مقابلات

أكاديمي وبرلماني سابق: الغرب غطى جرائم قمع الصحافة بمصر

كانت الفترة التي حكم فيها الرئيس الراحل مرسي من أكثر فترات حرية الصحافة في تاريخ البلاد- عربي21
كانت الفترة التي حكم فيها الرئيس الراحل مرسي من أكثر فترات حرية الصحافة في تاريخ البلاد- عربي21

قال رئيس قسم الصحافة والإعلام السابق بجامعة القاهرة، الدكتور سليمان صالح، إن مصر تعيش حكما شموليا يمنع حرية الصحافة بل يكبلها، مشيرا إلى أن الحريات الصحفية هي من أكثر المعايير التي تقاس بها الحالة الديمقراطية في أي بلد.

 

وأكد صالح وكيل لجنة الثقافة والإعلام ببرلمان (2011/ 2012)، في لقاء مع "عربي21"، أن تقييد الصحافة في مصر والذي بدأ منذ عقود، كان نتيجة طبيعية للحكم الشمولي، وصولا لتصدر قائمة الدول الأكثر حبسا للصحفيين وانعدام حرية الرأي والتعبير.

ولفت صالح إلى أن تاريخ الصحافة المصرية مشهود له بلعب دور كبير في الكفاح الوطني المصري، مؤكدا أن فترة الرئيس الراحل محمد مرسي كانت من أزهى عصور الصحافة التي عاشتها مصر.

 

وقال إن السلطة الجديدة في مصر "أممت العمل الصحفي والإعلامي منذ الساعات الأولى"، مؤكدا أن الدول الغربية "تكيل بمكيالين ولعبت دورا في تغطية جرائم قمع الصحافة والصحفيين في مصر".

 

وفي ما يأتي نص الحوار:


برأيك ما أبرز فترة انتعشت فيها حرية الصحافة بمصر؟ 


أهم فترة تمتعت فيها مصر بحرية الصحافة والإعلام هي الفترة من 2011 حتى 3 يوليو 2013 وقد حرص مجلس الشعب برلمان الثورة، وهو أول برلمان يتم انتخابه انتخابا حرا نزيها ويعبر عن إرادة الشعب المصري، على حماية حرية الصحافة.

وقامت لجنة الثقافة والإعلام بعقد الكثير من جلسات الاستماع التي شارك فيها الكثير من الإعلاميين لإعداد قانون يحقق آمال شعب مصر في أن يكون له إعلام حر يعبر عنه، لكن حل المجلس حال دون ذلك، كما أن الصحفيين المصريين تمتعوا بحرية الصحافة في عهد الرئيس الشرعي المنتخب الدكتور محمد مرسي الذي كان يعمل لإقامة نظام ديمقراطي يشكل الإعلام الحر ركنا أساسيا فيه، وألغى عقوبة الحبس للصحفيين.

ما رأيك في حرية الصحافة والإعلام بعد الانقلاب العسكري في 2013؟


كان أول قرار لسلطة الانقلاب إغلاق كل القنوات الفضائية التي تعبر عن ثورة 25 يناير ولم يدافع الإعلاميون المصريون عن حريتهم؛ لذلك تزايد تحكم السلطة في الصحافة والإعلام ولم يعد الإعلاميون ينتجون المضمون الذي تقدمه وسائل الإعلام المصرية.

كيف أدركت السلطة الجديدة أهمية التحكم في الصحافة والإعلام؟


أصبحت السلطة الجديدة هي التي تنتج المضمون الصحفي والإعلامي بشكل مباشر، وأدى ذلك إلى زيادة الضعف الإعلامي للدولة المصرية، وأصبحت وسائل الإعلام لا تعبر عن الدولة ومكوناتها المختلفة، لكنها تعبر عن السلطة.


اقرأ أيضا: صحافة مصر.. من "صاحبة الجلالة" إلى "الزنزانة" ( إنفوغرافيك)


وقد اعترف وزير الدولة للإعلام الحالي، أسامة هيكل، بذلك وأكد أن الصحف المصرية لم يعد يقرأها أحد وأن معدل مشاهدة القنوات المصرية قد تناقص، وهو ما عرض الوزير للهجوم والتهديد من جانب السلطة عبر الإعلاميين الذين ينافقون السلطة ولا يهمهم مستقبل الإعلام المصري أو حريته.

كيف ترى تصدر مصر المركز الثالث ضمن أكثر الدول التي فيها صحفيون محتجزون في 2020؟


أصبح العالم كله يعرف ما يتعرض له الإعلام المصري من تقييد وتحكم، وقد أوضحت تقارير المنظمات الدولية المهتمة بحقوق الإنسان وحرية الصحافة مثل لجنة حماية الصحفيين الدولية أن مصر تحتل المركز الثالث ضمن أكثر الدول التي تعتقل الصحفيين ما يعكس تزايد القبضة الأمنية.

لكن الأخطر من ذلك أن التضامن العالمي مع الصحفيين المصريين كان ضعيفا للأسف، والتضامن المهني من أهم وسائل حماية حرية الصحافة والإعلام، فكيف يمكن أن يقبل الصحفيون والإعلاميون في العالم ما يتعرض له زملاؤهم في مصر من قهر سببه الرئيس هو التعبير عن الرأي.

كيف ترى دور الغرب في الذود عن حرية الصحافة في مصر؟

هناك الكثير من الدول التي تدعي الدفاع عن حرية الرأي، لكن صمتها عن القهر الذي يتعرض له الصحفيون والإعلاميون المصريون وتأييدها لسلطة الانقلاب يكشف معاييرها المزدوجة واستخدامها لمكاييل مختلفة في التعامل مع قضايا حرية الإعلام والصحافة وحقوق الإنسان.

ما دور التضامن الدولي في تخفيف قبضة السلطات المصرية عن الصحافة والإعلام؟


قضيت حياتي كلها أدرس حرية الإعلام وأخلاقياته وأدافع عن حرية الجميع مهما اختلفت معهم في الرأي؛ ولذلك أدعو كل الإعلاميين والصحفيين المصريين للدفاع عن حريتهم وعن وظيفتهم الأساسية وهي الوفاء بحق شعبهم في المعرفة.

وأدعو العالم الحر والأحرار إلى التضامن مع الصحفيين والإعلاميين في مصر والدول الشمولية، والدفاع عن حق الجميع في الحرية وعدم استثناء تيارات أو جهات بعينها كالإسلاميين، والتأكيد على حق جميع الاتجاهات السياسية والفكرية في التمتع بحرية الصحافة والإعلام، والتعامل مع هذه الحرية بمعيار واحد وبعدالة واحترام أخلاقيات العمل الصحفي والإعلامي.

 

لماذا تعارض الدول المستبدة حرية الصحافة؟

من أهم المقاييس التي يمكن أن نستخدمها في الحكم على ديمقراطية السلطة تحكمها في وسائل الإعلام وتقييدها لحق المواطنين في المعرفة؛ لذلك فإن من أخطر نتائج الاستبداد أنه أضعف الدول إعلاميا وأدى ذلك إلى الضعف في كل المجالات السياسية والاقتصادية والثقافية والمعرفية، وفي مصر ساهم تقييد السلطة لحرية الإعلام في هزيمة 1967، وكان ذلك درسا مهما هو أن الصحافة الحرة ضرورة للدفاع عن الدولة والمجتمع.

 

ما أهمية حرية الصحافة للشعوب والدول في زماننا الحالي؟

حرية الصحافة من أهم الأسس التي يقوم عليها تقدم المجتمعات، ولقد أدرك الآباء المؤسسون للولايات المتحدة أهمية حرية الصحافة في تحقيق ما أطلقوا عليه الحلم الأمريكي الذي استخدموه في توحيد الشعب الأمريكي؛ لذلك كان جيفرسون يفضل أن يكون للولايات المتحدة صحافة حرة على أن يكون لها حكومة.

هل تضعف الصحافة برأيك الدول كما يروج الحكام الشموليون؟

لقد كانت الصحافة الأمريكية ووسائل الإعلام أهم مصادر القوة الأمريكية، وتثبت دراسة تاريخ الإعلام أن الدولة التي تقيد حرية الإعلام تضعف نفسها وتحرم شعبها من الحصول على المعرفة ولا تستطيع أن تحقق الديمقراطية والتقدم. انظر إلى دول العالم تجد أن أكثرها فقرا هي أكثرها تقييدا لحرية الإعلام.

كيف لعبت الصحافة دورا كبيرا في الكفاح الوطني بمصر؟


الدول الاستعمارية حاولت حرمان الشعوب من حرية الصحافة حتى لا تستخدمها الحركات الوطنية في الكفاح ضدها، وكانت أول مظاهرة دفاعا عن حرية الصحافة في العالم في مصر عام 1909 عندما قام الدون غورست المندوب السامي البريطاني بإعادة العمل بقانون المطبوعات الصادر عام 1881، بعد أن أدرك خطورة الدور الذي تقوم به صحف مثل اللواء والمؤيد في توعية الشعب المصري وتعبئته للثورة ضد الاحتلال البريطاني، لذلك كانت ثورة 1919 نتيجة لكفاح الحركة الوطنية واستخدامها للصحافة في نشر الوعي بخطورة الاحتلال وحق الشعب في الحرية والتحرر.

0
التعليقات (0)

خبر عاجل