مقالات مختارة

إسرائيل من الاحتلال إلى الأبارتايد إلى الإبادة!

أحمد القديدي
1300x600
1300x600

يتابع العالم بأسى وحرقة وغضب ما ترتكبه قوات الدولة المحتلة الغاصبة، من قصف وقتل في غزة وانتهاكات في القدس، صنفتها محكمة العدل الدولية ودول غربية عديدة من قبيل جرائم الحرب، لكن اليمين الصهيوني المتعصب تفاجأ هذه المرة بأمرين كبيرين.

1) قوة الرد الحماسي المقاوم ونوعية الصواريخ الرادعة ودقتها، والتي أفزعت دولة محتلة اعتقدت أنها في مأمن أمين وبدون عقاب.

2) التحول المبارك الذي غير دبلوماسية الدول العظمى والقوى الإقليمية والرأي العام العالمي مما يدل قطعا على فهم أصح لجوهر قضية الاحتلال الغاصب وتأييد لحقوق شعب فلسطين المعترف بها أمميا.

ثم إن أحداث بيت المقدس والمسجد الأقصى وقطاع غزة وحي الشيخ جراح هذه الأيام تذكرني بالمواقف العربية والدولية من قضيتنا الأم قضية القانون الدولي المنتهك وقضية الاستهتار اليميني المتطرف لنتنياهو، فندرك أن المقاومة الفلسطينية اليوم استخلصت العبرة من التاريخ الحديث واستعادت عافيتها بعد أن انتزع المغفلون العرب والمتصهينون منها أنيابها ومخالبها، وكأني بها أدركت بعد ثلاثة أرباع القرن من الاحتلال أن ما اُغتصب بالقوة الغاشمة لا يستعاد إلا بالقوة العادلة، وكان الزعيم بورقيبة التونسي أول من نصح أبناء فلسطين منذ 5 مارس 1965 في خطابه التاريخي بأريحا بأن يعتبروا بمقاومة الشعب التونسي للاستعمار الفرنسي، ونجاح خطته التي جمعت بين الذكاء الدبلوماسي والتمسك بالشرعية الدولية، وبالمقاومة عبر حرب العصابات لإجبار الاستعمار الصهيوني (الذي نعته بورقيبة آنذاك بأنه آخر استعمار مباشر في التاريخ الحديث)، على اختيار أخف الضررين أي إعطاء أهل فلسطين حقوقهم في دولة حرة مستقلة قابلة للعيش، وقال لهم الزعيم التونسي يومئذ: "لا تعولوا على من يغالطكم بالوعود الوردية ويدعي حمايتكم والذود عنكم بالأقوال لا بالأفعال ولا تعولوا إلا على مقدراتكم الذاتية وقواكم الحية لتحرير أرضكم".

ولو سمع الفلسطينيون منذ 1965 نصائح زعيم عربي فذ لاجتنبوا وجنبوا العرب هزائم حروب 5 يونية 67 ونكبة بيروت سبتمبر 82 حين تم إجلاء منظمة التحرير من لبنان في حمام دم، واستضافتهم تونس ووفرت لهم ملجأ أمينا إلى أن يستعيدوا قواهم ويستعدوا لتغيير معادلة التحرير!.

وقصفت إسرائيل مقر المنظمة في قرية حمام الشط يوم غرة أكتوبر 85 ثم أقدمت على اغتيالات قيادات الثورة في تونس، ثم اغتيال أبو عمار نفسه بمادة البولونيوم، وانتهاء بانقسام ما تبقى من فلسطين إلى شق الضفة وشق القطاع إلى اليوم! أما في المحطة التاريخية الراهنة وبعد أن عرف الفلسطينيون أن بعض الدول العربية هي التي أخلصت لهم، وقطر في 2008 حين تم العدوان الإسرائيلي على غزة، وحين وقفت قطر بكل جرأة ومروءة وبلا حسابات أو من أو أذى مع غزة المحاصرة فكسر حصارها، ثم هب صاحب السمو الأمير الوالد حينها لنجدة القطاع المحاصر ولإعانة أهل غزة الشهيدة على تجاوز محنة الحصار ببناء المدارس وإعادة إعمار القطاع وتأسيس المستشفيات وتسديد الرواتب وتشييد مفاعلات الكهرباء، بالتوازي مع الجهود الدبلوماسية من أجل الدفاع الصادق المستمر عن حقوق الشعب الفلسطيني ضمن حلول القانون الدولي أي الذي ضمن للشعب الفلسطيني حقه المشروع في دولة حرة وتعايش سليم مع كل الجيران، وهو ما تقول دولة قطر وتقول معها منظمة الأمم المتحدة وحتى إدارة الرئيس بايدن إنه مفتاح السلام والأمن الدوليين.

اليوم ونحن نعيش مرحلة دقيقة وحرجة من تغيرات جوهرية في العلاقات الدولية، وإعادة النظر الشاملة في التوازنات التقليدية التي حكمت العالم ونظمته منذ نهاية الحرب العالمية الثانية نشهد تحويرات عميقة وجذرية في العقائد الجيوستراتيجية والعسكرية للقوى العظمى والقوى الإقليمية على أسس جديدة، ولا بد أن تتحرك القضية الفلسطينية على أكثر من صعيد، حيث أثبتت فصائل المقاومة فيها أنها ليست مستعدة لبيع القضية والمزايدة على بيت المقدس، مما جعل المجتمع الدولي يعيد حساباته ويخشى أن تكون ممارسات إسرائيل المارقة عن القانون الدولي سببا في إشعال حروب جديدة وهي أكبر تهديد للسلام العالمي.

عن الشرق القطرية

0
التعليقات (0)