مقالات مختارة

غابت الحرية فغاب المثقف

عبد العزيز الخاطر
1300x600
1300x600

إذا أردنا البداية في التخلص من الفكر الشمولي وعشوائية الأحكام والخلط بين الأدوار الاجتماعية وتحديد تأثيراتها خارج نطاقها الأيديولوجي الحقيقي، علينا التمييز بين ثلاثة أنماط من الأدوار الاجتماعية الموجودة في المجتمع والتي يجري الخلط بينها ويطغى أحدها على الآخر، بشكل يصبغ المجتمع بصبغته على حساب الأدوار الأخرى وهذه الأدوار أو الأنماط أو الشخصيات هي:


أولا: رجل الدين رغم عدم وجود هذا المسمى بوضوح في ديننا الإسلامي إلا أن دوره واضح ومؤثر، لارتباطه الوثيق بالدور السياسي في مجتمعاتنا العربية، وتساندهما مع بعض في إدارة الدولة العربية بشكل أو بآخر أو مرجعيات أخرى لها القوامة على كل أمور الدولة.


ثانيا: الأيديولوجي: وهو من يؤمن بأيديولوجية معينة يعتقد خلاص الأمة في تبنيها، وهو وجود هش في مجتمعاتنا العربية وتأتي إمداداته غالبا من الخارج، مع أهمية هذا الدور في إنشاء وإقامة الأحزاب ركيزة الديمقراطية إلا أن تأثيرات البنية العربية الدينية القبلية جعلت من وجوده غير ذي تأثير واضح.


ثالثا: المثقف وهو بالضرورة حر ينتمي إلى فضاء الحرية لا يحده سقف ولا ينفعل تحت أي سقف معين. وهؤلاء قليلون ومحاربون ومبعدون ومتهمون، لا تكتمل الثقافة إلا بالحرية، المثقف لابد له من النظر في فضاء غير محكوم بأسبقيات، فتتوالى بالتالي الأفكار وتتجدد العقليات ويتجه المجتمع نحو الحراك الثقافي الحقيقي، وهو ما نشهده وشهدته أوروبا وأمريكا على الدوام؛ لذا هم دائما جهة إرسال فيما نحن دائما جهة استقبال بسبب عدم إدراكنا لمفهوم المثقف. ماذا أنتج أيديولوجيا سوى الترديد للنظريات الغربية؟ وماذا أنتج علماء الدين لدينا سوى إعادة التاريخ وشخوصه؟ كل هذا يتم تحت مسمى المثقف الشيخ والثقافة الدينية والأيديولوجية.


ما يسمى بمثقف السلطة أو مثقف النظام يندرج تحت سقف الأيديولوجي الانتهازي لأنه غير حر بمعنى أنه يتبع الفرصة أو تحكمه المصلحة الضيقة التي لا تتفق ومفهوم الحرية التجريدي.


رجل الدين ليس مثقفا، ربما هو مطلع أو يعلم في نطاقه لكنه لا يمكنه التفكير خارج ذلك النطاق، الأيديولوجي أقل ارتباطا منه ولكن يخرج من أيديولوجية ليدخل في أخرى فهو داخل نطاقات فكر محكومة ومقفلة، ولك أن تتخيل الملايين التي تتبع مشايخ الدين والأيديولوجيين الآخرين بصفتهم مثقفين أو يمثلون فكرا حرا، بينما المطلوب أن يكون كل فرد مثقفا بذاته، بمعنى أن يمتلك حرية التفكير أو الفكر الحر، لندرك أزمة مجتمعاتنا كونها مجتمعات تتحرك داخل نطاقات معينة، وليست تتحرك في فضاء الحرية الكامل.

 

وتلتبس بالتالي الأدوار ويسند الأمر إلى غير أهله، وتعود البنية السابقة للتعليم إلى الواجهة تحت مسمى الثقافة التقليدية ويسيطر رجل الدين كونه مثقف العصر والزمان والدنيا والآخرة على أطياف المجتمع الأخرى. ويختفي الأيديولوجي الوطني ويتلاشى المثقف وتضيق دائرة الفكر الحر أو حرية التفكير.

(الشرق القطرية)

1
التعليقات (1)
محمد قذيفه
الخميس، 05-12-2019 08:43 ص
لكن التجربة يا استاذنا الفاضل ان المثقف هو الذي يناضل ويكافح ويجاهد ويضحي من اجل الحرية فالحرية ومنذ القدم تنتزع ولا توهب حتى داخل الاسرة قد تجد من يحب التسلط والمثقفون في االسابق هم النجوم التي اضاءت ليل الاوطان الحالك

خبر عاجل