلك بفضل تدخل الرئيس رونالد ريغان.

وقال الزميل في مركز ويلسون لدراسات الشرق الأوسط، ديفيد أوتاوي، في تقرير ترجمته "عربي21" إنني "كنت حينها مراسلا للشرق الأوسط في واشنطن بوست ومقرها القاهرة، وواحدا من بين عدة مئات من مراسلي الصحافة والتلفزيون الغربيين الذين يغطون الغزو الإسرائيلي للبنان في حزيران/ يونيو 1982. والتشابه بين التكتيكات الإسرائيلية لإسكات التغطية الإعلامية الدولية لسلوكها المثير للجدل آنذاك والآن هو أمر لافت للنظر".

وأضاف: "في 15 أيار/ مايو، قصفت الطائرات الحربية الإسرائيلية وتسببت بانهيار مبنى من 12 طابقا في مدينة غزة يضم مكاتب وكالة أسوشيتد برس وقناة الجزيرة وعدد من الصحفيين المستقلين.

وزعم المسؤولون الإسرائيليون أن المبنى ليس "برجا إعلاميا" ولا "مركزا إعلاميا" ويضم "أصولا للاستخبارات العسكرية التابعة لحماس". وردّت وكالة أسوشيتد برس بأن مراسليها ومصوريها وغيرهم من العاملين هناك على مدار الخمسة عشر عاما الماضية لم يروا أبدا ما يشير إلى وجود مثل هذه "الأصول". وطالبت الجيش الإسرائيلي بتقديم الأدلة، وهو ما لم يفعله حتى الآن".

و"بالعودة إلى يونيو 1982، حاول الجيش الإسرائيلي القيام بشيء مشابه جدا. وكان قد اجتاح لبنان حتى ضواحي بيروت وشن حملة قصف على المباني التي تؤوي قيادات ومقاتلي منظمة التحرير الفلسطينية. كان هدفها الرئيسي هو رئيس منظمة التحرير الفلسطينية ياسر عرفات، الذي لعب لعبة القط والفأر مع الجيش الإسرائيلي أثناء بحثه عن مخابئه المتغيرة باستمرار، وقام بتفجير مبنى تلو الآخر بقنابله في محاولة عبثية لقتله".

وقال إن الجيش الإسرائيلي، تحت قيادة وزير الحرب المتشدد أرييل شارون، لم تعجبه التغطية الإعلامية الغربية لغزوه و"أراد إغلاق ما أصبح المركز الإعلامي الرئيسي داخل فندق الكومودور. وكان اللوبي يحتوي على آلة تلكس قديمة ساعدت على إبقاء الموجودين في الفندق على اتصال بالعالم الخارجي، وقد استخدمها عشرات من المراسلين لإرسال تقاريرهم كل ليلة - تحت عين كوكو الساهرة، ببغاء ثرثار للغاية جالس في قفصه القريب وقد أتقن تقليد صوت الصفير المنبعث من القذائف القادمة".

وأضاف أن "شارون شن حملة لترهيب المراسلين الغربيين لإخلاء الفندق. لقد أسقطت طائراته منشورات تحذر من هجوم قادم للجيش الإسرائيلي للسيطرة على المدينة ومن احتمال قصف فندق الكومودور كجزء من الهجوم. ونشر عملاء إسرائيليون رواية شفوية تفيد بأن الجيش الإسرائيلي يعرف الغرفة التي كان كل مراسل يشغلها، لحثهم على مغادرة المبنى. في مرحلة ما، أعطانا الجيش الإسرائيلي مهلة نهائية لإخلاء الفندق".

و"تسببت حملة الجيش الإسرائيلي بحملة مضادة من قبل المراسلين هناك من واشنطن بوست ونيويورك تايمز ولوس انجلس تايمز وشبكات التلفزيون الأمريكية الرئيسية الثلاث  ABC وCBS وNBC. لقد نبهنا جميعا مكاتب صحفنا إلى تهديد الجيش الإسرائيلي بقصف الفندق، ونبهت مكاتب صحفنا بدورها البيت الأبيض إلى الخطر الذي نواجهه، ما حدث بالضبط بين ريغان ومساعديه والحكومة الإسرائيلية لم نعلمه قط. لكن تهديد الجيش الإسرائيلي بقصف الفندق توقف فجأة، وظل الفندق على حاله حتى نهاية الحصار الإسرائيلي لبيروت في أيلول/ سبتمبر".

وشدد على أن "أحد أكبر الاختلافات في التكتيك الإسرائيلي بين هذه المرة وتلك المرة هو أن الجيش الإسرائيلي لم يمنح مراسلي أسوشيتد برس الوقت لتحريك مكتبهم الرئيسي في نيويورك قبل أن يسحق مكاتبهم في مدينة غزة. كان لدينا عدة أيام لدرء التهديد في بيروت، بينما كان لدى الأسوشيتد برس ساعة واحدة لإخلاء مقرها".

و"كان الاختلاف الآخر هو أن جميع الصحف ومحطات التلفزيون الأمريكية الرئيسية كانت تعيش في فندق كومودور وتعمل فيه، ولم نكن نعتقد أنه حتى شارون سيجرؤ على المخاطرة برد الفعل العكسي الأمريكي الذي قد يثيره تدميره للفندق مع أكثر من 100 مراسل بالداخل. في المقابل، كانت وكالة الأنباء الأمريكية البارزة الوحيدة المعرضة للخطر هذه المرة هي وكالة أسوشيتد برس".

ومع ذلك، أصدرت وكالة الأسوشيتد برس بيانا ذكّرت فيه الرئيس بايدن والكونغرس والجمهور الأمريكي بأن ما فعله الجيش الإسرائيلي كان "تطورا مزعجا بشكل لا يصدق" وأن مراسليها بالكاد تجنبوا "خسارة فادحة في الأرواح".

لكن الجيش الإسرائيلي حقق هدفا حاسما. وكما قال رئيس وكالة أسوشيتد برس والرئيس التنفيذي غاري برويت: "لن يعرف العالم سوى القليل عما يحدث في غزة".
0
التعليقات (0)