قضايا وآراء

صواريخ حماس واسطورة الحليف الاسرائيلي

حازم عياد
1300x600
1300x600
أوردت صحيفة "نيويورك تايمز" تصريحاً لمؤسس "جي ستريت" المدير التنفيذي للمنظمة الموازية للايباك جيريمي بن عامي علق فيه  على الاتفاق التطبيعي الذي جمع الكيان الاسرائيلي بالمنامة وابو ظبي في واشنطن بالقول :"إنه ليس حلاً للصراع، وليس سلاماً – إنه صفقة عمل". 

وأضاف قائلاً: "من الواضح جداً جداً أنّ هناك مصالح مشتركة بين إسرائيل وهاته الدول، سواء عسكرياً أو أمنياً أو دبلوماسياً أو اقتصادياً، وهاته المصالح كانت قائمة منذ عقدين من الزمن". 

انه اكثر التصريحات والتعليقات السياسية مصداقية؛ فالعلاقة التي جمعت المطبعين والكيان الاسرائيلي و من يسير على دربهم قديمة جدا تعود الى اكثر من عقد كامل من الزمن ويغلب عليها البزنس و التعاون الاستخباري؛ كشفت عنه الصحافة الامريكية والغربية والاسرائيلية اكثر من مرة؛ و كان ابطالها شركات من امثال Celebrity لقرصنة الهواتف الذكية وشركة الانترنت الاسرائيلية NSO المنتجة لبرنامج التجسس المتطور(بيجاسوس)؛ صفقات تضاعفت مع انطلاق الربيع العربي وبروز حركات الاحتجاج السياسي. 

فالاتفاقات التطبيعية في واشنطن فتحت الباب واسعا لتسليط الضوء على العلاقات التي جمعت الكيان الاسرائيلي بالدول الخليجية المطبعة ؛ خصوصا في مجال الامن السبراني؛ والانتهاكات الخاصة بالحريات العامة وحقوق الانسان ؛ فاتحة الباب من جديد للقوى المدنية بل وللمؤسسات السيادية في الغرب لتوجيه الانتقادات لطرفي المعادلة كما سيفتح الباب لنوع جديد من التحالفات تذكر بالتحالفات التي نشأت للإطاحة بنظام الفصل العنصري جنوب افريقيا والنظم الدكتاتورية والاستبدادية في العالم. 

الاتفاق التطبيعي الجديد سيقوض الاسباب التي تمنع انتقاد الكيان الاسرائيلي في اوروبا والولايات المتحدة الامريكية؛ فما ظن انه نصر كامل الدسم قابل لان يتحول الى هزيمة تكرس عزلة الكيان الاسرائيلي والنظم الاستبدادية في المنطقة العربية.  

قالصحف الامريكية بما فيها واشنطن بوست وول ستريت جورنال انضمت للصحافة العبرية في استعراض بنود الاتفاق الواقع في تسع صفحات  بين الامارات والكيان الاسرائيلي والذي طغى عليه البعد التجاري ؛ متسائلة في الوقت ذاته عن جدوى الاتفاق مع المنامة ومردوده الاقتصادي والسياسي والامني؛ فالاتفاق لن يحسن البيئة الامنية للكيان الاسرائيل ولن يوقف صواريخ المقاومة عن ضرب العمق الصهيوني؛ كما انه لن يحسم ملف البرنامج النووي الايراني المنوط بإرادة المجموعة الدولية ومن ضمنها اوروبا والصين وروسيا؛ ولن يوقف التداعيات الامنية الناجمة عن حرب اليمن على امن الخليج العربي والبحر الاحمر. 

فالكيان الاسرائيلي العاجز عن حماية نفسه من صواريخ المقاومة لن يوفر الحماية لحلفائه وشركائه الجدد في الخليج العربي ففاقد الشئ لا يعطيه؛ ذات نص الرسالة التي حملتها صواريخ المقاومة وعلى راسها حركة حماس لحظة التوقيع على الاتفاق التطبيعي في واشنطن يوم اول امس الثلاثاء 15 ايلول سبتمبر من الشهر الحالي. 

الاسوء من ذلك ان نتنياهو الذي عجز عن وقف الملاحقات القضائية لشخصه ولزوجته ساره في قضايا فساد؛ لا يتوقع ان يوفر الحصانة والحماية لشركائه في الخليج العربي المتورطين في ملفات سيادية امريكية تتعلق بتحقيقات مولر حول التدخل الروسي في الانتخابات الرئاسية للعام 2016؛ فضلا عن التحقيقات المتعلقة بحقوق الانسان واغتيال الصحفي جمال خاشقجي؛ ملفات ستبقى سيف مسلطا وجرحا متعفنا يلاحق الساسة في المنطقة العربية ويتهدد وجودهم ومستقبلهم. 

الاسئلة كثيرة حول مستقبل العلاقة التي ستجمع دول التطبيع العربي بالكيان الاسرائيلي؛ وبرغم التفاؤل الذي يشوب الاطراف العربية المطبعة وعلى راسها المنامة وابوظبي بإمكانية الحصول على دعم ورعاية كلا المرشحين للرئاسة الامريكية جو بايدن والرئيس الحالي دونالد ترمب؛ الا ان تقديراتهم غير دقيقة بالمطلق وعرضة للضياع هباء ؛ تقديرات يغلب عليها التمني تنطبق على حال نتنياهو الذي ظن بانه حقق انجاز على الصعيد الشخصي وعلى صعيد مصالح الكيان الاسرائيلي. 

الاهم من ذلك كله ؛ كيف للحليف الامريكي الذي عجز عن هزيمة حركة طالبان في افغانستان وعن مواجهة التحديات المتصاعدة في سوريا والعراق ان يحقق الامن لدول لا زالت تدار بعقيلة العصور الوسطى؛ معتمدة على المرتزقة والشركات الامنية والسبرانية لملاحقة مواطنيها؛ وكيف للرئيس الامريكي ترمب العاجز عن ضمان مستقبله السياسي ان يضمن مستقبل النخبة المنخرطة في التطبيع. 

ختاما: رحلة البحث عن حليف يمنح الدول المطبعة الامن ويعزز مكانتها داخل الولايات المتحدة الامريكية دحضتها صواريخ المقاومة؛ كما دحضت التحقيقات والملاحقات القانونية لنتنياهو وشركات التجسس الاسرائيلية نظرية الضمانات السياسية للنخبة الطامحة والمتعطشة للسلطة في الخليج العربي. 
1
التعليقات (1)
دحضتها صواريخ المقاومة
الجمعة، 18-09-2020 01:31 م
هل هذه أقوى عبارة في هذا المقال الجميل؟

خبر عاجل