كتاب عربي 21

عن "القاعدة" وإيران مجددا بعد اغتيال أحد قادتها بطهران

ياسر الزعاترة
1300x600
1300x600

في تعليقها على خبر اغتيال أحد قادة تنظيم "القاعدة" في طهران بيد الموساد؛ بطلب أمريكي.. قالت صحيفة "الأخبار التابعة لحزب الله: "اللافت، كذلك، هو الحديث عن تعاون وتآزر بين عدوّين: إيران و"القاعدة"، إلى مستوى باتت فيه طهران ملجأ آمنا لمسؤولي التنظيم، على رغم أن الأخير هو واحد من التنظيمات الإرهابية، وربما أبرزها، الذي يعلن عداءه لإيران ومحور المقاومة عامة.

 

وهذا الإيحاء جزء لا يتجزّأ من مقاربة قديمة جديدة، تتساوق مع محاولات تبييض صفحة بيئة التنظيم، أي البيئة السعودية التي ولّدته، والعمل على إلباس إيران، الدولة التي ترى في "القاعدة" واحدا من أهمّ أعدائها، لباس التعاون والتضامن معه، بل وأيضا التحالف".


الحق أن هذا دفاع بالغ الهشاشة، لكأن إيران دولة ملائكية توزع الوجبات المجانية وتمارس المقاومة والممانعة، طلبا لرضا الله، ولأجل عودة "الإمام المهدي"، وليست صاحب برنامج تمدد قومي يستخدم المذهب، أو مذهبي يستعيد ثارات التاريخ؛ وفق رؤية بعض رموزه؛ وليست له أي خطوط حمر في تحالفاته.
خذا مثالا على ذلك: علماء الشيعة الاثنا عشرية يعتبرون "العلويين" أكثر كفرا من السنّة، ومع ذلك كانت العلاقة مع نظام بشار، فهل ينتمي ذلك لحكاية المقاومة مثلا، أم لمشروع التمدد والهيمنة؟!


وجود عدد كبير من قادة القاعدة في طهران لم يكن سرا أبدا، وكل المعنيين بهذا الملف يعرفون ذلك، وليس الدوائر الاستخبارية وحسب.

 

يحدث ذلك رغم أن أحدا منهما لا يثق في الآخر، وإنما هي علاقة الاضطرار. بل إن حزب الله ذاته درّب عددا من عناصر القاعدة خلال التسعينات، وقد اعترف بذلك أحد منظري السلفية الجهادية "أبو محمد المقدسي"، في تسجيل منشور، واعتبر ذلك خطأ كبيرا. وخلال المناوشات الكلامية بين تنظيم الدولة، وبين الظواهري، تم ذكر الكثير عن هذه العلاقات بين إيران وأدواتها وبين "القاعدة".

 

للاضطرار أحكام خاصة، وحين فرّ "القاعديون" من "تورا بورا"، مرورا بإيران؛ منهم من خرج ومنهم من بقي، وبينهم كبار مثل نجل حمزة بن لان، وعطية الله، وسيف العدل وآخرون.

 

اختلف الظواهري في رسائله الأولى للاندماج مع تنظيم الزرقاوي (التوحيد والجهاد) على الموقف من الشيعة، ومن إيران، وذكّره بـ"المستضعفين" في إيران، وعدم تجاهل مصيرهم، لكن الزرقاوي أصرّ، وثبّت رأيه فأخذت العلاقة منحىً سيئا بعد ذلك؛ ليس مع إيران، بل مع عموم الشيعة الذين رفض الظواهري قتالهم بالجملة، بينما أصرّ الزرقاوي على ذلك؛ هو الذي كان يعيش أجواء الصراع المذهبي المحتدم في العراق، وفي النهاية خضع قادة القاعدة، فتحوّل تنظيم "التوحيد والجهاد"، إلى "قاعدة الجهاد في  بلاد الرافدين"، والذي شهد تحولات تالية، وصولا إلى "الدولة الإسلامية في العراق والشام".

 

القصة طويلة، ودفاع صحيفة الحزب بهذه الخفة لا يقنع أحدا، وهي لا تضيف لاتهامات إيران شيئا يذكر على كل حال، اللهم سوى جعل "القاعدة" طبعة "وهابية" سعودية لا أكثر، فيما هي ظاهرة أكثر تركيبا من ذلك، وإن صحّ وجود هذا الجزء في قراءتها الشاملة.

 

"القاعدة" كانت مزيجا من أفكار تنظيم الجهاد، بقيادة الظواهري، والتي جمعت أفكار سيد قطب مع ابن تيمية، وبين أفكار السلفية النجدية، و"نواقضها العشرة" التي برزت على نحو أكثر وضوحا في "تنظيم الدولة".

 

ليس هذا ما يعنينا على كل حال، فقد كتبنا سابقا، وكُتب الكثير عن الأمر، وهو خلافي بالطبع، لكن ما يعنينا هو أن إنكار إيران لوجود علاقة مع "القاعدة"، لا يختلف عن إنكار بعض مريدي التنظيم لتلك العلاقة تأثرا بالأجواء الموغلة في العدائية بعد غزو العراق، ثم المحطة الأسوأ، بعد التدخل الإيراني في سوريا، وصولا إلى انقلاب الحوثي في اليمن.

 

لا شيء في عوالم السياسة والأفكار يمكن أن يكون بمنأىً عن الظروف الموضوعية التي ينشأ ويتحرّك فيها. هذا هو التاريخ، وهذه هي الجماعات، وهذا هو الإنسان.. وهذه هي الدول وسياساتها أيضا، مع وجود الفوارق بين أي حالة وأخرى على مختلف الأصعدة.

التعليقات (1)
ضامر طاهر
الإثنين، 07-12-2020 07:12 م
تعليق الكاتب هلاميّ وهشّ ولايعتمد عليه لابتعاده عن تعرف البيئة الايرانية

خبر عاجل