مقابلات

حقوقي دولي: لن يتم إنهاء أزمة سوريا إلا بحل سياسي شامل

إلياس أبو عطا قال إنهم قلقون للغاية على صحة السوريين بسبب هشاشة النظام الصحي- عربي21
إلياس أبو عطا قال إنهم قلقون للغاية على صحة السوريين بسبب هشاشة النظام الصحي- عربي21

* استمرار فشل العملية الدبلوماسية يؤدي إلى عواقب وخيمة وبعيدة المدى على الأطفال والمجتمع السوري

 

* مجلس الأمن لم ينجح في وقف الصّراع بسوريا وتم إعطاء الأولوية للمكاسب السياسية على حساب الاحتياجات الإنسانية

 

* هناك حاجة الآن أكثر من أي وقت مضى للعمليات الدبلوماسية لمنع حدوث أزمة هائلة

 

* جائحة كورونا تعرّض الجميع في سوريا للخطر.. والوضع ما زال يتجه نحو الأسوأ هناك

 

* أكثر من 11 مليون سوري بحاجة للمساعدات الإنسانية.. والاتحاد الأوروبي ودوله هم المانح الأكبر

 

* ارتفاع أسعار المواد الغذائية بشكل هائل جعل الوضع أكثر بؤسا.. والممارسات الحالية تضع حماية الأطفال على المحك

 

* إلغاء تصريح استخدام معبر باب السّلام لعبور المساعدات الأممية سيكون له تأثير مدمّر على 1.3 مليون شخص

 

* ظاهرة زواج الأطفال بشمال غرب سوريا ازدادت بشكل ملحوظ.. وهذا أمر مقيت للغاية

 

* أكثر من 80% من السوريين تحت خط الفقر.. الاستياء الشعبي يتزايد جراء تدهور الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية

 

* نخشى ضياع جيل كامل من أطفال سوريا.. ونصف النازحين في شمال غرب البلاد من الأطفال

 

* تعداد منظمتنا وصل إلى مليون ونصف المليون سوري بالخدمات المنقذة للحياة من بينهم 850 ألف طفل

 

 قال المدير الإعلامي لمكتب الاستجابة للأزمة السورية بمنظمة الرؤية العالمية (وورلد فيجن)، إلياس أبو عطا، إن "إلغاء تصريح استخدام معبر باب السّلام لعبور مساعدات الأمم المتحدة عبر الحدود لسوريا سيكون له تأثير مدمّر على 1.3 مليون شخص لا يمكن الوصول إليهم إلا من خلال هذا المعبر".

وعبّر أبو عطا، في مقابلة خاصة مع "عربي21"، عن خشيته من "ضياع جيل كامل من أطفال سوريا، خاصة مع وجود أكثر من مليوني طفل سوري خارج المدارس، ومع وجود أكثر من 800 ألف سوري ما زالوا نازحين في شمال غرب البلاد، نصفهم من الأطفال"، مؤكدا أن "العمل في سوريا مُعقد بشكل لا يصدق، وخاصة في مجال تقديم المساعدات؛ فهي لا تزال منطقة نزاع نشطة ومتغيرة باستمرار".

وطالب المجتمع الدولي بالاهتمام بالاحتياجات الإنسانية للشعب السوري، والاهتمام بتعليم أطفال سوريا وحمايتهم من الإساءات والعنف، مضيفا بأنه "علينا ألا نخذل الشعب السوري، لقد عانى بالفعل ممّا يقرب من 10 سنوات من الصّراع، ويجب ألا يستمر في العيش في هذا الكابوس للأبد".

وشدّد المدير الإعلامي لمكتب الاستجابة للأزمة السورية بمنظمة الرؤية العالمية على أنه "لا يمكن التغلب على الأزمة السورية، إلا في حالة وجود حل سياسي هادف وشامل لجميع السوريين"، منوها إلى أن "هناك حاجة الآن أكثر من أي وقت مضى للعمليات الدبلوماسية بين من باستطاعتهم إيجاد الحل والعمل على تنفيذه لمنع حدوث أزمة هائلة".

وتاليا نص المقابلة:

 

الأمم المتحدة أعربت عن قلقها حيال ارتفاع معدلات الإصابة والوفيات جراء انتشار فيروس كورونا في كافة أنحاء سوريا.. فما انعكاسات جائحة كورونا على أوضاع حقوق الإنسان بسوريا؟


نتكلم هنا عن أزمة إنسانية دخلت عامها العاشر والوضع الإنساني لا يزال يتدهور بالنسبة للسوريين، وفي الأخص النازحين منهم في شمال غرب البلاد وشمال شرقها. ففي شمال غرب سوريا لدينا ما يقرب من 4 ملايين شخص نازح، 2.8 مليون منهم في حاجة ماسة للمساعدات الإنسانية، والعديد منهم نزح أكثر من مرة للوصول إلى المكان الذي هو فيه الآن. فأغلبهم ليس لديهم مرافق مناسبة لغسل اليدين، كما أنهم لا يستطيعون ممارسة التباعد الاجتماعي، وخاصة أولئك الذين يقطنون في المخيمات العشوائية وغير الرسمية، لقرب خيمهم البسيطة من بعضها البعض.

ولذلك، فنحن قلقون للغاية على صحة أولئك الأشخاص بسبب هشاشة وضعف النظام الصّحي في البلاد. فما يقرب من 64% من المستشفيات العامة في سوريا تعمل فقط، ويعاني البلد وخاصة في مناطق النزوح من عدم وجود فرق طبية متدربة بشكل كاف للتعامل مع هذه الجائحة، إضافة إلى قلة مرافق الاختبار والفحص ووحدات العزل.

وشهد سعر الصرف لليرة السورية مقابل الدولار الأمريكي تقلبات شديدة، وارتفعت أسعار المواد الغذائية بشكل هائل، ما جعل الوضع أكثر يأسا وبؤسا. سمعنا أيضا عن مشكلة تعرض إمدادات المياه إلى مخيم الهول في شمال شرق البلاد للخطر بشكل متزايد في الأشهر الماضية، حيث أصبح الوضع أكثر حرجا بسبب الصيف ومن أجل الحماية من فيروس كورونا، ما يعرض صحة ورفاه سكان المخيم للخطر ويسبب زيادة التوتر في داخل المخيم.

كمنظمة إنسانية معنية بالأطفال بشكل خاص، فإننا قلقون مما يحدث للأطفال والممارسات التي تضع حمايتهم على المحك. فسمعنا عن ارتفاع نسبة زواج الأطفال في سوريا، وبالأخص بعد بدء الأزمة، وبما أن الوضع ما زال يتجه نحو الأسوأ، فإننا بالتأكيد نخشى من استمرار هذه الإساءات بحق الأطفال وما يترتب عليها من نتائج سلبية تؤثر على صحتهم وتؤدي إلى ضياع حقوقهم في عيش طفولة بعيدا عن العنف والاعتداء. فالعديد منهم لم يروا يوما خاليا من العنف أو النزوح أو المعاناة.

وكما نعلم حديثا فقد تم اعتماد قرار مجلس الأمن 2533، والذي ينص على إعطاء التّصريح لعمليّات عبور مساعدات الأمم المتّحدة عبر الحدود لسوريا لمدة 12 شهرا عبر معبر باب الهوى من تركيا إلى سوريا. ونتيجة لذلك فقد تم إلغاء تصريح استخدام معبر باب السّلام، والذي نعتقد بأنه سيكون له تأثير مدمّر على 1.3 مليون شخص لا يمكن الوصول إليهم إلا من خلاله.

وكيف تقيمون تعاطي النظام السوري مع جائحة كورونا؟


فرضت الحكومة السورية مثلها مثل معظم بلدان العالم إجراءات وقائية كحظر التجول، ومنع السفر بين المحافظات، وإغلاق أماكن التجمعات كالمقاهي والمطاعم وغيرها، ما ساعد بالتأكيد على التحكم بمدى انتشار الفيروس، إلا أننا نشهد الآن ارتفاعا في أعداد الإصابات في البلد ويتركز معظمها في مدينة دمشق، حيث ارتفعت أعداد الإصابات فيها، بحسب تقرير الأمم المتحدة، إلى 463 بعدما كانت 135 إصابة خلال بداية الشهر الماضي.

ما يهمنا الآن هو تسهيل مرور المساعدات الإنسانية وعاملي الإغاثة إلى جميع السكان الذين هم في حاجة ماسة للمساعدات بغض النظر عن أماكن تواجدهم، وهذه المساعدات لا تقتصر فقط على تلك التي ستحميهم من الفيروس، فمثلا هناك حاجة شديدة لفرص العمل، والحصول على المياه النظيفة، والمساعدات النقدية والعينية.

لو تحدثنا عن الدور الذي تلعبه منظمة الرؤية العالمية (وورلد فيجن) في مكافحة فيروس كورونا بسوريا..


تقوم منظمتنا بالعمل من خلال الشركاء في شمال غرب سوريا، حيث تقدم خدمات تتعلق بالصحة كتوفير وحدات عزل وأسرة لعلاج الإصابات، إضافة إلى توفير مياه نظيفة كافية تبلغ حصة الفرد منها في بعض الأحيان 40 لترا في اليوم.

تقوم المنظمة أيضا بإحالة الأشخاص الذين يأتونها وهم مصابون بالفيروس إلى المرافق الصحية التي ستُعنى بهم. وتعقد المنظمة جلسات توعية خاصة بالكورونا عن طريق الإنترنت من أجل الحد من التواصل الشخصي مع الناس. أما بالنسبة لحماية الأطفال، فنقوم بتدريب موظفينا على أسس التعامل مع فيروس كورونا، ومن ثم يقومون بعقد جلسات توعية للأطفال عبر الإنترنت.

ففي العام السابق، وصلنا إلى ما يقارب المليون ونصف المليون سوري بالخدمات المنقذة للحياة، 850 ألفا منهم من الأطفال.

دعوتم قادة العالم إلى تسهيل وصول المساعدات الإنسانية دون قيود وتوفير التمويل بشكل عاجل لزيادة اختبارات وفحوصات كورونا.. فكيف ترون مدى الاستجابة لدعوتكم؟


صحيح، فلقد كانت جهودنا مكثفة في الوقت الذي كنا فيه نقترب من موعد عقد مؤتمر بروكسل للمانحين من أجل الضغط على دول الاتحاد الأوروبي المشاركة لجمع تمويل أكبر، وهو ما حدث بالفعل في المؤتمر، حيث تم التعهد بـ 5.5 مليار دولار أمريكي لعام 2020، و2.2 مليار دولار أمريكي للعام التالي وما بعده.

وأصدرنا تقريرا يتحدث عن ظاهرة زواج الأطفال في شمال غرب سوريا، حيث يفيد التقرير بأن هذه الممارسة قد ازدادت بشكل ملحوظ منذ اندلاع النزاع قبل عشر سنوات. وفي مؤتمر بروكسل للمانحين حاولنا أن نشدّد على أهمية التعليم من أجل الأطفال وحمايتهم كأولويات يجب على الحكومات أن تضعها في خطط الاستجابة للأزمة السورية.

وفي ما يتعلق بمجلس الأمن الدولي، فقد كانت منظمة الرؤية العالمية (وورلد فيجن) من المنظمات التي تحدثت بشكل كبير ومتكرر عن أهمية تجديد القرار 2504، واستمرار مرور المساعدات الإنسانية عبر الحدود. فقد انضمت المنظمة إلى الأمم المتحدة والمنظمات الإنسانية النظيرة للضغط على الدول الأعضاء في مجلس الأمن لكي يسمحوا باستمرار عبور المساعدات الإنسانية عبر معبري باب الهوى وباب السلام في شمال غرب البلاد، كما أننا طالبنا بإعادة السماح بعبور مساعدات الأمم المتحدة عبر معبر اليعربية في الشمال الشرقي.

ومع ذلك، فإنه لا يمكن التغلب على الأزمة إلا في حالة وجود حل سياسي هادف وشامل لجميع السوريين. كان من المبشر توجيه شكر من قبل بعض الدول الأعضاء للمنظمات الإنسانية لجهودها في ما يتعلق بالمناصرة والدفاع عن حقوق اللاجئين والنازحين.

لماذا فشلت محاولات المجتمع الدولي والضغوط من أجل السماح للمنظمات الإنسانية في تدفق مستمر للمساعدات عبر الحدود والمناطق المحاصرة؟


العمل في سوريا مُعقد بشكل لا يصدق، وخاصة في مجال تقديم المساعدات. ولا تزال سوريا منطقة نزاع نشطة ومتغيرة باستمرار، كما شهدنا في أوائل عام 2020 مع نزوح ما يقرب من مليون شخص. وتواصل الوكالات الإنسانية تذكير المجتمع الدولي بأن الحاجة الإنسانية يجب أن تكون ذات أولوية. ويؤدي استمرار فشل العملية الدبلوماسية إلى عواقب وخيمة على الأطفال والمجتمعات السورية.

وأضاف فيروس كورونا بُعدا آخر لهذه الأزمة، وهو البعد الذي يعرّض الجميع في سوريا للخطر، على الرغم من أنه يؤثر عليهم بشكل غير متناسب. هناك حاجة الآن أكثر من أي وقت مضى للعمليات الدبلوماسية بين جميع أطراف النزاع لتحقيق وقف دائم لإطلاق النار ووصول آمن ومستمر للجهات الفاعلة الإنسانية للاستجابة ومنع حدوث أزمة هائلة.

هل عملكم يركز بشكل أكبر على حماية الأطفال والنساء من الهزّات الارتدادية لجائحة كورونا؟


نحن نعملعلى حماية الأطفال والنساء من الآثار الجانبية لجائحة كورونا، وذلك عن طريق رفع الوعي لدى المنتفعين حول الخدمات المتاحة، وكيفية الوصول إليها عن طريق مجموعات الواتس آب، إضافة إلى تقديم خدمة إدارة الحالة والتي لم تتوقف واستمرت خلال فترة الجائحة.

خدمات الدعم النفسي الاجتماعي يتم تقديمها عن طريق الهاتف للأشخاص المحتاجين للتخفيف من الآثار النفسية الناتجة عما خلّفته هذه الحالة كالتوتر والاكتئاب وغيرها من المشاعر غير المريحة التي يعاني منها المنتفعين والتشبيك مع مقدمي الخدمات، وذلك حسب الحاجة.

ما مدى قدرة الأمم المتحدة على الاستمرار في تقديم المساعدات الإنسانية لجميع المحتاجين بسوريا؟


طالما بقيت الضرورة الإنسانية قائمة، فهناك التزام بتقديم المساعدة المنقذة للحياة.

هل الخلافات بين أعضاء مجلس الأمن سبّبت شلل الأمم المتحدة عن اتخاذ مواقف حاسمة تساهم في إنهاء أو تقليل تلك الانتهاكات بحق المدنيين السوريين؟


بصفتها منظمة إنسانية غير حكومية، تواصل منظمة الرؤية العالمية (وورلد فيجن) تعاونها الوثيق مع هيكل مساعدات سوريا بأكمله، بما في ذلك الجهات الفاعلة التابعة للأمم المتحدة مثل مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية التابع للأمم المتحدة OCHA والشركاء الرئيسيين مثل اليونيسف. وحيثما كان ذلك ممكنا، يدعو العاملون في المجال الإنساني إلى وصول أكثر حيادية ونزيهة إلى السوريين الذين يحتاجون إلى مساعدات منقذة للحياة والسياسات التي تدعم ذلك.

ويلعب مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة دورا مهما في إصدار القرارات التي تضمن الوصول المبدئي للجهات الفاعلة الإنسانية- الأمم المتحدة والمنظمات غير الحكومية على حد سواء. من الواضح جدا أن المجلس لم ينجح في وقف الصّراع في سوريا على مدى العقد الماضي. ففي كثير من الحالات، تم إعطاء الأولوية للمكاسب السياسية على حساب الاحتياجات الإنسانية، وكانت العواقب وخيمة وبعيدة المدى.

بصفتنا عاملين في المجال الإنساني ومدافعين عن حقوق الإنسان، نواصل تذكير الحكومات بواجباتها ومسؤولياتها لحماية المدنيين في حالات النزاع المسلح والدعوة إلى المساءلة. وتمثل الدول الأعضاء في الأمم المتحدة مواطنيها، الناس مثلي ومثلك. ومن المهم أن يتم إبلاغ الناس بالقرار الذي يتخذه ممثلوهم والتعبير عن أي مخاوف لديهم. وعلى هذا النحو، فإننا نحث المجلس باستمرار على إيجاد طرق لاعتماد قرارات تعطي الأولوية للضرورة الإنسانية.

منظمة "هيومن رايتس ووتش" حذّرت من أن الأمم المتحدة قد تجد نفسها بعد سنة، عندما تنتهي مدة القرار 2533، من دون أي إمكانية لتفويض جديد.. ما تعقيبكم؟ وهل من طرق جديدة لاستئناف عمليات تقديم المساعدات الإنسانية؟


القرار 2533 هو قرار إنساني يقوم على ضرورة إنسانية. وافق جميع أعضاء مجلس الأمن على ذلك، ولكنهم عبّروا عن ذلك بطرق مختلفة. إذا كانت لا تزال هناك حاجة إنسانية ولا يمكن الوصول إلى هؤلاء السوريين إلا من خلال عمليات عبر الحدود، فيجب على مجلس الأمن الدولي اعتماد قرار جديد عند انتهاء صلاحية 2533، ولا ينبغي تسييس المساعدة. يمكن ويجب تقديم المساعدات الإنسانية من خلال جميع الوسائل وفي جميع الأوقات، وهذا يعني عبر الحدود إذا لزم الأمر وعبر الخطوط وبشكل مباشر.

وكيف تنظرون لحجم الدعم المُقدم من الجهات المانحة؟ ومَن هم أبرز المانحون حاليا؟


لقد كانت التعهدات التي أُعلن عنها مع انتهاء مؤتمر بروكسل الرابع أكبر من تلك في العام السابق، فما يهمنا هو التزام المانحون بها وتوفير التمويل في سوريا والأردن ولبنان والعراق ومصر. تم التعهد بـ 5.5 بليون دولار أمريكي لعام 2020، و2.2 بليون دولار أمريكي لعامي 2021 و2022. وتأتي هذه التعهدات السخية لدعم سوريا والدول المجاورة في الوقت المناسب حيث يحتاج أكثر من 11 مليون سوري إلى المساعدة الإنسانية. وفيما يتعلق بأبرز المانحين للأزمة السورية حاليا، فيعتبر الاتحاد الأوروبي ودوله هم المانح الأكبر.

كيف تنظرون لقانون "حماية المدنيين في سوريا"، المعروف اختصارا باسم "قانون قيصر" الذي أقرته الولايات المتحدة لفرض عقوبات على سوريا؟


إن منظمة الرؤية العالمية (وورلد فيجن) هي منظمة إنسانية شفافة محايدة تُعنى بالشأن الإنساني فقط. ففي 17 حزيران/ يونيو، دخلت العقوبات الأولى بموجب قانون قيصر حيز التنفيذ، وساهم هذا القانون في زيادة العبء على الشعب السوري من خلال عدة منحنيات. ففي البداية تأثر الاقتصاد السوري بانخفاضات غير مسبوقة في قيمة الليرة السورية، والتي تراجعت بنحو 50% (إلى حوالي 3.100 ليرة سورية لكل دولار أمريكي).

كما وصلتنا تقارير تشير إلى ازدياد الاستياء الشعبي جراء تدهور الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية. حيث يعيش أكثر من 80% من السوريين تحت خط الفقر، وسيؤثر المزيد من الانخفاض في قيمة الليرة على القوة الشرائية لملايين الأشخاص وإمكانية وصولهم إلى السلع الأساسية. وفقا لبرنامج الأغذية العالمي، 9.3 مليون شخص في جميع أنحاء سوريا يعانون من انعدام الأمن الغذائي، وهو رقم سيزداد مع ارتفاع أسعار المواد الغذائية واختفاء السلع من الأسواق المحلية تماما. ففي النهاية لا يسعنا القول إلا أن هذا القانون سيزيد من شدة الأزمة التي لن يستطيع الشعب السوري تحمل وزرها.

أخيرا.. ما مستقبل حقوق الإنسان بسوريا حسب رأيكم؟


حتى يومنا هذا، فإن الوضع غير مطمئن بالنسبة لحقوق الشعب السوري. فقد ساهم هذا النزاع في زيادة الممارسات الخاطئة في حق الأطفال والصغار كالعنف والإساءات والزواج المبكر، فمثلا سمعنا بأن الأهل يقومون بتزويج بناتهم للتخلص من العبء المالي لهم، وهذا أمر مقيت للغاية. فهناك من الشعب في سوريا ممن ليس لديهم منزل يسكنون فيه، يسكن البعض منهم في خيم بسيطة أو في بيوت غير مجهزة أو كاملة البناء.

ومع اقتراب فصل الشتاء، فسيعاني هؤلاء الناس المعاناة ذاتها التي حصلت في الشتاء السابق. فهناك من الأطفال من توفى جراء الطقس البارد وآخرون توفوا جراء الاختناق بغاز التدفئة أثناء النوم، كما أنه هناك من احترقت خيمته فأمسى بلا مأوى. هناك عشرات القصص التي وردتنا، والتي تدمع عند سماعها الأعين؛ فالمعاناة التي يعانيها الشعب مهولة يصعب علينا إدراكها. فسمعت قصة ليست بقديمة عن امرأة حامل كانت تسافر مع زوجها وهي في حالة ذعر بحثا عن ملاذ ولم تكن تعلم أين يمكنها أن تلد طفلها. وهناك من توفى زوجها بسبب النزاع وبقيت حالتها الصحية سيئة حتى بعد أن ولدت طفلا إلى أن توفاها الله وتركت أطفالها يتيمين من دون ولي أمر.[EAA3] 

وقد ندرت فرص العمل وخاصة مع انتشار فيروس كورونا وما ترتب عليه من فرض إجراءات احترازية وقيود على الحركة للحد من انتشاره.

وبات حق الأطفال في التعليم أيضا في خطر، خاصة مع وجود أكثر من مليوني طفل سوري خارج المدارس لعدة أسباب منها تدمير نسبة كبيرة من البنى التحتية التي شملت المدارس والمستشفيات في بعض المناطق. فإننا نخشى من ضياع جيل كامل من أطفال سوريا الذين من المفترض بأن يكونوا قادة الغد ومن سيبني وطنه. ومع وجود أكثر من 800 ألف سوري ما زالوا نازحين في شمال غرب البلاد، نصفهم من الأطفال، فإنه من الضروري العمل على وقف إطلاق النار ومنع حصول المزيد من حركات النزوح عبر البلاد.

نطلب من المجتمع الدولي ومن المانحين الاهتمام بتعليم أطفال سوريا وحمايتهم من الإساءات والعنف، كما نطلب منهم الاهتمام بالاحتياجات الإنسانية للشعب السوري كتوفير الخدمات الصّحية والمواد الغذائية والمياه النظيفة، إضافة إلى الاحتياجات طويلة المدى كبرامج التعليم والحماية وتوفير فرص العمل. فمع إزالة نقطة عبور حدودية للمساعدات الإنسانية، فإن الوصول إلى المحتاجين لم يكن حاسما سابقا كما هو الآن. علينا جميعا أن نتكاتف من أجل دعم العائلات المستضعفة بينما تكافح من خلال الوباء والأزمة الاقتصادية التي تجتاح البلاد. علينا ألا نخذل الشعب السوري، لقد عانوا بالفعل ممّا يقرب من 10 سنوات من الصّراع ويجب ألا يستمروا في العيش في هذا الكابوس للأبد.

 


موظفو منظمة الرؤية العالمية يقومون بتقديم جلسات توعوية حول فيروس كورونا

 


موظفو منظمة الرؤية العالمية يعملون على التزويد بالمياه النظيفة في أحد مخيمات النزوح في شمال سوريا

 

أحد مخيمات النزوح في شمال سوريا

نازحون سوريون بعد أن تلقوا مساعدات إنسانية في أحد المخيمات الواقعة في شمال سوريا خلال فصل الشتاء الماضي

التعليقات (0)

خبر عاجل