هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
نشر موقع "بلومبيرغ" تقريرا أعده عدد من مراسليه، تحت عنوان "بوتين يرمي (أم بي أس) ويبدأ حربا ضد صناعة الزيت الصخري".
ويبدأ الكتّاب تقريرهم بالقول إنه "في الساعة 10:16 في يوم ماطر وكئيب، صباح الجمعة، دخل وزير النفط الروسي إلى مقرات منظمة الدول المنتجة والمصدرة للنفط (أوبك) وسط فيينا، وهو يعلم أن رئيسه مستعد لقلب سوق النفط رأسا على عقب".
ويشير التقرير، الذي ترجمته "عربي21"، إلى أن الوزير ألكسندر نوفاك أخبر نظيره السعودي، الأمير عبد العزيز بن سلمان، بعدم رغبة الروس في تخفيض إنتاج النفط أكثر، وقرر الكرملين دعم النفط، خاصة أن فيروس كورونا أثر على مستويات الطلب على النفط، وسيكون أي قرار بمثابة هدية لصناعة الزيت الصخري الأمريكية.
ويلفت الموقع إلى أنه في الوقت الذي أضافت فيه شركات النفط الأمريكية في هذا القطاع ملايين براميل النفط إلى السوق، فإن حقول النفط الروسية ظلت هادئة، و"قد حان الوقت للضغط على الأمريكيين".
ويفيد التقرير بأنه بعد خمس ساعات من المفاوضات المهذبة، لكن العبثية، التي وضع فيها الروس استراتيجيتهم، توقفت المحادثات، وهبط سعر النفط بنسبة 10%، ولم يكن تجار النفط الذين فوجئوا بالوضع، لكن الوزراء الذين صدمهم الوضع، لم يكن لديهم ما يقولونه، بحسب شخص كان حاضرا في غرفة الاجتماع، فيما قال آخر إن الاجتماع بدا كأنه مناحة.
وينوه الموقع إلى أن الرئيس فلاديمير بوتين ظل على مدى أكثر من ثلاثة أعوام في تحالف أوبك زائد، وتعاون مع أعضاء أوبك للحد من إنتاج النفط ودعم أسعاره، وبالإضافة إلى مساعدة وزارة الخزانة الروسية، فإن صادرات النفط الروسية تساعد في توليد الموارد، مشيرا إلى أنه كان من مميزات التعاون توطيد العلاقة بين بوتين وولي العهد السعودي.
ويذكر التقرير أن اتفاق أوبك زائد ساعد صناعة الزيت الصخري الأمريكي، لافتا إلى أن روسيا كانت غاضبة من استعداد إدارة ترامب لاستخدام الطاقة سلاحا اقتصاديا وسياسيا، وأعربت روسيا عن غضبها من استخدام أمريكا العقوبات لمنع استكمال خط أنابيب يربط حقول الغاز في سيبيريا وألمانيا، عرف باسم نورد ستريم2، وقد استهدف البيت الأبيض التجارة الروسية مع فنزويلا وتعامل شركة النفط الروسية "روس نفط".
وينقل الموقع عن رئيس المعهد الدولي الاقتصادي والعلاقات الدولية في موسكو، ألكسندر دينكين، قوله: "قرر الكرملين التضحية بأوبك زائد لوقف صناعة الزيت الصخري ومعاقبة أمريكا بسبب تدخلها في أنبوب نورد ستريم2"، وأضاف: "بالطبع فإن إغضاب السعودية يعد مخاطرة، لكن استراتيجية روسيا في الوقت الحالي هي صورة عن بناء هندسي مرن".
ويشير التقرير إلى أن اتفاق أوبك زائد لم يكن مقبولا لدى الكثيرين داخل صناعة النفط الروسية، الذين عبروا عن سخطهم من أن التحالف عطل خططهم الاستثمارية في مشاريع مربحة، ومن بين هؤلاء المدير القوي لـ"روس نفط" والحليف المقرب من بوتين، إيغور شيشن، الذي قام بمحاولات لمنع القيود، لافتا إلى أن الروس عبروا عن خيبة أملهم من أن التحالف مع السعودية لم يؤد لاستثمارات سعودية في روسيا.
ويلفت الموقع إلى أن نوفاك وفريقه ظلوا يخبرون المسؤولين السعوديين ولعدة أشهر بأنهم راغبون بالبقاء في تحالف أوبك زائد، إلا أنهم مترددون في زيادة القطع في إنتاج النفط، وهو ما قاله أشخاص على معرفة بالعلاقات بين البلدين.
وبحسب التقرير، فإنه بعد آخر لقاء لمنظمة أوبك في كانون الأول/ ديسمبر، تفاوضت روسيا على وضع سمح لها بالحفاظ على إنتاجها كما هو، في وقت تحملت فيه السعودية العبء الأكبر لتخفيض الإنتاج، مشيرا إلى أنه عندما بدأ فيروس كورنا بضرب الاقتصاد الصيني في بداية شباط/ فبراير، ما أدى إلى تخفيض الطلب على النفط السعودية بنسبة 20%، فإن الأمير عبد العزيز حاول إقناع نوفاك بالدعوة لاجتماع مبكر لأوبك زائد، والرد بتخفيض الإمدادات، إلا أن نوفاك رفض، ورغم المكالمة الهاتفية بين الملك سلمان وبوتين، إلا أن ذلك لم يكن أمرا مساعدا.
ويبين الموقع أنه مع انتشار الفيروس، وتوقعات المحللين بأن يكون العام الحالي أسوأ عام للطلب على النفط منذ الأزمة المالية العالمية، فإن المعسكر السعودي كان متفائلا بإقناع روسيا في اللقاء التالي لأوبك، الذي كان مقررا بداية آذار/ مارس، ولم يستبعد الروس إمكانية تخفيض كبير في إنتاج النفط، لكنهم ظلوا يشيرون إلى ضرورة تحمل صناعة الزيت الصخري جزءا من الألم، لافتا إلى أن بوتين كان الحكم النهائي في سياسة روسيا منذ بداية تحالف أوبك زائد في عام 2016، والتقى يوم الأحد مع الوزراء ومنتجي النفط الروس.
وينوه التقرير إلى أنه مع اجتماع وزراء النفط في فيينا هذا الأسبوع، فإن السعودية قامت بالمحاولة الأخيرة للضغط على روسيا، وأقنعت بقية أعضاء أوبك لدعم تخفيض عميق في إنتاج النفط بـ1.5 مليون برميل في اليوم، لكن المسؤولين السعوديين ربطوا الخطة بموافقة روسيا وبقية مجموعة أوبك زائد، مشيرا إلى أن نوفاك كان آخر الذين وصلوا إلى مقرات المنظمة في فيينا، حيث كان زملاؤه القلقون ينتظرون ما سيقوله.
ويفيد الموقع بأنه بحسب شخص عارف بالوضع، فإن ولي العهد السعودي فكر يوم الجمعة بالاتصال ببوتين، إلا أن المتحدث باسمه قال للصحافيين إنه لا يريد أن يتدخل في الأمر، مشيرا إلى أنه بالنسبة للدولتين المنتجتين للنفط فإن "العلاقة بين وزيري النفط لم تكن قوية، وينقصها الانسجام، ولم يتبادلا ولا حتى ابتسامة واحدة"، بحسب شخص حضر اللقاء.
ويشير التقرير إلى أنه مع بدء التسريبات من اللقاء، بدأ سعر النفط بالتقلب، فبدا لتجاره أن اتفاقا بات مستحيلا، وأعربت شركة "روس نفط" عن سعادتها لفشل اللقاء، فتستطيع الآن التحرك وتعزز من سوقها، بحسب المتحدث باسم الشركة، ميخائيل ليونيتف، الذي قال لـ"بلومبيرغ": "لو تنازلت دائما للشركاء فلن تكون شريكا، بل سيكون ذلك أمرا آخر"، وأضاف "دعونا نرى كيف سيشعر المنقبون عن الزيت الصخري في أمريكا في ظل هذه الظروف".
ويستدرك الموقع بأن هذا القرار قد يرتد عكسا، ففي الوقت الذي يواجه فيه المنقبون من تكساس وبقية المناطق في أمريكا مصاعب، خاصة أنهم يواجهون ديونا ويعانون من أسعار الغاز الطبيعي، إلا أن التراجع في الإنتاج الأمريكي قد يأخذ وقتا، مشيرا إلى أن شركتي "إكسون موبيل" و"شيفرون كورب" تسيطران على آبار الزيت الصخري، ولديهما الميزانيات لتحمل أسعار منخفضة للنفط، وربما خسر بعض المنتجين الصغار، لكن البعض لديهم صناديق تحوط ضد تراجع أسعار النفط الخام.
ويلفت التقرير إلى أنه على المدى القصير، فإن لدى روسيا القدرة على تحمل تراجع سعر النفط، حتى لو أصبح سعر البرميل 42 دولارا، فقد احتفظت وزارة المالية بالمليارات لهذه الظروف، إلا أن أثر فيروس كورونا على الاقتصاد العالمي لم يتضح بعد، مشيرا إلى أنه في ظل زيادة براميل النفط التي قد تتدفق على السوق العالمية فلربما وصل سعر البرميل إلى 26 دولارا.
ويجد الموقع بأنه في السعودية، التي يعتمد فيها الإنفاق على مبيعات النفط، فإن لدى الأمير عبد العزيز وشقيقه المحفزات كلها لزيادة الإنتاج من أجل الحصول على أعلى الموارد مع تراجع أسعار النفط.
ويورد التقرير نقلا عن مدير "رابيديان إنيرجي أدفايزرز" والموظف السابق في مجلس الأمن القومي، روبرت ماكنالي، قوله: "ستظل أسعار النفط في تراجع حتى تدخل موسكو والرياض لعبة تحمل أو يتعرض إنتاج النفط لتراجع حاد".
وينوه الموقع إلى أن العلاقات بين البلدين لا تزال ودية، والآليات الدبلوماسية لأوبك زائد في مكانها، بشكل يفتح الباب أمام تعاون الطرفين، لافتا إلى أن نوفاك أخبر زملاءه يوم الجمعة أن أوبك زائد لم تنته.
ويختم "بلومبيرغ" تقريره بالإشارة إلى أن الصور للمؤتمر بعد مغادرة الوفود غرفة الاجتماعات ألمحت لقصة مختلفة، فقد كان العلم الروسي على مقعد نوفاك مرميا، وحذر الأمير عبد العزيز زملاءه، قائلا: "سيكون يوما مؤسفا لنا جميعا"، بحسب شخص كان في الغرفة.
لقراءة النص الأصلي اضغط (هنا)