قالت مجلة
"إيكونوميست"،
إن النفقات الدفاعية لدى الدول، زادت خلال الفترة الماضية، لكن مرحلة ما بعد فيروس
كورونا، ستفرض أولويات أخرى، وقد تؤدي إلى قطع في الميزانيات المخصصة لشراء
السلاح.
ولفتت المجلة في تقرير ترجمته
"عربي21"، إلى أن
الجيوش شاركت مع الأطباء والممرضين والعلماء في جهود
محاربة فيروس كورونا، ولعبت دورا في البحث عن لقاح، وعليها أن تحصل على ميزانية
ضرورية لكن في عام 2019 بلغ
حجم النفقات العسكرية وصفقات شراء
الأسلحة 1.9 تريليون دولار. وهو أكبر تضخم في
النفقات الدفاعية منذ ثلاثة عقود، حسب تقرير نشر في 27 نيسان/أبريل عن معهد
ستوكهولهم الدولي لأبحاث السلام.
وأشارت المجلة إلى أنه
مع تباطؤ الاقتصاد العالمي، وتراكم الديون، إثر أزمة كورونا، ستخسر البنادق حصتها
لصالح الخبز، لافتة إلى أن مرحلة ما بعد الحرب الباردة، انخفضت النفقات على السلاح
حيث وصلت إلى حوالي تريليون دولار نهاية التسعينات من القرن الماضي.
وأضافت: "لكن
الإقبال تزايد بداية القرن الحادي والعشرين، حيث بدأت أمريكا الحرب على الإرهاب،
وأحدث الاقتصاد الصيني قفزات كبيرة. وبعد انخفاض قصير ارتفعت النفقات على السلاح
كل عام منذ 2015 وذلك بسبب التنافس بين الولايات المتحدة والصين ومخاوف الأوروبيين
من العدوان الروسي والإسراف العربي في شراء السلاح".
وأشارت إلى أن قائمة
الدول الأكثر شراء للسلاح كانت تتغير في كل مرة. ولا تزال الولايات المتحدة في قمة
الدول الأكثر إنفاقا على السلاح، رغم بعض السنين العجاف. فيما انخفضت النفقات على
السلاح بما في ذلك كلفة العمليات العسكرية حول العالم ما بين 2010- 2017 بنسبة
الخمس. ولا تزال تحت 15% وهي فترة الذروة في عام 2010.
ولفتت المجلة إلى أن
الولايات المتحدة تظل قوة لا يستهان بها في مجال النفقات، حيث أشار تقرير المعهد
السويدي إلى أن مصاريف أمريكا زادت عام 2019 بنسبة 5.3% بواقع 732 مليار دولار أي
خمسي الإجمالي العالمي هذا بالإضافة إلى 10 دول معها على في قائمة النفقات
العسكرية. ونسبة الزيادة السنوية للنفقات تعدل النفقات السنوية لألمانيا.
واشارت إلى أن أمريكا ضيقت
الفجوة بينها وبين الصين التي تأتي في المرتبة الثانية، والتي زادت نفقاتها بنسبة
5.1% أي 261 مليار دولار والتي تساوي ثلث النفقات الأمريكية على السلاح.
ومع ذلك يناقش بعض
الخبراء أن الغموض في الميزانيات العسكرية الصينية يقود أحيانا إلى تقديرات غير
حقيقية. ولو أخذنا هذا بعين الإعتبار وتعامل الصين مع الدول ذات الدخول المتدنية
لبيع السلاح فإن النفقات العسكرية الصينية قد تصل إلى نسبة 87% من النفقات
الأمريكية، كما يقول فردريكو بارتلز من منظمة "هيرتيج فاونديشين".
ولفتت المجلة إلى أن
التقدم التكنولوجي يخفي النفقات الخام وراءه، فالصين وفقا لنائب وزير الدفاع
الأمريكي السابق، روبرت وورك، كان تركز على السلاح التكنولوجي، وتقود المنافسة
العسكرية التقنية نحو مجالات حيوية مثل الفيزياء الكمية، والتكنولوجيا الحيوية
والصواريخ الباليستية والعابرة للصوت.
وقالت
"إيكونوميست" إن الهند تقدمت من المرتبة التاسعة عام 2010 إلى المرتبة
الثالثة عام 2019 وأنفقت مبلغا متواضعا وهو 71.1 مليار دولار، أما روسيا التي زادت
من نفقاتها على الدبابات والبوارج الحربية والصواريخ في وقت سابق فقد بلغت نفقاتها
65.1 مليار دولار. ورغم تراجع نفقات السعودية بنسبة 16% ولكن نفقاتها 61.9 مليار
دولار لا تزال ضخمة.
وأشارت إلى أنه لا
يوجد على قائمة الدول الخمس الكبرى واحدة من الدول الأوروبية، ولا بريطانيا أو فرنسا
اللتان احتفظتا بموقع على القائمة الأولى أو ألمانيا التي تقوم تدريجيا بزيادة
التسلح، وأنفقت كل واحدة منها 50 مليار دولار.
وأشارت إلى أن نظرة
قريبة إلى حدود روسيا، نرى تضخما في ميزانيات دفاع دول وسط أوروبا، التي زادت نسبة
النفقات لها بـ 14%.
ورغم متاعب حلف الناتو
وانتقاد الرئيس الأمريكي له فإن نفقات أعضائه في العام الماضي، باستثناء أمريكا
وصلت إلى 303 مليار دولار. وليس غريبا أن تزيد الدول من نفقاتها على السلاح،
فالتوتر يزداد بين أمريكا والصين، وزاد انتشار وباء كورونا من عدم الثقة بينهما.
وأشارت إلى أنه وفي
نفس الوقت الذي يزداد فيه الإنفاق، تنهار معاهدات التحكم بالسلاح كما حدث العام
الماضي في منطقة الخليج. وستتواصل هذه التوجهات مع مواجهة الدول رياحا معاكسة
خطيرة. فانهيار أسعار النفط لأدنى مستوياته منذ عقود أدى لتراجع الطلب العالمي،
وحتى مع الصفقة التي رعتها السعودية بين الدول المنتجة للنفط فلن يتوقف انخفاض
الأسعار. وسيترك هذا أثره على الدول البترولية التي جمعت السلاح خلال السنين
السمان.
وتوقعت المجلة خسارة
روسيا 165 مليار دولار من صادرات النفط والغاز عام 2020. ويتوقع خفض قطر والسعودية
والإمارات العربية التي تعد الأكثر إنفاقا على السلاح، النفقات العامة. ولن يكون
لدى الدول الديمقراطية ما تفرح من أجله بسبب تداعيات فيروس كورونا، والتي ستظل
آثاره واضحة.
وقالت إن البنك الدولي
يتوقع إنكماش الاقتصاد العالمي بنسبة 3% هذا العام، وهو اسوأ تباطؤ منذ الكساد
العظيم. ويتوقع تأثر أمريكا وبريطانيا وكندا وفرنسا وألمانا وإيطاليا التي تعد
الأكثر إنفاقا في الناتو وبطريقة سيئة. فيما وصلت قيمة الميزانيات الطارئة لمنع
انهيار الإقتصاد إلى 8 تريليون دولار وعلى مستوى العالم ما نسبته 9.5% من الدخل
العالمي، وهو ما سيخلف وراءه جبالا من الديون.
ورأت المجلة أنه نتيجة
لهذه الظروف ستواجه الحكومات ضغوطا، لتحويل النفقات على قطاعات الصحة وشبكات
الحماية الإجتماعية وأقل على السلاح.
وقال مايكل فورموسا من
مؤسسة "رينسنس ستراتيجيك أدفايزرز" المختصة في الاستشارات الاستراتيجية،
"نرى إشارات عن تأجيل الحكومات عمليات الشراء"، مضيفا أن شبكات إمداد
السلاح قد تعاني على المدى القريب.
و وأشارت المجلة إلى
أن خفض النفقات سيكون المسمار في نعش الناتو، الذي تخصص دوله نسبة 2% من الدخل
العام للدفاع. ويقول كريستوفر سكالوبا وإيان بريجنسك، مبادرة الأمن عبر الأطلسي إن
"هذا قد يشعل النقاش حول المشاركة في العبء ويضر بالعلاقات بين جانبي
الأطلنطي وبتداعيات حول استعداد أمريكا الحفاظ على قوات في أوروبا".
وقدرت مؤسسة راند أن
استمرار النفقات الدفاعية على معدلها 3.2% من الناتج العام، لا يعني عدم قطع
النفقات الدفاعية وقطع ما بين 350- 600 مليار عن ميزانية البنتاغون خلال العقد
المقبل.
وقال فرانك هوفمان من
جامعة الدفاع الوطني الأمريكية إن "الأولويات الوطنية ستفرض نفسها أولا وأخرا
وتتجه نحو تحسين الدخل والسلامة الصحية وقدرات وبنى تحتية أفضل"، مشيرا إلى
أنه وفي أسوأ سيناريو، قد تنخفض ميزانيات الدفاع إلى 610 مليار دولار مما يعني
"مستوى من تخفيض القوات والقواعد الأمريكية، والمناورات في الخارج، وقطع في
خطط التحديث، لأن منافع السلام يجب أن تذهب للمدنيين".