هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
استبعد الكاتب والباحث الفلسطيني العضو السابق في المجلس الثوري لحركة "فتح" معين الطاهر، إمكانية إقدام الاحتلال الإسرائيلي على تنفيذ اجتياحات تستهدف احتلال أراضٍ جديدة والبقاء فيها، سواءً أكان ذلك في غزة أم في جنوب لبنان، مشددا على أن السمة الرئيسية لعمليات الجيش الإسرائيلي ستكون استخدام القدرة النارية الكبيرة التي يمتلكها.
وتوقع الطاهر في ورقة بحثية قدمها ضمن حلقة نقاش نظمها مركز الزيتونة للدراسات والاستشارات الأسبوع الماضي بعنوان: "قضية فلسطين: تقييم استراتيجي 2020 ـ تقدير استراتيجي 2021"، أن يلجأ الاحتلال الإسرائيلي إلى التوسّع في استخدام قدراته النارية في حال وقوع مواجهات واسعة باتجاه ضرب أهداف اقتصادية وبنى تحتية.
ورجّح أن تتميّز هذه السنة باستخدام وحدات النُخبة في عمليات كوماندوس واسعة، لضرب أهداف، أو مواقع ومستودعات أسلحة، وقواعد صواريخ، ومراكز قيادة بعيدة عن الخطوط الأمامية، وبالتنسيق مع أسلحة الجو والمدفعية والاستخبارات، معتبرا ذلك تطويراً لأسلوب الجيش الإسرائيلي الحالي، المتمثّل بشن الغارات الجوية والصاروخية فحسب، والتي قد لا تكون قادرة على تدمير أهدافها.
وقال: "إن أي موقع مهم قد يكون معرّضاً للاستهداف بعمليات أرضية، بغض النظر عن مكانه. إن هذا النمط من العمليات يسمح للعدو بتحقيق ما يعتقد أنه إنجازات، دون التورّط في حرب شاملة، ودون الحاجة إلى موافقات دولية مسبقة على عملياته، ويكون بذلك قد تجنّب حدوث شللٍ كاملٍ في بنيته الاقتصادية وجبهته الداخلية، نتيجة حرب طويلة".
ووفق الطاهر، في ورقته التي اطلعت عليها لـ "عربي21"، فإن هذه السنة ستشهد توسّعاً في استخدام أساليب جديدة، مثل الطائرات المسيّرة والعمليات السيبرانية، مشيرا إلى أن عملية اغتيال فخري زاده في إيران قد تشكّل نموذجاً يُحتذى في اغتيال شخصيات قيادية عبر استخدام الأقمار الصناعية والطائرات المسيّرة، وتقنيات التعرّف على الأشخاص المستهدفين.
وقال: "إن مفهوم الأمن الشخصي للقيادات والمسؤولين قد تغيّرت أساليبه، وما عاد يعتمد على كمّ الحرّاس والمرافقين، وهذا يحتاج إلى انتباه مبكّر، وتغيير في نمط العادات المتبعة لحماية الشخصيات".
وحذّر الطاهر من أن "بعض مواقع التطبيع الرسمي العربي، وخصوصاً تلك التي انتقلت من موقع تطبيع العلاقات إلى موقع التحالف، ستمنح العدو ميّزات إضافية، سواءً أكان ذلك باستعادته دور الشرطي، أم التعاون الاستخباري والعسكري، أم تدخله المباشر في الوضع الداخلي، أم بمنحه تسهيلات وموطئ قدم يعزز من إمكاناته على مستوى الإقليم".
ولفت الطاهر الانتباه إلى أن العلاقة مع الاحتلال محكومة أيضا بعوامل أخرى، سيكون لها أثر كبير في مسار الأمور وتطورها، مثل المفاوضات مع إيران حول ملفها النووي والصاروخي ونفوذها في المنطقة، والعلاقات الروسية ـ الأمريكية ـ التركية وانعكاسها على الوضع في سوريا، مشيرا إلى أن الأطراف المختلفة ستسعى إلى إيجاد وقائع جديدة للتأثير في مجرى الأحداث.
وفي الوقت الذي استبعد فيه الطاهر إمكانية حدوث مواجهة شاملة عبر عدة جبهات، غزة ولبنان معاً، في الوقت نفسه، إذ أن ذلك يرتبط بتعقيدات إقليمية وحسابات دولية وإسرائيلية، فإنه حذّر من الآثار السلبية لعودة وهم المفاوضات، واستمرار التنسيق الأمني، ومحاولة احتواء سلاح المقاومة في غزة بذريعة المصالحة وتحت ضغط عربي وإقليمي.
ورأى الطاهر أن مواجهة هذه الاحتمالات جميعا بما في ذلك المواجهة الشاملة تتم عبر استراتيجية مقاومة شاملة يخوضها الشعب الفلسطيني كله في مختلف أماكن وجوده، تسانده الأمة العربية والإسلامية، والأصدقاء في أنحاء العالم، وترتكز على تمسك الشعب الفلسطيني بتحرير أرضه وتفكيك الكيان الصهيوني، والتمسك بثوابته الوطنية لإلحاق الهزيمة بالكيان الصهيوني الاستيطاني الإحلالي، واعتبار كافة أشكال النضال وأساليبه وأدواته أشكالا مشروعة.
وأكد الطاهر على جملة من المعطيات، أولها أن الأرض الفلسطينية كلها تحت الاحتلال، سواء ما احتل منها في سنة 1948 أم في سنة 1967، وأن نصف الشعب الفلسطيني يقيم على أرض فلسطين سواء في الضفة أو القطاع أو في أراضي 48.
ثانيها أن "ما يُدعى بحل الدولتين قد انتهى، وأن السياسة الصهيونية تقوم على التنكر لأي حقّ فلسطيني، وعلى السيطرة على فلسطين كلها، وطرد شعبها منها"، مشيرا إلى أن من يبقى من الفلسطينيين في الداخل فإلى حين توفر ظرف مناسب لتهجيره بأساليب مختلفة، وأنه يخضع للاحتلال العسكري والحصار والتمييز، في إطار نظام الأبارتهايد الصهيوني الذي تتضح ملامحه وأشكاله في كل يوم يمر، وهو ما يخضع له أيضاً الشعب الفلسطيني في الخارج، المهجّر من وطنه والممنوع من العودة إليه.
وشدد الطاهر على أن نظام الأبارتهايد الصهيوني فريد من نوعه، ولا يشبه نظام الأبارتهايد والتمييز العنصري في جنوب أفريقيا القائم على استغلال الجنوب أفريقيين، في حين أنه في الحالة الفلسطينية يستهدف، إضافة إلى ذلك، طرد الشعب الفلسطيني وتهجيره، وإحلال الصهاينة بدلاً منه.
وانتهى الكاتب والباحث الفلسطيني إلى أنه وفي ظلّ فشل ما سُمي بالمشروع الوطني الذي تمثّل بحل الدولتين، ووجود الشعب الفلسطيني بأسره تحت نظام الأبارتهايد الصهيوني، فإن ذلك يشكل مظلة قادرة على جمع مختلف أشكال النضال الناجمة عن تعدد الظروف التي تؤثر في الشعب الفلسطيني في مختلف أماكن وجوده.
ودعا الطاهر في ختام ورقته إلى المحافظة على سلاح المقاومة في غزة وتعزيزه، وقال: "المقاومة الشاملة تعني انخراط الشعب الفلسطيني كله فيها، كل من موقعه ومكانه، وهذا يقتضي موقفاً حازماً مبنياً على الإيمان بقدرتنا على الانتصار، ورؤية حالة التراجع الاستراتيجي التي تعصف بالعدو وحلفائه، مهما بدت عليهم مظاهر القوة الزائفة"، وفق تقديره.
إقرأ أيضا: ناشط مغربي لـ"عربي21": التطبيع مخطط لتفجير المنطقة (شاهد)